الأدغال والغابات.. عالم من الغموض

اكتشاف طفيلية آكلة لحوم بشر وبقايا عظام عمالقة
00:41 صباحا
قراءة 6 دقائق
إعداد: إبراهيم باهو

أثارت الأدغال والغابات النائية في أنحاء العالم، قلق الإنسان وحفيظته على مدى ملايين السنين، بسبب خطورتها وغموضها، ورغم التطور التكنولوجي الهائل في عصرنا مثل تصوير الأراضي بالأقمار الصناعية المتطورة، وظهور بعض الباحثين والمغامرين والمستكشفين الذين حاولوا القيام باستكشاف لبعض أسرار وألغاز تلك المناطق، إلا أن الكثير منها لا تزال غير مستكشفة، ولم يعرف من هم الذين يقطنوها من القبائل البدائية، ولا ما هي الكائنات الحية التي تعيش بداخلها، وربما تخفي كل شجرة فيها المئات من الأمور المحيرة خلفها، التي لم تكتشف بعد، التي نستعرض بعضها من خلال السطور التالية.

}} اختفاء مايكل روكفلر

من أكثر الألغاز إثارة، التي لا تزال رهن نظريات المحققين، حادثة اختفاء الشاب والمستكشف الأمريكي مايكل روكفلر، ابن نيلسون روكفلر نائب الرئيس الأمريكي جيرالد فورد بين 1974 و 1977، التي حصلت في 17 نوفمبر/‏ تشرين الثاني 1961 بعد انقلاب القارب الذي كان يستقله مايكل بالقرب من شواطئ نهر «ايلاندن» أثناء استكشافه حياة الشعوب والقبائل النائية بالقرب من أدغال جزيرة غينيا الجديدة جنوب غرب المحيط الهادي شمال أستراليا.
وتعود تفاصيل قصة الاختفاء إلى تقطع السبل بمايكل وزميله في عرض المحيط على بعد نحو 16 كيلومتراً من الجزيرة، ليقرر روكفلر أن باستطاعته السباحة للوصول إلى البر لجلب المساعدة، ومنذ ذلك الوقت وبعد أن شق طريقه نحو شواطئ الجزيرة، لم يعرف له أثر، لكن تفسيرات كثيرة ظهرت لاختفائه، أحدها أنه غرق في المحيط، وآخر بحسب كتاب أصدره الصحفي الأمريكي كارل هوفمان بعنوان «بدائيو الحصاد: قصة أكلة لحوم البشر»، أن الشاب لقي حتفه على يد «آكلي لحوم البشر» من أبناء قبيلة «أسمات» بعد نجاحه في السباحة لمسافة طويلة والاقتراب من الشاطئ؛ حيث التقطوه بأحد قواربهم، ونقلوه إلى القرية وسط الأدغال، وأقاموا من فورهم طقوسهم المعتادة عند الاحتفال بالقبض على «ضحية بيضاء». ورغم أن والدة مايكل استأجرت شخصاً خاصاً عام 1979 للبحث عن ابنها بالمنطقة التي اختفى بها، إلا أنه وبعد عدة أشهر من البحث والتقصي عاد الشخص وهو بول توهي إلى نيويورك حاملاً معه 3 جماجم بشرية، قال إنه عثر عليها في الموقع، وقال إنها تخص ضحايا من أصحاب البشرة البيضاء، لكن الأسرة شككت في مصداقيته، واعتبرت مهمته فاشلة، معتبرة أن الجماجم لا تعنيها في شيء خاصة أن تحليل الحمض النووي أثبت أنها لا تخص الشاب الضائع.

}} أسطورة النهر المغلي

النهر المغلي أو «نهر الغليان» الواقع في أعماق غابات الأمازون المطيرة في البيرو بقارة أمريكا الجنوبية، لم يعرف حتى الآن ما السبب وراء غليان مياهه على الرغم من وجود تفسيرات وفرضيات عنه.
ويعتقد السكان المحليون أن مياه النهر مصدرها ثعبان عملاق يدعى يوكاماما (ويعني: أم المياه)، أما العلماء الجيولوجيون فالبعض منهم يرى أنه مجرد أسطورة مؤلفة من سكان المنطقة، معتمدين على نظرية أن حرارة المياه في الينابيع والأنهار مرتبطة بوجود بركان قريب يعمل على تسخينها.
ويعتقد البعض الآخر من الجيولوجيين أن سبب حدوث الظاهرة،أن شركة حفر مزقت عن طريق الخطأ نظام الطاقة الحرارية الأرضية، مما نتج عن ذلك تسرب الغازات إلى النهر.
ويدرس حالياً أندريس روزو، عالم في الطاقة الحرارية الأرضية بالبيرو، تلك الظاهرة ويأمل في حل لغز غليان المياه، وعلى إثر ذلك ألف كتاباً للتعريف بالنهر ويأمل أن يلفت أنظار العلماء والباحثين إليه. وفي كتابه، يشير روزو إلى أن المياه ربما سقطت في الأصل على شكل أمطار، ومن المحتمل أنها تسربت تحت الأرض؛ حيث تم تسخينها من قبل الطاقة الحرارية، قبل أن تعاود الظهور.
ويشير العلماء إلى أن درجة حرارة مياه النهر تبلغ أكثر من 80 درجة مئوية، وتصل في بعض أجزائه أحياناً إلى أكثر من 100 درجة ؛ حيث يبلغ عرضه 25 متراً، وعمقه يصل إلى نحو 6 أمتار، ويمتد بطول 6.4 كم، وتعتبر درجة حرارة مياهه كافية لإحداث حروق من الدرجة الثالثة لأي شخص، وهو مكان مميت للحيوانات التي تسقط فيه خطأ.

}} طفيليات تنهش البشر

عام 2011 أعلن فريق من باحثين في جامعة هوستن والمعهد الهندوراسي للأنثروبولوجيا والتاريخ، اكتشاف مدينة ضائعة تدعى «المدينة البيضاء» في قلب الغابات المطيرة في هندوراس، بمنطقة «لا موسكيتيا» شمال شرق البلاد، وبحسب الباحثين فإن الغابة كانت مسكونة في القرن السادس عشر من قبل شعوب حضارة الأزتك، لكنهم هجروها بسبب انتشار طفيلية آكلة لحوم كانت تنهش أجسادهم.

وخلال السنوات الماضية تعددت البعثات التي حاولت اكتشاف لغز هذه المدينة، وسر هذه الطفيلية إلا أن جميعها فشلت، وآخرها كانت تلك التي شارك فيها المؤلف والمستكشف الأمريكي الشهير دوجلاس بريستون، قبل أكثر من عامين، وكتب كتاباً عن ذلك تحدث خلاله عن معاناته وفريق البحث في العيش بالمنطقة التي لم يقطنها أحد منذ سنة 1520.

وذكر بريستون أنهم على الرغم من فشلهم، كانت المفاجأة بأن الطفيلية لمسها عدد من أفراد الفريق، وعلى إثر ذلك تلقوا علاجاً فورياً قبل أن يفقدوا وجوههم.

وفي مقابلة للمؤلف الأمريكي عن تجربته، قال: «هذه الطفيلية تتسرب إلى الأغشية المخاطية بالأنف لتبدأ بنهشه، وتدخل عن طريق الفم لتنهشه أيضاً، ثم يبدأ نهش الوجه بأكمله». وذكر بريستون أنهم واجهوا هجوماً من ثعابين سامة جداً في مخيمهم ليلاً أثناء عمليات التنقيب، ونجوا بأعجوبة، وبعد ذلك قرروا أن يتركوا المكان لشعورهم بالخوف الشديد، وأن المنطقة أصبحت تعرض حياتهم للخطر.
وأكد المؤلف الأمريكي أن الباحثين اكتشفوا أطلالاً مدفونة تتوافق مع المدينة البيضاء الأسطورية المدفونة في الغابات الممطرة حول وادي محاط بالمنحدرات، والمشهورة ببلد الثروة الطائلة التي اختفت قبل نحو 600 عام، ويقول: «لا نعرف أي شيء عن هذه المدينة والحضارة التي قامت فيها؛ حيث لم يجد الباحثون سوى بقايا مهجورة عمرها 1000 عام، بما في ذلك بقايا ساحات عامة وأهرامات، ومخبأ يتكون من نحو 500 جسم حجري منحوت بشكل معقد».

}} مدينة العمالقة الضائعة

عام 2012 استطاع فريق من الباحثين بمساعدة عدد من السكان الأصليين في قلب أدغال الإكوادور، الكشف عن مدينة أطلقوا عليها «مدينة العمالقة الضائعة»، وخلال عمليات التنقيب اكتشفوا هياكل عظمية بشرية وتكوينات وأدوات ضخمة تبدو أنها استخدمت من قبل أشخاص بأطوال وأجسام ضخمة جداً.

ووفقاً للتقارير، فإن أهالي المنطقة دائماً ما كانوا يعتقدون بوجود هذه المدينة في منطقة الأدغال على بعد نحو 125 كم من مدينة كوينكا شرق وسط البلاد، وقال الباحثون إنهم وجدوا عند وصولهم مجموعة من الهياكل الحجرية الضخمة على شكل هرم غريب الشكل، بطول 79 متراً وعرض 79 متراً. كما اكتشفوا أدوات ضخمة جداً، لدرجة أنه يستحيل على إنسان زمننا الحالي استخدامها. ويعد وجود هذه الأدوات دليلاً كافياً على أن عمالقة عاشوا فيها، وأن حجم التشكيلات وأسلوب بنائها أدى إلى الاعتقاد بأن المدينة بنيت من قبل سكان عمالقة، على الرغم من أن الكثير غيرهم يشككون في هذه النظرية.

ويقول العالم راسيل ديمينتا رئيس بعثة التنقيب عن الآثار في الأدغال، إنهم عثروا على جمجمة وقفص صدري غريبين ظهرا على سطح الأرض بفعل سيول غزيرة تعرّضت لها المنطقة. وبعد إجراء فحوص، توصل الخبراء إلى استنتاج مفاده أنّ هذه البقايا البشرية تعود لامرأة عاشت قبل نحو 600 عام، وتبين عقب العثور لاحقاً على بقايا الهيكل العظمي أنّ السيدة كان طولها 223.5 سنتيمتر. وتشير التقارير إلى أنه عُثر حتى الآن على 5 هياكل عظمية بشرية، جميعها، بحسب العلماء، تخلوا من أي علامات تشير إلى حدوث طفرة مرضية في النمو قد تفسّر الطول غير العادي.
ويقول المختصون، إنّ مفاصل الهياكل العظمية التي عُثر عليها تبدو في حالة صحية جيدة، وتجويف القفص الصدري كبير بشكل كاف، لافتين إلى أنّ أحد الهياكل يعود لامرأة عاشت 60 سنة تقريباً، على الرغم من أنّ المصابين من البشر بما يُعرف بالعملقة في العادة يعيشون أقل من ذلك بكثير.

}} شعب يقتل الغرباء

ربما يكون هذا الشعب الأكثر عزلة في العالم، وقد تكون الجزيرة التي يعيشون عليها الأخطر في الكوكب، فهم لا يرغبون في التواصل مع أحد، ويصدون أي محاولة للاتصال بهم من قبل الناس؛ وذلك بقتلهم عن طريق رمي السهام عليهم.
وتعد الجزيرة الصغيرة الحجم إحدى جزر أندمان الهندية الواقعة على خليج البنجال، من الأجمل في العالم، كونها محاطة بالشعاب المرجانية الطبيعية، ويرفض قاطنوها أي شكل من أشكال الاندماج في الحضارة والمدنية الحديثة، فهم لا يرحبون مطلقاً بالاختلاط مع العالم الخارجي.
ويواجه سكان تلك الجزيرة الكثير من التهديدات، سواء الأمراض المعدية التي ليست لدى سكانها المناعة الطبيعية منها، أو العنف من الغرباء، وكانت الحكومة الهندية أعلنت في وقت سابق أن الجزيرة بأكملها منطقة محظورة.
ويسير أفراد هذا الشعب دون ملابس، ويعيشون على تناول الأطعمة البحرية، ويرجع جزئياً عداء القبيلة للغرباء لأحداث من الماضي، ففي أوائل ثمانينات وأواخر تسعينات القرن الماضي، قُتل العديد منهم في معارك مع المنقذين المسلحين الذين عادوا إلى الجزيرة لاسترداد الحديد والسلع من حطام سفينة غارقة. ويقال إنه في أعقاب كارثة تسونامي التي ضربت المحيط الهندي عام 2004، حاولت بعثة إنقاذ على متن طائرة هليكوبتر تابعة للبحرية الهندية، الوصول للجزيرة لانتشال من لا يزال منهم على قيد الحياة، وتوصيل المعونات الغذائية لهم، فكانت النتيجة ردود فعل عنيفة؛ حيث حاول أحدهم استهداف الطائرة برمح قوي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"