اليوم العالمي للامتناع عن التدخين فرصة للنجاة

جهود عيادات “الصحة” ومراكزها متواصلة
01:20 صباحا
قراءة 11 دقيقة
تحقيق: أشجان محمود
يحتفل العالم في 31 مايو/أيار سنوياً باليوم العالمي للامتناع عن التدخين، وهو إحدى المناسبات التي تعزز جهود التشجيع على التوقف عن استهلاك جميع أشكال التبغ مدة أربع وعشرين ساعة في جميع أنحاء العالم، ونشر التوعية بالأضرار الصحية التي باتت تهدد المدخنين، لعل الإقلاع المؤقت يتحول إلى دائم، وتشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن وباء التبغ العالمي يودي بحياة ما يقرب من 6 ملايين شخص سنوياً، منهم أكثر من 600 ألف شخص من غير المدخنين الذين يموتون بسبب استنشاق الدخان بشكل غير مباشر، ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى وفاة أكثر من 8 ملايين شخص سنوياً بحلول عام ،2030 وستسجل نسبة 80% من الوفيات بين المدخنين في صفوف الأشخاص الذين يعيشون في البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل .
وتبذل وزارة الصحة جهوداً كثيرة لمكافحة التدخين من خلال نشر مراكز لذلك على مستوى إمارات الدولة، وتوفير وسائل المساعدة على الإقلاع، وكذلك تنشط إدارات الصحة المدرسية في المدارس، فهي تعد البرامج المختلفة لجذب الطلاب بعيداً عن التدخين، حتى لا ينضموا إلى ضحاياه .
إدراكاً لخطورة آفة التدخين على الفرد والمجتمع، تنبهت وزارة الصحة مبكراً إلى أهمية مساعدة ضحاياه على الإقلاع عبر عيادات ومراكز منتشرة على مستوى الدولة .
وهذه العيادات والمراكز جزء من منظومة واسعة لمكافحة التدخين تبدأ قبل الوقوع في براثنه بخطوات .
تقول د . وداد الميدور، مدير إدارة الرعاية الصحية الأولية في دبي ومديرة برنامج مكافحة التبغ بوزارة الصحة: شهد مجتمع الإمارات في السنوات الأخيرة زيادة وتنوعاً في معدلات استخدام التبغ، والسجائر الأكثر شيوعاً، ومع التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي السريع في الدولة وما تبع ذلك من تبني البعض لعادات دخيلة ظهرت أنواع أخرى مثل الشيشة والمدواخ وتبغ المضغ وحديثاً السيجارة الإلكترونية . وأظهرت إحصائية طبقاً للمسح العالمي الصحي في الإمارات في 2010 أن نسبة مدخني السجائر وصلت إلى 3 .18% بين الذكور و4 .0% بين الإناث عام 1995 ، لكنها ارتفعت لتصل إلى 6 .21% بين الذكور البالغين و8 .1 % بين الإناث في عام .2010
وتضيف: طبقاً لآخر إحصائية صدرت عن دراسات أجريت وسط المراهقين والطلبة تشير المسوحات الوطنية إلى أن نسبة استخدام التبغ انخفضت في 2013 بين طلبة المدارس في الفئة العمرية من 13-15 عاماً ووصلت إلى 15% في حين كانت في 2005 تقدر ب 19% .
وتبذل وزارة الصحة، حسب الميدور، بالتعاون مع مختلف الجهات ذات العلاقة بالدولة الكثير من الجهود من خلال السعي إلى تطبيق قانون ولائحة مكافحة التبغ للوصول لأفضل النتائج في الحفاظ على الصحة العامة .
وتقول: من هذه الجهات البلديات والدوائر الاقتصادية وهيئة المواصفات والمقاييس والجمارك، وتضع الوزارة أمام كل منها مسؤولياته في الحد من انتشار التبغ، فالبلديات عليها مراقبة الأماكن المحظور فيها التدخين، ووزارة الداخلية عليها فرض مخالفات على كل من يدخن في سيارة بداخلها طفل أقل من 12 عاماً، وكذلك الجهات الأخرى مسؤولة عن تطبيق قرارات مجلس الوزراء، من حيث عدم استيراد ألعاب أو ملابس تحفز الطلاب على التدخين أو تشجع على استخدام التبغ .
وتشير إلى إطلاق عدد من المبادرات التي تسعى للحد من استخدام التبغ، ومنها الحملة الوطنية "أذكى من أن تبدأ" العام الماضي، وتبنت العديد من الفعاليات أهمها نشر التوعية بين طلبة المدارس، وتنظيم مسابقات لرفع الوعي بينهم، وتشجيعهم على إقامة عروض مسرحية للتوعية بمخاطر التبغ، ونشر مسابقات بأفضل تصوير فوتوغرافي يكافح التدخين، وإطلاق أغنية تحت عنوان "أوعدك يا بلد ما أدخن أبداً" من غناء الفنان حسين الجسمي .
وتؤكد الميدور توفير خدمات الإقلاع عن التدخين في المراكز الصحية التابعة للوزارة، وتزويدها بالأطباء والاختصاصيين، والمنشورات واللافتات التحذيرية لمساعدة المترددين عليها في الإقلاع عن التدخين .
وعن كيفية استقبال الراغبين في الإقلاع في المراكز والعيادات وسبل التعامل معهم يقول د . عبد الرزاق القدور استشاري أمراض القلب في مدينة الشيخ خليفة الطبية في أبوظبي ورئيس قسم الوقاية من أمراض القلب والتأهيل القلبي: "معظمهم يأتون للعلاج من تلقاء أنفسهم، أو من خلال أصدقاء لهم ترددوا قبلهم على العيادة، وأغلبهم من شباب الإمارات وأعمارهم تتراوح ما بين 20 -40 عاماً، ونادراً ما نجد بينهم سيدات، و70% من المواطنين يدخنون المدواخ، بينما30% يدخنون سجائر عادية، وهناك أعداد كبيرة منهم تأتي محولة من عيادات أخرى بسبب إصابتهم بأمراض قلب أو تنفس، والقليل يأتي من تلقاء نفسه بسبب الوعي بخطورة التدخين . والعلاج والفحص متوافر مجاناً لجميع المواطنين، وهناك خط ساخن لاستقبال مكالمات الراغبين في الإقلاع عن التدخين .
وعن الأسباب الاجتماعية التي تدفع المدخنين للإقلاع، يقول د . قدور: معظم المدخنين يشتكون من ضيق الزوجة من رائحتهم أو منهم من يكون مقبلاً على الزواج وترفض خطيبته إتمامه قبل الإقلاع، أو مرض أحد الأبناء ودخوله المستشفى وإصابته بضيق تنفس أو حالات سعال وكحة بسبب الدخان الموجود في البيت، فهناك الكثير من الدوافع الاجتماعية والثقافية التي تجعل المدخن يقلع .
وعن خطوات العلاج والتعامل مع المريض، يقول: خلال اللقاء الأول مع المدخن الذي يستمر 45 دقيقة، أقوم بمعرفة بعض المعلومات عن المريض مثل بدايته للتدخين وعدد السجائر التي يشعلها في اليوم، وتوقيت إشعاله للسيجارة الأولى، وما إذا كان حاول التوقف من قبل، وإذا كان حدثت له انتكاسة ورجع مرة أخرى، ويجرى فحص سريري له وأخذ عينة من غاز أول أكسيد الكربون من تنفسه، فهذا الغاز سام ومعرفة نسبته تجعلنا نعرف مدى تحسنه بعد استمرار العلاج، وأبدأ في الحديث معه بحيث أعطيه جرعات إيجابية عن الخطوة الشجاعة التي بدأها، ثم أعطيه الدواء ومنها لاصقات النيكوتين ونحدد له وقت وضعها وإزالتها، فالنيكوتين يأخذ فترة حتى يخرج من الجسم، وتصل الفترة الحرجة له في الجسم لثلاثة أسابيع، ومن الممكن استبداله بالحبوب، وأنا لا أحبذ اللبان لأنه يؤخذ كل نصف ساعة وأحياناً يكون المريض رجل أعمال أو طالباً جامعياً فلا يكون من اللائق مضغه للبان بصفة مستمرة .
يضيف: هناك برنامج العلاج السلوكي والذي يعتمد على توجيه المريض عندما يبدأ في التفكير في التدخين فإنه يوجه نفسه لعمل شيء آخر مثل ممارسة الرياضة، ودائماً من الأفضل أن تكون علبة السجائر بعيدة عن متناول يده، كأن يضعها في السيارة، وبذلك عندما يكون في البيت سيجد مشقة في النزول للسيارة وإحضارها .
وعما إذا كان المريض يتوقف عن التدخين مع وصوله للعيادة يقول: عملياً المدخن لمدة 10 سنوات يأخذ فترة في العلاج حتى تنام خلايا الإدمان، وفي هذه الفترة يقلل من السجائر التي يشعلها، ونترك له تقدير عددها، أما إذا وضع تحت ضغط نفسي وطلب منه التوقف مباشرة، فهنا يشعر بالفشل وعدم الاستطاعة ويعود إليها، وفي خلال تلك الفترة نشجعه على ممارسة الرياضة، ثم يأتي للعيادة كل فترة للمتابعة، ويتم تنبيه المريض إلى أنه تدريجياً سيبدأ في ملاحظة تحسن حالة الشم عنده، ما يؤدي إلى زيادة وزنه بسبب إقباله على الطعام، ولذلك نوجهه لتناول الغذاء الصحي .

الانتكاسة تحرق النجاحات

هناك من يقلع عن التدخين، لكنه لسبب ما يعود إليه فيما يسمى الانتكاسة وعن كيفية التصرف تؤكد الشيخة فاطمة بنت عبد الله القاسمي، مدير منطقة أم القيوين الطبية بالإنابة، أنه تتم متابعة المريض بشكل مستمر والاتصال به في حالة عدم حضوره للموعد المحدد لإعطائه موعداً آخر . وتقول: نتصل بالمراجع بعد إقلاعه نهائياً من فترة إلى أخرى للتأكد من عدم رجوعه للتدخين وحثه على مواصلة ما بدأه من نجاح، وإذا حدثت له انتكاسة ورجع للتدخين تتم مناقشته في الأسباب التي جعلته يفعل ذلك، ويتم البدء في علاجه من جديد .
وتضيف: تقدم جميع مراكز الرعاية الصحية الأولية التابعة لمنطقة أم القيوين الطبية خدمات الإقلاع عن التدخين من خلال عياداتها المتوفرة في جميع المراكز، وتلعب دوراً فاعلاً في توعية المدخنين بأضرار التدخين الصحية بالتعاون مع قسم التثقيف الصحي التابع للمنطقة الطبية، ويتم أيضاً عمل حملات توعية من قبل اللجنة الخاصة بالبرنامج الوطني لمكافحة التبغ .
وتحدد د . هبة شركس، الاستشاري النفسي والخبير الأسري، هي خطوات أساسية عدة للشخص الذي يريد الامتناع عن التدخين أهمها أن يكون قرار الامتناع نابعاً من ذاته، ولا يكون معرضاً لأي ضغط، خاصة إذا كان بالغاً وليس مراهقاً، حتى لا يعود إليه بعد فترة، وتؤكد أنه من الضروري أن يوجد الشخص نمط حياة صحياً لنفسه، فيهتم بالغذاء الصحي، ويحدد أوقات النوم، فيبتعد عن السهر، وينام عدد ساعات محددة، ويمارس الرياضة والأنشطة المختلفة، وتمارين التنفس العميق والتأمل وإيجاد حالة مزاجية جيدة، فكل ذلك يضمن عدم عودته للتدخين مرة أخرى .

التنويم المغناطيسي أحدث الوسائل

عن ظهور طرق جديدة لمساعدة المرضى على الإقلاع عن التدخين يقول د . عبدالرزاق القدور: التنويم المغناطيسي أحدثها، ولا أنصح به، وهو عبارة عن إيحاءات يقوم بها المعالج فيشعر المريض أن خلايا الإدمان أصبحت عادية، ولكن هذا خاطئ، ولا يوجد أي بيانات عالمية عن نسبة نجاح الإقلاع عن التدخين بهذه الطريقة، أو دراسة علمية دقيقة له، وهناك أيضاً الوخز بالإبر، وهي طريقة صينية قديمة ونجحت على عدد محدود فقط من المرضى، ولكنها لا تتبع معايير عالمية .

الصحة المدرسية تعالج بالأقران

يعتبر د . محمد سالم بالي، مدير الصحة المدرسية في منطقة عجمان الطبية، رفقاء السوء أشد خطراً على الطلاب، فيما يتصل بالتدخين، ويقول: لذلك نحاول من خلال المبادرات المختلفة إقناع الطلاب بالامتناع عنه، ونستعين في هذا الشأن برفقائهم من عدم المدخنين، الذين يكون لهم فضل كبير في محاولة إقناعهم وتوجيههم إلى الطبيب المدرسي .
يضيف: نطبق مبادرة "الإقلاع عن التدخين" في مدارس المرحلتين الإعدادية والثانوية على مستوى المنطقة، وهناك تركيز أكبر على الطلاب الذكور، وتنظم محاضرات على مدار العام لتعريفهم بالأضرار القريبة والمتوسطة والبعيدة للتدخين، إضافة إلى عرض ملصقات ومجسمات توضح شكل الرئتين للمدخن ومقارنتها بهما لدى الشخص السليم .

الأزمات الصحية حياة جديدة لبعض المدخنين
الإقلاع أو الموت

التدخين من أسوأ العادات الصحية التي يتبعها كثيرون، ومعظم المقبلين على عيادات الإقلاع عن التدخين يذهبون مجبرين بسبب وقوعهم في أزمات صحية عنيفة باتت تفتك بهم، فوضعتهم على المحك، فإما الموت أو التدخين، ومنهم من يدخن بشراهة يومياً سواء من السجائر أو المدواخ أو أي وسائل أخرى، ويسوقون مبررات عدة في عدم امتناعهم عنها .
د . أسامة محجوب (49 عاماً) جراح سابق وحالياً إداري في مستشفى خليفة الطبية يقول: "بدأت التدخين في عمر ال ،14 دخنت السجائر بصفة منتظمة لمدة تزيد على 33 عاماً تخللتها مرات قصيرة جربت فيها أنواعاً أخرى مثل الشيشة والمدواخ، ولكني لم أكن استمر فيهما أكثر من يومين ثم أعود للسجائر مرة أخرى . وبعد 25 سنة من التدخين المستمر أصبت بجلطة في القلب وبعد شفائي منها قررت التوقف عن التدخين، لكن الأمر لم يستمر أكثر من عام، ورجعت إليه مرة أخرى، وبعد سبعة أشهر مرضت مرة أخرى، فقررت التوقف عن التدخين، وبعدها بسنة أخرى رجعت له، إلى أن حدث لي منذ عامين ارتخاء في عضلة القلب وانخفاض في نسبة انقباضها ووصلت لأقل من 35%، وهو ما يعني أنها إذا كانت وصلت لأقل من 30% كان من الممكن أن تتوقف العضلة عن الانقباض بسبب قلة الأكسجين المدفوع إليها، وربما حدث ما يسمى بالموت المفاجئ، ووقتها دخلت المستشفى، وبقيت تحت الملاحظة لمدة ثلاثة أيام، وكان أمامي خياران إما التدخين أو الموت، وقررت التوقف نهائياً عن التدخين" .
وبعد توقف د . محجوب عن التدخين تغيرت حياته تماماً، وعن ذلك يقول: "أصبحت أقل توتراً وعصبية، استطعت الخروج مع أولادي، بعد مشادات متواصلة معهم، كنا كلما خرجنا سوياً، إذ كنت أدخن في السيارة، ويتضايقون هم من رائحة الدخان، فاضطر لفتح النافذة، ثم يتذمرون من حرارة الطقس، فامتنعت عن الخروج معهم سنوات عدة، وحالياً أصبحنا نقضي أوقاتاً سعيدة معاً، وكنت كلما دخلت المنزل شممت رائحة عفنة، فأتذمر منهم و أشتكي من عدم تهوية المنزل أو إشعال البخور، ولم أكن أتصور مطلقاً أن هذه الرائحة بسبب التدخين، مرّ علي عامان بعدما امتنعت عن التدخين، وحالياً أتذمر من رائحة الموظفين المدخنين الذين يدخلون إلى مكتبي، فالمدخن يفقد حاسة الشم تماماً ولا يشعر بالروائح الصادرة منه أو ممن حوله" .
عندما كان السيد صادق (معلم لغة عربية متقاعد) يدخن كانت له حجج خاصة به، وكان يتوهم أن التدخين يجعله يستدعي واقعاً ليعيش فيه، فينفصل عن الحياة اليومية ليبدع في فكرة معينة تشغل تفكيره، وكان يرى السيجارة هي الأنيس في الغربة بدلاً من الخروج ولقاء الأصدقاء . يقول صادق: كنت أدخن في أوقات متفرقة، بدأتها منذ كنت في الجامعة، ولم استمر طويلاً . وكان هناك سببان وراء توقفي عن التدخين هما إدراكي لأهمية الأموال التي أنفقها على شراء السجائر، وكذلك التهور في إضاعة الصحة خاصة بعد تعرضي لوعكة صحية واضطراري لإجراء عملية في القلب .
والتشخيص الخطأ وراء إقلاع أيمن السيد عن التدخين بعد تورطه فيه 15 عاماً، يقول: "أصبت فجأة بأعراض شخصها الطبيب بصورة خطأ، وكان ذلك الخطأ سبباً في توقفي تماماً عن التدخين، إذ أصابني عارض صعوبة البلع، ولم أهتم كثيراً بالأمر حيث ظننته مجرد مشكلة عابرة، ولكن استمرت أياماً لدرجة توقفي عن البلع تماماً، وخسرت الكثير من وزني، وبعد جولات على الأطباء من تخصصات متنوعة، أطال أحدهم النظر لي قبل سؤالي عن عدد السجائر التي أدخنها يومياً فأجبته أنها ،40 فقال لي مباشرة إنه يحتاج إلى أشعة على منطقة الرقبة، حيث يشك في وجود ورم فيها، ثم عاد يسألني: ألا تعرف أن التدخين يسبب سرطان الحنجرة؟ خرجت من عيادته وأنا عازم على عدم التدخين مجدداً، رغم أن طبيبة شهيرة بالشارقة، قررت استشارتها، قالت لي بعد الفحص إن ما أصابني مجرد ارتفاع في معدل حموضة المعدة أدى إلى التهاب أنسجة البلعوم ولا توجد أي شبهة أورام من أي نوع .
ويبدو أن المرء يمكنه التمادي في فعل الخطأ ولا يتوقف عنه إلا إذا كانت حياته هي المقابل لذلك، يروي محمد الحسيني (46 عاماً - موظف في شركة خاصة في الشارقة) تجربته في الامتناع عن التدخين ويقول: بدأته منذ كان عمري 14 عاماً وكنت أدخن علبتين ونصف العلبة في اليوم لمدة 26 عاماً لم أتوقف خلالها، فجأة وبلا مقدمات وعندما كنت متواجداً بين أسرتي منذ 6 سنوات، سقطت على الأرض وفقدت الوعي، فتم نقلي إلى المستشفى وعندها أخبرني الطبيب أنني إذا وضعت سيجارة ثانية في فمي فسأموت على الفور، وشخص الحالة على أنها انسداد في شرايين القلب وارتفاع الكولسترول بدرجة كبيرة جداً بسبب النيكوتين، ومن وقتها امتنعت تماماً عن التدخين، وأصبحت لا أتقبل رائحة من يدخن بجانبي .

العمرة أنقذتني

كان أداء العمرة فرصة طيبة لمجدي رياض (مدير إداري بشركة خاصة) كي يتخذ القرار بالإقلاع عن التدخين، ويقول: لم أستطع مطلقاً طوال 20 عاماً الإقلاع، وكنت أدخن نحو 30 سيجارة يومياً، ولكنني كنت دائماً أشعر بتأنيب الضمير، وإحساسي بأنني ارتكب شيئاً ضاراً سواء لجسدي أو لأسرتي، حتى استجمعت قواي واتخذت من العمرة فرصة لمعاهدة المولى عز وجل على عدم الرجوع إليها، و بالفعل استطعت ذلك، وكنت في البداية أشعر بالضيق و الصداع، ولكنني تعودت على أن اشغل نفسي ببعض الأشياء، حتى تمكنت من الإقلاع عنه نهائياً .

مجرد عادة

هناك بعض الحالات الغريبة لأشخاص يؤكدون أن التدخين عادة و ليس إدماناً، ومع ذلك يصرون عليه، يقول عبد الجواد العشري، مهندس إرسال في إذاعة أم القيوين: أدخن منذ 25 عاماً، و لكنني أدخن سيجارتين فقط بعد العشاء، وأمتنع عن التدخين إذا كنت مدعواً لزيارة أحد الأصدقاء، أو إذا كان لديّ ضيوف في البيت، ولا أتذمر من ذلك، وإذا فات موعد السيجارة لا يكون لدي مشكلة وأواصل يومي، وأدخنها في اليوم التالي ليلاً، لذلك لا أعدّ نفسي مدخناً، فأنا مرتبط بعادة فقط، ولا أؤذي أحداً .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"