«سرطان الثدي».. وحش يروضه الاكتشاف المبكر

04:32 صباحا
قراءة 5 دقائق

تحقيق: الصحة والطب

يشكل سرطان الثدي هاجساً مزعجاً نتيجة كثرة انتشاره في العقود الأخيرة، فهو يحتل المركز الأول بين السرطانات النسائية في جميع أنحاء العالم، وتتعرض كل سيدة من بين 8 للإصابة، وترتفع النسبة إلى 1/5 لمن لديهن تاريخ وراثي عائلي بالمرض، وربما يستهدف الرجال أيضاً ولكن بنسبة قليلة مقارنة بالنساء، ومازالت الأبحاث والدراسات والجهود العلمية تتمحور حول اكتشاف وتطوير علاجات هذا المرض، وتقديم كافة المعلومات والفحوص المبكرة من خلال الإرشادات الصحية وبرامج التوعية والدعم النفسى.

يقول الدكتور خالد قوطيش استشاري أمراض النساء والتوليد والأورام وجراحة المناظير والعقم: إن سرطان الثدي يعتبر من الأمراض سريعة الانتشار إلى الأعضاء الأخرى في الجسم ويؤثر في وظيفتها كالغدد اللمفاوية، الكبد، الرئة، الدماغ، ويجعل العلاج أصعب، وبالتالي تقل نسبة الشفاء، وهنا تكمن أهمية الكشف المبكر لاستئصال الورم.

الحمل والإنجاب

يذكر د.خالد أن سرطان الثدي يمكن اكتشافه أثناء الحمل، ويتم علاجه في معظم الأحيان دون اللجوء للإجهاض، وخاصة إذا كان الحمل تجاوز الأشهر الثلاثة الأولى، والمرض في مراحله الباكرة، بالجراحة أو الأدوية الكيميائية، من دون أن يُشكل ذلك خطراً على الجنين، ومن ناحية أخرى، تستطيع أي سيدة أن تباشر بالحمل بعد مدة محددة إذا كانت أصيبت في وقت سابق بسرطان الثدي بعد 5 سنوات من العلاج وإتمام الشفاء، ولكن يجب أن تكون تحت إشراف من الأطباء لأنها تكون معرضة للإصابة به من جديد.

نسبة الشفاء

يشير د. خالد إلى أن مريض سرطان الثدي يمكن أن يمر بأربع مراحل مرضية تبدأ من المرض الموضعي إلى مرحلة الانتشار في الأعضاء الأخرى البعيدة، ويمكن أن تصل نسبة الشفاء في بداية الإصابة واكتشافها مبكراً إلى 100%، أما المرحلة الثانية فيكون معدل حالات الشفاء 80٪، ويجب الانتباه إلى أن القضاء على أورام الثدي الخبيثة لا يمكن أن تدوم مدى الحياة، حيث إن الخلايا السرطانية قادرة أن تعود مرة أخرى لتهاجم جسم نفس المريضة ونفس المكان خلال السنوات الخمس الأولى بعد العلاج، لذا نشدد على ضرورة المتابعة الدورية مع الطبيب المعالج وعمل كافة الفحوص والتحاليل اللازمة.

طرق التداوي

يؤكد د.خالد أن علاج سرطان الثدي يختلف بحسب عمر وحالة المصاب الصحية، ومدى انتشار الخلايا السرطانية في الجسم، وعادة ما تكون الجراحة ضرورية في المراحل الأولى، ويتبع ذلك جلسات الأدوية الكيميائية الذي يتم إعطاؤها للمريض عند الشك في انتشار المرض خارج الثدي، وفى بعض الحالات يمكن استخدام العلاج الإشعاعي في المناطق التي يمكن أن يستهدفها السرطان، كما يساهم العلاج الهرموني أيضاً في الشفاء.

أعراض وتشخيص

توضح الدكتورة شميم مير أخصائية أمراض النساء والتوليد أن أعراض سرطان الثدي تظهر على شكل كتلة محسوسة داخل الثدي، وربما تكون مؤلمة، يصاحبها تغيرات في الجلد حول الثدي، احمرار، حكة، إفرازات، وربما تلاحظ بعض النساء أحياناً اختلافا جذرياً في شكل أو حجم كلا الثديين، ويتم التشخيص عن طريق اختبار تصوير الثدي الشعاعي للكشف عن التغيرات السرطانية في أنسجة الثدي، ويمكن بعد ذلك أخذ خزعة من نسيج الثدي، وفحصها مجهرياً بحثاً عن تغيرات سرطانية.

وتضيف: تعتبر تقنية الماموجرام من أهم أدوات الكشف عن السرطان في مرحلة مبكرة، إذ إنها تعتمد على أشعة سينية منخفضة الكثافة لالتقاط صورة لأنسجة الثدي، وتجدر الإشارة إلى أن صور الثدي الشعاعية تقلل خطر الوفاة بهذا المرض، حيث إنها تُظهر التغيرات السرطانية قبل أن يشعر بها المريض بعامين.

فئة مستهدفة

تشير د.شميم إلى أن خطر الإصابة بسرطان الثدي يزداد مع التقدم في العمر، حيث يتم تشخيص معظم الحالات لدى النساء فوق سن الخمسين، والأكثر عرضة هن اللواتي ورثن طفرات جينية، أو من تعرضن لفترات حيض مبكرة قبل 12 عاماً، وأولئك اللاتي انقطع لديهن الطمث بعد سن الـ 55، كما يمثل التاريخ العائلي لأورام الثدي في العائلة أحد عوامل الخطر.

أسباب الإصابة

تذكر الدكتورة زينة مدلجي أخصائية أمراض النساء والتوليد أن الإصابة بسرطان الثدي تبدأ الخلايا بغزو الأنسجة المحيطة الثدي، وتنقسم بطريقة عشوائية دون الخضوع لأنظمة التحكم الطبيعية في الجسم، وتنتشر إلى أعضاء بعيدة في حال عدم اكتشافها في المراحل الأولى، عن طريق الأوعية الدموية أو اللمفاوية، وربما يكون السبب خللاً وراثياً في الجينات وخاصة في الحالات صغيرة السن، أو نتيجة العيوب الجينية المكتسبة كالتعرض للأشعة علاجياً، أو لبعض المواد المسببة للسرطان مثل الهيدروكربونات الموجودة في التبغ، اللحوم المتفحمة وعوامل بيئية وهرمونية أخرى، بالإضافة إلى عدم الحمل والرضاعة الطبيعية، وإنجاب الطفل الأول بعد سن الـ30 يعتبر من مسببات نشأة الأورام السرطانية.

نصائح وقائية

تلفت د.زينة إلى أن المتلازمة الايضية تعتبر من العوامل التي لا تزيد من احتمالية الإصابة بسرطان الثدي ولكن يمكن أن تعوق التشخيص والعلاج، حيث إن زيادة الوزن ترتبط بهرمون الاستروجين الذي تنتجه الأنسجة الدهنية لدى النساء البدينات، وهناك بعض النصائح التي يمكن أن تحد من خطورة الإصابة بأورام الثدي الخبيثة، وهى كالاتي:-

- اتباع نظام حياة صحي يعتمد على التقليل من السكريات، والدهون المشبعة، وموازنة استهلاك البروتين، وتجنب الأطعمة ذات السعرات الحرارية المرتفعة.

- تناول المأكولات الطازجة المسلوقة، المشوية، والتي يتم طهوها على البخار، والتقليل من الأطعمة المقلية.

- التركيز في الغذاء على الخضر والفواكه التي تعتبر مقاومة مهمة للأكسدة، كما تساهم الألياف في تقليل مستويات الأنسولين، ورصد مستوى هرمون الاستروجين في الدم.

- المحافظة على الوزن المثالي وتجنب البدانة، والابتعاد عن الكسل، الخمول.

- ممارسة التمارين الرياضية بمعدل نصف ساعة إلى ساعة يومياً.

- الإقلاع عن التدخين وشرب الكحوليات.

- تعتبر الرضاعة الطبيعية من طرق الوقاية.

الكشف المبكر

تشير د.زينة إلى أن اكتشاف سرطان الثدي وعلاجه في المراحل المبكرة، يترافق مع نسب شفاء عالية تصل إلى 95%، ومع تأخير التشخيص تقل إمكانية القضاء على الخلايا السرطانية، ولذلك ننصح السيدات بإجراء الفحوص الدورية التي تبدأ من الفحص الذاتي شهرياً، والكشف السريري في العيادات النسائية مرة كل 6 إلى 12 شهراً، وعمل أشعة سنوية بالأمواج فوق الصوتية والماموجرام الذي يتميز بقدرته على تحديد الآفات الصغيرة أو التكلس المشتبه فيه بأنه خبيث، ومن الخيارات الأخرى التصوير الطبقي المحوري، الرنين المغناطيسي الذي يستخدم لتقييم مدى انتشار المرض قبل الجراحة أو بعد الاستئصال الجزئي، وهناك أيضاً أخذ الخزعات من الآفة المرضية ودراستها، وإجراء التشريح المرضي لها.

خيارات علاجية

تنوه د.زينه إلى أن الخيارات العلاجية تعتمد بالدرجة الأولى على تحديد نوع وحجم ودرجة ومرحلة انتشار سرطان الثدي، ومدى حساسية الخلايا السرطانية تجاه الهرمونات، وبشكل عام تحتاج معظم المصابات إلى العلاج الجراحي الذي يتراوح بين إزالة الورم نفسه فقط أو الاستئصال الموضعي الواسع مع جزء من الأنسجة السليمة المحيطة به، وربما تحتاج الحالة إلى استئصال الثديين بالكامل مع العقد اللمفاوية الإبطية، ويمكن أن يتبع هذا الإجراء استخدام العلاج الشعاعي والكيماوي، والهرموني، والمناعي، ويتم تحديد ذلك بحسب احتياج الحالة، كما يجب تقديم الرعاية التلطيفية الداعمة للمريضة، ومتابعتها دورياً بعد إنهاء العلاج.

الرعاية التلطيفية

تتسم الرعاية التلطيفية بأنها مجموعة من الخدمات الطبية التي تعتمد على رفع معنويات المريض والحد من التأثيرات السلبية التي تؤثر في حالته النفسية، وتساهم بشكل كبير في تخفيف الآلام والأعراض والمضاعفات التي يعاني منها المصابون بالسرطان في المراحل المتقدمة، كما أن المرضى الذين لا توجد لهم فرصة للشفاء، هم أكثر الفئات احتياجاً لهذا النوع من الرعاية حيث إنها توفر لهم سبل الراحة وتقييم احتياجاتهم وتلبيتها حتى نهاية عمرهم، وقد بدأت بعض الدول بالفعل توفير خدمات الرعاية التلطيفية الأساسية مجاناً ضمن نظام الصحة العامة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"