بايدن قد يفقد اليسار

00:19 صباحا
قراءة 3 دقائق

جوناثان تيبيرمان *

بالكاد بعد شهر من اجتماع الديمقراطيين لمساعدة جو بايدن على الفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بدأ الحزب المشهور بالتشرذم، بالفعل، في الانقسام بسرعة قياسية.

وبالكاد يمر يوم دون ظهور صدع جديد. لقد دفع اليسار بشكل أسرع وأكثر قوة ضد اختيارات بايدن الوزارية، مقارنة بأي رئيس ديمقراطي سابق. ويبدو أن الضحية كان رام إيمانويل، الذي ورد أنه كان قيد الدراسة لقيادة وزارة الإسكان والتنمية الحضرية، أو وزارة النقل. وتتناحر الآن مجموعات من الناشطين، التي انضم إليها أعضاء من الكونجرس من ذوي الميول اليسارية، لمنع ترشيحات أي شخص له صلات بصناعة الدفاع (مثل الجنرال المتقاعد لويد أوستن)، والشركات الكبيرة (جيف زينتس، وبريان دييس، وأديويل أدييمو)، أو السياسات العسكرية المتطرفة في بعض الحالات للإدارات السابقة (مايك موريل).

في غضون ذلك، لجأ تقدميون آخرون إلى الإنترنت، للتحذير من أن إدارة بايدن التي لم تتخذ مكانها بعد، ربما تكون بالفعل قضية خاسرة. ففي 7 نوفمبر/تشرين الثاني غردت المجلة الاشتراكية (جاكوبين) بالقول: «من الجيد أن دونالد ترامب خسر. لكن على اليسار الآن، أن يتحول على الفور إلى معارضة إدارة جو بايدن».

إن التراجع العنيف بعد شهر واحد فقط من الفترة الانتقالية، إلى جانب إصرار قادة مثل النائبة ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، على أن يتخلى بايدن عن اعتداله، ويستخدم رئاسته للضغط من أجل تغييرات تقدمية كبيرة، يطرح سؤالًا مهماً: هل يمكن لبايدن التمسك بالحزب اليساري النشط لفترة أطول؟ وماذا سيعني  بالنسبة له ورئاسته والوطن  إذا خسر التقدميين؟

بكل المقاييس، فإن الرئيس المنتخب يدرك نطاق التحدي، ولديه استراتيجية من ثلاثة أجزاء لمنعه. ويتضمن العنصر الأول، الإشارة الخطابية إلى دعمه للقضايا التقدمية. فعلى سبيل المثال، يصنف موقعه الإلكتروني الانتقالي الكفاح من أجل العدالة العرقية، وضد تغير المناخ، ضمن أولوياته القصوى.

ثانياً، عندما يتعلق الأمر بالتوظيف، يحاول بايدن تحقيق التوازن بين تفضيلات السياسة المعتدلة للعديد من خيارات مجلس الوزراء، مع التركيز على الخلفيات المتنوعة (أوستن، ومارسيا فودج، وكزافييه بيسيرا، وأليخاندرو مايوركاس، وكاثرين تاي، وليندا توماس غرينفيلد). 

وقد كان حريصاً على اختيار عدد من التقدميين البارزين، مثل جانيت يلين، وسيسيليا روس، وهيذر بوشي، لأدوار اقتصادية رئيسية.

ويتوق التقدميون عبر الإنترنت إلى التناحر. فقد أعلنت جاكوبين أنه لن يكون هناك «شهر عسل» للرئيس الجديد، وأن «إدارة جو بايدن القادمة لا تستحق ذرة من الفضل لامتلاكها النوايا الصحيحة، أو يوماً من التقدميين الذين ينتظرون بصبر لمعرفة كيف سيتصرفون». وتتم أيضاً تعبئة المجموعات الشعبية، حيث حذرت منظمة «كود بينك» على تويتر، من أنها «قادمة» لأوستن، على الأرجح بسبب علاقاته بمقاول الدفاع ريثون.

ولنكن واضحين، إن أفضل نتيجة لبايدن والديمقراطيين، وللبلد، هي أن يجد الرئيس القادم طريقة للتمسك باليسار وبقية حزبه، من خلال تحقيق ما يكفي لإرضاء أغلبية مؤيديه، وباستخدام هذا السجل والتعافي الاقتصادي الناجم عن اللقاح لبناء نوع من الدعم الشعبي الذي سيجعل من الصعب للغاية، على أي شخص، يساراً أو يميناً، أن يعارضه أو يتحداه.

ولكن بالنظر إلى كل ما ورد في الجملة الأخيرة، من المهم أن ندرك أنه حتى لو لم يتم تنفيذ العديد من هذه السياسات، فلا يزال لدى بايدن، طريق لتحقيق النجاح المعتدل، على الصعيدين الموضوعي والسياسي. وقد يكون هذا أفضل ما يمكن لأي شخص أن يأمله، بالنظر إلى الفوضى المذهلة التي تواجهها البلاد الآن.

* محرر حر. (فورين بوليسي)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

رئيس تحرير فورين بوليسي ومؤلف كتاب الإصلاح: كيف تستخدم البلدان الأزمات لحل أسوأ مشاكل العالم

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"