عادي

ليو جين يون.. الكوميديا في كل مكان

20:36 مساء
قراءة 3 دقائق
1
1

القاهرة: «الخليج»
عندما يدور الحديث عن الكاتب الصيني ليو جين يون، فإن أغلب النقاد يصفونه بالرجل «الأخف دماً في الصين» ويتحدثون عن حرفيته في تحليل المجتمع، من خلال طبقاته الدنيا، وتفكيك سمات الشخصية الصينية بلا عوائق ثقافية، ولا قيود محلية، وكل هذا في إطار من السلاسة وقوة السرد وحبكة القصة. ولعل هذا هو السبب في انتشار أدب ليو جين يون، خارج الصين، ورواجه في العديد من دول العالم، وهي ميزة الكتابة حول أمور مشتركة للبشر في كل مكان، والبعد عن الإغراق في شباك المحلية.
ويكتب ليو جين يون، الرواية والقصة والمقال والسيناريو، وقد صدرت له حتى الآن، تسع روايات طويلة هي ثلاثية «الموطن» ورواية «هراء» وأشهر أعماله رواية «الموبايل»، وقد تحولت إلى فيلم سينمائي شهير أصبح من علامات السينما في الألفية الجديدة، وحصد العديد من الجوائز الكبرى داخل الصين وخارجها. 
وترجمت أعمال ليو جين يون، إلى نحو 40 لغة عالمية.
وقد حصدت روايته «رب جملة بعشرة آلاف جملة» جائزة ماودون في الأدب، وهي بمثابة جائزة نوبل الصين، وحاز وسام فارس في الأدب والفنون من فرنسا عام 2014، كما عين أول سفير شرف لمعرض بكين الدولي للكتاب ممثلاً للثقافة الصينية، كما حل ضيف شرف على معارض الكتب العربية في القاهرة والدار البيضاء وأبوظبي.
تأثر ليو جين يون في كتاباته بالرعيل الأول من الأدباء الصينيين، وعندما كان يسأل عن حس الفكاهة والسخرية في كتاباته، كان يرد دائماً بأن الشخصية الصينية ساخرة بطبعها، وتتسم بالمرح حتى في أسوأ الظروف، وكل ما يفعله هو نقل حقيقة هذه الشخصية بلا رتوش. وقد ولد وسط الصين في مايو/أيار عام 1958.
الثورة الثقافية
وفي سيرته نقطة تفرد وانطلاق، أثرت في إنتاجه في ما بعد، وهي معايشته للثورة الثقافية في الصين، وكونه ضمن الذين سمح لهم بالتقدم لامتحان الثانوية العامة في الصين، للالتحاق بالجامعة، بعد انتهاء الثورة الثقافية وعودة الحياة للصينيين، إضافة إلى تأثره بما عاشه وعايشه في موطنه أو قريته الصغيرة المشتهرة بكثرة سكانها وضيق حالهم، وسوء الأحوال الاقتصادية، وأيضاً تشتهر بين الصينيين بـ«خفة دم أهلها» وسرعة بديهتهم، لكنها في كل الأحوال تحمل جوهر ثقافة الصين، كما يقولون.
ولد ليو جين يون لأسرة فقيرة، وعايش خفة ظل أهل قريته التي يجابهون بها الشدائد، وهو في حواراته الصحفية دائم التحدث عن ذلك الجانب المؤثر في حياته، وهنا يبرز تفرد ليو جين يون بين جيل الرواد في الأدب الصيني المعاصر، فهو الأديب الذكي الذي يتخذ السخرية ستاراً، يصل به إلى أبعد مما يصل غيره؛ بل يحلل الشخصية الصينية المركبة، فهو خبير وحكّاء محترف.
وقد ترجم أحمد السعيد ويحيى مختار أحدث روايات ليو جين يون وعنوانها «طلاق على الطريقة الصينية»، لكن عنوانها الأصلي «لست بان جين ليان»، وهو اسم لشخصية في التراث الصيني يضرب بها المثل في الخيانة، كما سنعرف داخل الرواية، وترجمت الرواية إلى ثلاثين لغة بعناوين مختلفة، حسب كل لغة، ففي الإنجليزية ترجمت إلى «لم أقتل زوجي» وفي الإيطالية والفرنسية صدرت بعنوان «طلاق على الطريقة الصينية» وفي لغات أخرى: «أنا لست بان جين ليان».
وتحولت الرواية إلى فيلم سينمائي أثار ضجة كبيرة في الصين بسبب الطابع السياسي الذي تحمله، وقربها من دوائر أكثر سخونة في الصين، وكان أن منع الفيلم من العرض لولا تدخل مسؤولين كبار لتمرير العرض، وحقق نجاحاً كبيراً داخل الصين.
كما عرض في الخارج في العديد من دول العالم، مترجماً إلى الإنجليزية بعنوان «أنا لست مدام بوفاري»، وللكاتب مقولة شهيرة تقول: «إن المآسي في العالم لا يمكن أن تتحمل التمحيص والتدقيق، ولو دققنا فيها لوجدنا الكوميديا في كل مكان»، وداخل أسلوبه المضحك هناك العديد من المواقف والأحداث والحوارات الساخرة.
«الطلاق على الطريقة الصينية» رحلة شاقة للبحث عن الثقة المفقودة، لإذابة الجليد الذي يخيم على المجتمع، لتدفئة المشاعر الباردة واقتحام العزلة بين الأفراد، ولكسر الجمود الجاثم على صدر الجميع، قصة طلاق بسيطة تشعبت لتصبح قضية عامة غيّـرت مصائر وحياة كثيرين، تحكي عن ثقة أوكلتها البطلة إلى زوجها، لكنها لم تنتبه إلى مخاطر هذه الثقة العمياء المحفوفة بالمخاطر، فالثقة شعور ينبع من العقل والمشاعر معاً، لكن عندما تشوبها المنفعة قد تتبدل إلى خيانة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"