عادي
نبض المواقع

«زجاج مطحون».. رواية عن أزمنة العزلة

23:08 مساء
قراءة دقيقتين
8

الشارقة: علاء الدين محمود

الدهشة والمفارقة هي العنوان العريض لرواية «زجاج مطحون»، للروائي السوري إسلام بوشكير، فالعمل يتكئ على رؤية فلسفية فكرية في تناول أزمات الإنسان في عصرنا الحديث، حيث تسود العزلة والفردانية ولا يجد الإنسان من سبل التواصل مع أخيه إلا تلك التي توفرها التقنيات الحديثة التي وفرتها ثورة الاتصال والمعلوماتية.

والعمل يحكي عن أربعة أشخاص، يحملون الاسم نفسه، يخوضون تجربة غريبة وعجيبة عندما يجدون أنفسهم محاصرين في ظروف غامضة في مكان ضيق ومغلق، يتوفر لهم في تلك العزلة جميع أسباب الحياة من مأكل ومشرب ودواء، لكنهم رغم ذلك يعيشون بعيداً عن البشر، وبعد أن يتجاوز أبطال القصة مرحلة الصدمة الأولى، يحاولون التواصل ببعضهم وإقامة نوع من العلائق بينهم، لتتكشف لهم حقائق غريبة تفاقم إحساسهم بالغربة والعزلة، ثم تتصاعد الأحداث مع اشتعال حرب ما في الخارج، وما يرتبه ذلك على حياتهم من آثار تأخذ شكل تصدعات حادة وعميقة في الشخصية، حيث تختلط الحقيقة بالوهم، وتتداخل الأزمنة والأمكنة، وتنهار الحواجز بين الأنا والهو، ويصبح كل شيء معرضاً للشك بما في ذلك حقيقة وجودهم.

الرواية وجدت صدى كبيراً ومميزاً في المواقع المتخصصة، ولقيت إشادة كبيرة من قبل طيف واسع من القراء.

«لعبة سردية»، بذلك الوصف تناول قارئ العديد من الجوانب الفنية والموضوعية في العمل، ويقول: «مراوغة بديعة يمارسها الكاتب، يوظف من خلالها عدداً من التقنيات والأساليب التي تخدم الفكرة التي تعبر عن نفسها عبر الأسئلة التي تتناسل في كل مرة لتنتج أخرى جديدة تعبر عن الحيرة»، في ما يرى آخر أن العمل يراهن على المقدرات الكبير لدى الإنسان وقوته في مواجهة كل ظرف غريب عليه، ويقول: «الرواية تصور لنا مقدرة المرء على التعايش والتكيف في أي ظرف مهما كانت قسوته وسوء ظروفه، لكن المهم في العمل أنه يشير بصورة خفية إلى أن الأشياء تفقد قيمتها ومعانيها عند البشر في ظل الأوقات الصعبة».

«مدرسة العبث»، هكذا تحدث قارئ، وهو يشير إلى الرؤية الفكرية التي وضعتها الرواية بصورة أساسية، ويقول: «اهتم الكاتب بتشييد الأفكار والتصورات أكثر من اهتمامه بالمشاهد الجمالية التي ينشدها كتاب الروايات، ونكاد نلمس تماسها مع العديد من الأفكار مثل العدمية والوجودية، بمنهج أقرب إلى رواد التيار العبثي»، وقريب من ذلك يرى آخر أن العمل تناول في بعض جوانبه قضية الانفصال عن الذات بصورة مختلفة عن المعتاد، ويقول: «تظهر في بعض منعطفات السرد قضية الاغتراب وضرورة عودة الإنسان إلى جوهره الإنساني، لكن بغير التناول الذي نجده عند كثير من الكتاب».

«سخرية داكنة»، ذلك وصف أطلقته قارئة على أجواء العمل، وتقول: «رواية عميقة أجاد الكاتب في تصوير الواقع بكل حنكةٍ واقتدار، ويعتبر العمل من أدب الخيال والفانتازيا المغلفة بالسخرية السوداء، والنقد المرير لواقع حال عموم البشر الذين لا يملكون القدرة في الاحتجاج على واقعهم».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"