عادي

«الموت الأسود» في أوروبا..كيف انتهى «الطاعون الدبلي»؟

13:43 مساء
قراءة دقيقتين
الطاعون الدبلي في أوروبا
الطاعون الدبلي في أوروبا
إعداد: مصطفى الزعبي
على مدار تاريخ الحضارة الإنسانية، حدثت العديد من الأوبئة تركت تأثيراً دائماً إلى جانب فيروس إيبولا وفيروس نقص المناعة المكتسب «الإيدز»، وفيروس كورونا إحدى أكثر الكوارث الطبية تدميراً في القرن الحادي والعشرين. ومع ذلك، أظهر التاريخ كيف واجه أسلافنا أوبئة مماثلة، وأحد هذه الأوبئة التي لا تزال تجد ذكراً لها حتى اليوم «الطاعون الدبلي» المعروف أيضاً باسم «الموت الأسود». وضرب هذا الطاعون أوروبا وآسيا في أكتوبر/تشرين الأول من القرن الرابع عشر الميلادي (عام1347)، عندما رست 12 سفينة في البحر الأسود بميناء ميسينا الصقلي، وهكذا وصل الطاعون إلى أوروبا، قادماً من أول وباء مسجل أصاب الإمبراطورية الرومانية الشرقية (الإمبراطورية البيزنطية)، وسمي «طاعون جستنيان» ارتباطاً بالإمبراطور جستنيان الأول الذي أصابه المرض. وشهد الأشخاص الذين تجمعوا على أرصفة الميناء مشهداً مرعباً، حيث مات معظم البحارة على متن السفن، والذين ما زالوا على قيد الحياة كانوا في حالة حرجة وأجسامهم مغطاة بالدمامل السوداء التي نزف منها الدم والقيح. ولحماية سكانها، أمرت السلطات الصقلية على الفور أسطول ما يسمى بـ «سفن الموت» بالخروج من الميناء، لكن كان الأوان فات لأن العدوى كانت شديدة وانتشرت بين السكان المحليين. واجتاح «الموت الأسود» أوروبا على مدى السنوات الخمس التي تلت الحادثة، وقتل أكثر من 20 مليون شخص في القارة.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يتسبب «الطاعون الدبلي» في بكتيريا تسمى Yersinia pestis والتي توجد أساساً في القوارض والبراغيث، وينبع اسم المرض من الأعراض التي يسببها وهي تورم الغدد الليمفاوية المؤلم والمعروف أيضاً باسم «الدبل» في الفخذ أو الإبط، و«الغرغرينا» في الأطراف والتي تشمل أصابع اليدين والقدمين، الشفاه وقمة الأنف، قشعريرة، وشعور بسوء الصحة بشكل عام من درجة حرارة عالية، وتشنجات عضلية، ونوبات مرضية والشعور بالألم في المنطقة قبل تورمها، مع تغير لون الجلد في بعض الحالات إلى الوردي.
كيف اختفى الوباء؟
كانت هناك علاجات بدائية وحتى خرافية يمارسها الأطباء في ذلك الوقت، والتي كانت خطيرة صب المياه المغلية على المرضى. تضمنت بعض الممارسات الخرافية حرق الأعشاب العطرية والاستحمام في ماء الورد أو الخل. واعتُبر أيضاً الموت الأسود نوعاً من العقاب الإلهي للخطايا ضد الله، ما أدى إلى خوض العديد من الأشخاص في ممارسات وحشية لتطهير مجتمعاتهم من المتمردين وغيرهم من المجرمين.
وبحسب المؤرخين، قرر المسؤولون في مدينة راجوزا الساحلية الخاضعة لسيطرة البندقية إبقاء البحارة الواصلين حديثاً في عزلة حتى يتمكنوا من إثبات أنهم لا يحملون العدوى. وطُلب من البحارة البقاء على متن سفنهم لمدة 30 يوماً، والتي أصبحت تُعرف بموجب قانون البندقية باسم «ترينتينو». وعُدل القانون لاحقاً وزادت العزلة الإجبارية إلى 40 يوماً عُرفت باسم «quarantino». وهكذا صيغت كلمة «الحجر الصحي» وتبني ممارستها في العالم الغربي. وشهد عام 2020 إحياءً لهذه الممارسة والاستخدام في اللغة اليومية مع انتشار جائحة فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"