عادي
على هامش الحكاية

«الجميلة والوحش» في طبعتها الشعرية

22:40 مساء
قراءة دقيقتين

الشارقة: «الخليج»

تحدثنا حكاية عربية عن علاقة حب مجنون بين شاعر كبير من شعراء العرب وفتاة جميلة، وهي حكاية تبرز فيها المفارقة بصورة كبيرة إذ كانت الفتاة شديدة الجمال، أعجب بها الكثير من الفرسان والشعراء وأرادها كل واحد منهم لنفسه، بينما كان صاحبنا يحمل وجها قبيحاً. هي أقرب إلى قصة «الجميلة والوحش».

والشاعر هو غيلان بن عقبة العدوي الملقب ب«ذو الرمة»، من أبرز شعراء العرب عاش في الفترة من 77 إلى 117 هجرية، في كنف الدولة الأموية، وكان شعره من حيث الأسلوب والطريقة، قريباً من الشعر الجاهلي، فقد اشتهر بالفصاحة والبلاغة وجزالة اللغة، وتقيده بقواعد النحو السليم، وكان يقيم في البادية دائماً، لا يزور المدينة إلا قليلاً، ورغم تعدد أغراضه الشعرية إلا أنه قد اشتهر بالغزل.

كان ذو الرمة دميم الوجه، قبيح الهيئة، حتى أن أمه قد قالت عنه لما وجدت بعض الناس يتحدثون عن قبحه: «اسمعوا شعره ولا تنظروا إلى خلقته»، وكان بالفعل شاعراً لا يشق له غبار، قضى معظم حياته في نظم الشعر العاطفي، وعاش حياة قصيرة إذ مات في الأربعين من عمره.

وتقول الحكاية إن «ذو الرمة»، أحب فتاة باهرة الجمال تدعى مي، أو مية، نظم فيها الكثير من الأشعار التي خلدت حبه، بل وجعلته من كبار شعراء العرب.

ويقال إن لقب «ذو الرمة» له علاقة بقصة الحب تلك، حيث جاءت التسمية من خلال أول لقاء جمعه مع حبيبته «مي»، والرمة تعني قطعة الحبل، ويروى أن «ذو الرمة»، مر يوماً بمضارب قوم محبوبته، فطلب أن يشرب بعضاً من الماء، فطلبت والدة مي منها أن تسقيه، فجاءته الفتاة، وكانت على كتفه «رمة»، فقالت له: «اشرب يا ذا الرمة»، فصار ذلك لقبه، لكن تلك اللحظة لم تفارق ذهن «ذو الرمة»، فقد أحب تلك الفتاة حباً شديداً، وصار يعاني ويلات الوله وعذابات المحبة، وأخذ ينظم أشعاراً يبث فيها لواعجه وما يلاقيه من ألم ووجد، ويصف فيها كذلك جمال محبوبته التي جمعت كل خصال وصفات الحسن، فقد كانت جميلة الوجه، أثيلة الخد، بأنف دقيق بديع، وعينين لامعتين، وابتسامة براقة، وقيل إن شاعرنا قد وصف كل سمات الملاحة فيها، فقد هام بها هياماً شديداً وأوشك على الجنون، ويقول عنها في إحدى قصائده الشهيرة المحتشدة بالوصف:

براقة الجيد واللبَّاتِ واضحة

كأنها ظبية أفضى بها لبَبُ

تزداد للعين إبهاجاً إذا سفرتْ

وتحرَجُ العينُ فيها حين تنتقب

لمياء في شفتيها حُوةٌ لَعَسٌ

وفي اللثاتِ وفي أنيابها شنب.

وعلى الرغم من ذلك الكم الكبير من قصائد الحب والغزل، التي بذلها شاعرنا في محبوبته مي، إلا أن قصة الحب تلك كان محكوم عليها بالفشل، فقد انتهى بها المطاف أن تتزوج مي من آخر، فكان البكاء والشعر من نصيب ذي الرمة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"