تفاعل العناصر وتكامل الأدوار (3)

00:15 صباحا

حسين بن إبراهيم الحمادي

إن مقاربة الفكر الشمولي والتكاملي في التعليم للوصول إلى تعليم مميز ريادي، يتطلَّب بدوره مقاربَة أيّ منظومة تعليمية «كنظام بيئيّ - Ecosystem». فكما هي الحال مع أي نظام بيئيّ، تتطلَّب الإحاطة بمنظومة التّعليم فهماً عميقاً، ليس فقط لأدوار العناصر الفاعلة المكونة لها؛ بل لتشابك العلاقات بين جميع هذه العناصر، وترابطها على مستويات واتجاهات عدة. فلا يمكن للجهود التّطويرية في التعليم أن تنجح في تحقيق غاياتها بالعمل على بعض مكونات المنظومة دون غيرها، أو دون الإلمام بالتأثير متعدد الجوانب الذي سينجم مع كافة عناصر منظومة التعليم من جرّاء ذلك. فلا يمكن الحديث عن تطوير للمناهج مهما كان حداثياً وممنهجاً لخدمة المجتمع وتطلعاته، دون تبني المعلّم لمسوّغات هذا التطوير، ومن ثم تطوير أساليبه في التدريس؛ لتواكب التغيير، ودون دعم مؤسَّسي للمعلّم سواء أكان بتوفير التدريب المناسب، أم المصادر التعليمية الضروريّة.
كما أنّه لا يمكن تعزيز أنماط التقييم المختلفة، والاستفادة من اختباراتنا الوطنيّة المعياريّة -على سبيل المثال- دون أن يتوافق الوعي الجمعيّ للطّلبة والمعلّمين والقيادات المدرسيّة وأولياء الأمور مع ضرورتها؛ لضمان جودة التّعليم والتَّعلم، وأنّ الهدف من التقييم بالدّرجة الأولى هو إظهار التقدم المعرفي والمهاري، وكشف الفجوات في التعلم؛ بهدف جَسْرِها، وليس حصد الدّرجات.
وعلى الرّغم مِن الطّبيعة الخاصّة لمنظومة التعليم العالي، فإنّ منطق التبصُّر في عناصرها الفاعلة كافَّة، وفي العلاقات المتشابكة بين هذه العناصر أمر ضروري لجهود الارتقاء بهذه المنظومة. 
ومن الأهمية بمكان أن نؤكد أنّ منظومة التّعليم الشّامل في دولتنا لا ينضوي تحت مظلتها، التّعليم الحكومي المدرسي والجامعي فقط؛ بل يشكِّل قطاع التّعليم الخاصّ بشقيْه العام والعالي مكوّناً أساسيّاً وجزءاً أصيلاً لا يتجزَّأ من هذه المنظومة. إنّ إحدى مميزات قطاع التّعليم المهمة في دولتنا هي التنوُّع الكبير والمتاح سواء أكان في التّعليم العام أم التعليم الجامعي. فتعدُّد المناهج الدّراسيّة الدولية في قطاع التعليم المدرسيّ الخاص، والمؤسَّسات الجامعية الخاصّة يعكس ثقافة الانفتاح. 
ولهذا فإن استمرار العمل المشترك بين القطاعين لترسيخ فهم عميق، وتطبيق دقيق لرؤية ورسالة وأهداف التعليم ضرورة حتميّة لضمان النّجاح. كما أننا نرى أنّ السّياسات العامّة المنظمة لقطاع التّعليم، وتلك المتعلقة بمواءمة مخرجات التّعليم على اختلاف المناهج الدّراسيّة مع معاييرنا الوطنيّة، تمثل مرتكزات أساسية للتأكد من الانسجام والتّناغم بين مكونات منظومة التّعليم العامّ الشّامل.

وزير التربية والتعليم

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

وزير التربية والتعليم

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"

مقالات أخرى للكاتب