هل يترشح ترامب للرئاسة؟

00:57 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. فايزرشيد

لعلّ الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، من أكثر محبّي السلطة، ولذلك رفض فوز الرئيس بايدن في الانتخابات الرئاسية عام 2020، كما حرّض أنصاره على اقتحام مبنى الكابيتول، وصولاً إلى احتلاله للتأكيد أن الفوز في الانتخابات قد سُرق منه. لكن في النهاية جرى إعلان جو بايدن رئيساً.

ومنذ تلك اللحظة، تردّد أن ترامب سيترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة عام 2024 ما يحوّل السلطة لديه إلى شهوة.

والحقيقة أن حرب السيطرة على البيت الأبيض قد بدأت بشكل مبكّر وحامي الوطيس. فبينما يحاول الحزب الديمقراطي إغراق ترامب وأفراد من طاقمه بالملاحقات القضائية، بالمقابل يسعى تيار ترامب عبر خطابه الشعبوي إلى تثبيت قواعده الانتخابية وتعزيزها، استعداداً للاستحقاق الانتخابي المقبل. وقد أظهرت معاهد أمريكية استراتيجية متخصصة أن الأمريكيين لا يريدون كلّاً من بايدن أو ترامب، انطلاقاً من معطيات الواقعين الاقتصادي والسياسي المترديين بشكلٍ كبير في هذه الحقبة من التاريخ الأمريكي. فالتضخم بلغ أرقاماً قياسية لم تشهده أمريكا من قبل. ربما لم يكن للرئيس بايدن دور فيها لكن مشروعه السياسي لم يحقق الرّفاه للأمريكيين المتطلعين إلى من يخرجهم من نفق الأزمة التي وقعوا فيها.

لقد ألمح ترامب مراراً، إلى أنه يدرس محاولة جديدة لدخول البيت الأبيض، ويبدو أن المشروع السياسي الذي جاء به وتبناه خلال وجوده في منصب الرئاسة قد حدّ من تراجع الاقتصاد الأمريكي لكونه ركّز جهوده على الداخل، كما ابتعد بشكل كامل عن الحلفاء، حتى ظنّ هؤلاء أن الولايات المتحدة لم تعد تريدهم، واعتقد البعض أن حلف شمال الأطلسي قد دخل في حالة موت سريري.

وساهم في هذا الاعتقاد أن ترامب أوقف دعماً للحلف، ورفض دفع المال إلا للضرورة.

وعلى الرغم من أن الرئيس بايدن أعاد كل شيء إلى حالته السابقة، وأكّد أهمية الحلفاء، وأعاد الدعم ل«الناتو» وصولاً إلى إدخاله في مواجهة مفتوحة مع روسيا قد تتحول إلى حرب كبرى جديدة في أوروبا، لكنه تسبب بخسائر كبيرة لبلاده. فالتضخم الحاصل اليوم هو أبلغ دليل على فشل سياسة بايدن، الأمر الذي دفع بالعديد من المراقبين إلى التنبؤ بعودة ترامب، حيث وضع ديك موريس الذي قدم المشورة لبيل كلينتون كتاباً بعنوان «العودة: عودة ترامب»، يقول فيه: «إن دونالد ترامب سيرشح نفسه للرئاسة مرة أخرى وسيفوز بسهولة بترشيح الحزب الجمهوري ويستعيد البيت الأبيض»، جراء التضخم وارتفاع أسعار الغاز والركود الاقتصادي.

غير أن هناك من يرى أن ترامب في حال ترشحه لن يفوز انطلاقاً من أن شروط الحزب الجمهوري الداخلية التي مكّنت من صعوده عام 2016 لم تعد موجودة. لكن هناك شخصيات جمهورية بارزة ستدخل في السباق الانتخابي، وعلى رأس هؤلاء رون ديسانتيس، حاكم ولاية فلوريدا الذي يتمتع بشعبية كبيرة داخل الحزب، حيث تُظهر الاستطلاعات المبكرة أنه المرشح الأوفر حظاً لترشيح الحزب الجمهوري له.

ومهما كانت المؤشرات التي تقدمها استطلاعات الرأي فإن الكلمة الأخيرة تعود للناخبين، وبالتالي ستكون الحظوظ لمن يمتلك القدرة على إقناعهم، ويحافظ على ذلك حتى الرمق الأخير من السباق، سواء أكان السباق الداخلي للفوز بترشيح الحزب، أم السباق الأخير للفوز برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة أن الانتخابات القادمة تسبقها أحداث ساخنة لم يشهدها العالم منذ عقود، أهمها الحرب الروسية – الأوكرانية، وصحوة التنين الصيني وتهديده للنفوذ الأمريكي في آسيا ومنطقة الشرق الوسط.

وعلى الرغم من سجلّ ترامب السيئ في المنصب وسلوكه الخاطئ في كثير من الأحيان، لكن وفقاً لمراقبين عدة، فإن قبضته تعززت في الحزب الجمهوري، وهذا ما تؤكّده بعض استطلاعات الرأي.

إن أكثر من عامين يفصلاننا عن الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة، وترشيح ترامب من عدمه سيكون مرتبطاً بالعديد من العوامل التي ستحصل خلال هذه المدّة الطويلة، لكن يمكن التأكيد أن دونالد ترامب سيرشّح نفسه للرئاسة الأمريكية إن لم تحصل أحداث دراماتيكية تمنعه من ذلك.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8trrrw

عن الكاتب

كاتب وباحث في الشؤون الاستراتيجية، وهو من الخبراء في الصراع الفلسطيني العربي-"الإسرائيلي". إضافة إلى أنه روائي وكاتب قصة قصيرة يمتلك 34 مؤلفاً مطبوعاً في السياسة والرواية والقصة القصيرة والشعر وأدب الرحلة. والمفارقة أنه طبيب يزاول مهنته إلى يومنا هذا

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"