عادي

تعرف إلى جذور «الرواية الجديدة»

22:25 مساء
قراءة 3 دقائق
كتّاب الرواية الجديدة

القاهرة - الخليج:

منذ ما يقرب من عام كتب الناقد أنطوان أبا زيد: «تيار الرواية الجديدة يعود إلى الواجهة الفرنسية بثورته المفتوحة» مؤكداً أن مراسلات الروائيين الرواد، التي صدرت في كتاب آنذاك، لا تزال تطرح أسئلة التجديد والمواجهة؛ إذ جمع أحد النقاد الفرنسيين، الرسائل التي تبادلها رواد موجة «الرواية الجديدة» وأصدرها في كتاب.

ترجع جذور «الرواية الجديدة» إلى أزمة الرواية التقليدية، في أوائل القرن الماضي، وكانت الأزمة تدور أساساً حول مفهوم الواقعية، وميل العديد من الأدباء إلى محاكاة كبار الكتّاب.

بدأ مارسيل بروست بمهاجمة هذا التيار الغارق في المحاكاة قائلاً: «إن الحياة الحقيقية، توجد في الانطباعات الكامنة في أعماق الذاكرة، ويتعين على الروائي أن يترجمها، مستعيناً بمختلف الصور والكتابات، وهي نفس القضية التي أثارها أندريه جيد، بصورة مختلفة في روايته «المزيفون» فاستعان بالتقطيع الزمني، ليعبر عن الواقع، أثناء معايشته».

في الخمسينات من القرن الماضي، راح عدد ضئيل من الكتّاب، يعمل في الظل، بعيداً عن صخب الإعلام، ويمكن تقسيمهم إلى مجموعتين: مجموعة تحاول التعبير عن عالم مختلف، يجذب القرّاء، على الرغم مما به من اكتئاب، يكشف الجانب الخلفي للعالم، الذي نعيشه في الحياة اليومية التقليدية، ومجموعة راحت ترفض الجوانب العادية المألوفة، لتعبر عن المشاعر بإثارتها، وليس بتحليلها، وأهمية عنصر الذاكرة، وعنصر الزمن، لدى هذه الفئة من الروائيين، يجعلهم ينتمون إلى مفهوم مارسيل بروست الروائي الباحث عن الزمن.

توضح الأكاديمية والمترجمة د. زينب عبد العزيز أن موجة الرواية الجديدة تقع فيما بين عامي 1950 و1968 أي بين تاريخين، لهما مغزاهما الأدبي والاجتماعي والسياسي، بالنسبة لفرنسا؛ إذ يمثلان حرب كوريا وثورة الطلبة وما تبعهما من أزمة وتغيير في المفاهيم، وبدأت هذه الموجة للرواية الجيدة، بأعمال صمويل بيكيت ثم بمجموعة من الكتّاب هم: آلان روب جرييه، ناتالي ساروت، ميشيل بوتور، وكلود سيمون.

*رفض السائد

ما يربط بين هؤلاء الكتّاب هو موقفهم الرافض للمفاهيم السائدة، ومحاولة البحث عن التجديد، بعيداً عن الأنماط التقليدية للحبكة والشخصيات ومحاكاة الواقع، من أجل الوصول بالرواية إلى قوانين ذاتية، أي رواية لا تعتمد على شيء سوى مفردات عناصرها، بعيداً عن أي سرد منطقي، وبعيداً عن الحكاية المترابطة، فانساقوا في تيار تجريدي، يعتمد على ذاتية الكاتب، وعلى أهمية الوصف، مع تعديل وتبديل لموقف الإنسان كموضوع للعمل الأدبي، أي أن مفهوم «الرواية الجديدة» قائم على رفض فكرة القصة أو الحكاية مترابطة الأحداث.

كما قام كتاب «الرواية الجديدة» بقلب مفهوم صلة القارئ بالرواية، فبعد أن كان القارئ يتمثل نفسه في أبطال الرواية، أصبح عليه أن يتمثل نفسه مع الكاتب، ويتتبعه فيما يبحث عنه، وفيما يحاول التعبير عنه، أي أن يعايشه من الداخل، بفضل معالم عليه البحث عنها.

بذلك يتحول القارئ إلى نوع من الوعي الحيوي الخلّاق، فما يقدم له لم يعد ذلك العالم مسبق التجهيز أو المتجانس، الذي اعتاده، وإنما رؤيا عليه أن يسهم في تكوينها.

* تكوين الرواية

هذه المشاركة في تكوين الرواية هي التي تمثل صعوبة قراءة روايات الموجة الجديدة – وقتها – إلا أن هناك وسيلة يمكن للقارئ أن يكتسبها من القراءة، أو على حد قول ميشيل بوتور: «هناك أجرومية معينة، على القارئ أن يتعلمها من خلال الصفحات الأولى» فالرواية الجيدة في نظر كتّابها ليست مجرد نظرية، وإنما عبارة عن عملية بحث وتجميع لذلك الأسلوب المتقطع ولتلك الرؤيا المتناثرة.

من هنا – كما توضح الدكتورة زينب عبد العزيز – كان اختلاف الرواية باختلاف كتابها، ما أدى إلى تعدد اتجاهاتهم واختلاف أساليبهم، ولم تعد الرواية عبارة عن سرد أو كتابة مغامرة معينة بالشكل المألوف، وإنما أصبحت تمثل مغامرة الكتابة في حد ذاتها أو بقول آخر تمثل المغامرات اللغوية والمغامرات التخيلية.

لعل ما نتج عن هذا التيار هو المزيد من الجرأة في الكتابة، والمزيد من الحرية في التعبير، وأدى إلى تحرر كامل من كافة الأشكال الروائية السابقة، إلا أنه أدى في نفس الوقت إلى مزيد من صعوبة متابعة العمل الأدبي، من كثرة ما يتطلبه من جهد وتركيز، لتذكر شتى هذه الشذرات، والربط بينها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/45w2cm9y

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"