العرب.. ومواجهة التحديات

00:25 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. فايز رشيد

مع اختتام القمة العربية أعمالها في العاصمة الجزائرية قبل أيام قليلة، حيث انعقدت وسط تحديات صعبة وكثيرة، حاول القادة العرب الذين حضروا أعمالها من خلال القرارات التي توصلوا إليها، الوقوف أمام هذه التحديات التي تواجهها أمتنا في واقعها الراهن ووضع الحلول لها، وبخاصة في ظل تعمّق القُطرية للأسف، وهي التي تقلل من حجم التنسيق المفترض بين دولنا، كما تسهم في تأجيج حدّة الخلافات بينها، على الرغم من أن الواقع الراهن هو عصر التجمعات الإقليمية، والأولى بدولنا التي توحّدها الكثير من العناصر المشتركة، السعي إلى المزيد من التنسيق، وصولاً إلى التكامل بينها تجاه العديد من القضايا.

لقد أكدت قرارات قمة الجزائر رفض التدخّلات الخارجية بجميع أشكالها في الشؤون الداخلية للدول العربية، وشددت على التمسك بمبدأ الحلول العربية للمشاكل العربية، وهذا يتأتى من خلال تعزيز دور جامعة الدول العربية. لقد أكدت القرارات أيضاً، التمسك بمبادرة السلام العربية بكافة عناصرها لحل القضية الفلسطينية، وهي التي رفضتها إسرائيل حينها عندما أطلقتها القمة العربية في بيروت عام 2002.

جدير بالذكر أنه سبقت القمة مبادرة جزائرية جمع خلالها الرئيس الجزائري الفصائل الفلسطينية من أجل توحيد مواقفها، وقد رحّبت القمة بلمّ الشمل الفلسطيني، مؤكدة ضرورة مواصلة الجهود لحماية المدينة المقدّسة.

لقد أشار إعلان الجزائر إلى التضامن الكامل مع الشعب الليبي، ودعم جهود حل الأزمة التي تعصف بليبيا، سلمياً. كما ركز على دعم الشرعية في اليمن من خلال الحل السياسي وفق المرجعيات المعتمدة، مع التشديد على ضرورة تجديد الهدنة الإنسانية كخطوة أساسية نحو هذا المسار الهادف إلى الحفاظ على وحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه، ورفض جميع أشكال التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية.

ودعت القمة الدول العربية إلى القيام بدور جماعي قيادي للمساهمة في جهود التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، ومعالجة كافة تبعاتها السياسية والأمنية والإنسانية والاقتصادية، بما يضمن وحدة سوريا وسيادتها، ويحقق طموحات شعبها ويعيد لها أمنها واستقرارها ومكانتها إقليمياً ودولياً. وعلى هذا الصعيد يتوجّب إعادة سوريا للصف العربي وممارسة دورها تجاه مختلف القضايا العربية. وفي ما يتعلق بالعراق، رحّب بيان القمة بتنشيط الحياة الدستورية فيه، كما أكد التضامن مع لبنان للحفاظ على أمنه واستقراره، ودعم الخطوات التي اتخذها لبسط سيادته على أقاليمه البرية والبحرية.

ولعل أهم ما اتخذ من قرارات هو الالتزام بمضاعفة الجهود لتجسيد مشروع التكامل الاقتصادي العربي، وفق رؤية شاملة تكفل الاستغلال الأمثل لمقوّمات الاقتصادات العربية وللفرص الثمينة التي تتيحها، بهدف التفعيل الكامل لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، تمهيداً لإقامة الاتحاد الجمركي العربي. ويعتبر هذا القرار في حال تطبيقه، منطلقاً أساسياً للعمل العربي المشترك، وخطوة في اتجاه التوحّد العربي، باعتبار أن الاقتصاد هو القاطرة للعمل الوحدوي. وتم التشديد على ضرورة توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله وتجفيف منابع تمويله.

لقد حاولت القمة بشمولية واسعة، وضع النقاط على الحروف تجاه كافة القضايا الخلافية في العالم العربي، وبيّنت الحلول التي تعزز وحدة الصف العربي، والتي تقف عائقاً أمام العمل العربي المشترك من جهة، وتسهم في زيادة الانقسام بين دولنا من جهة ثانية، مع إدراك صعوبة واتساع حجم التحديات التي تعصف بعالمنا العربي. ثم علينا ألاّ ننسى أن القمة السابقة انعقدت قبل ثلاث سنوات في عام 2019، على أمل أن تدور عجلة انعقاد القمم العربية من جديد كسابق عهدها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yeytme3x

عن الكاتب

كاتب وباحث في الشؤون الاستراتيجية، وهو من الخبراء في الصراع الفلسطيني العربي-"الإسرائيلي". إضافة إلى أنه روائي وكاتب قصة قصيرة يمتلك 34 مؤلفاً مطبوعاً في السياسة والرواية والقصة القصيرة والشعر وأدب الرحلة. والمفارقة أنه طبيب يزاول مهنته إلى يومنا هذا

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"