عادي
تعاملات تديرها العاطفة والظروف

«المساندة المالية».. ميزان العلاقات الإنسانية

23:28 مساء
قراءة 3 دقائق

الشارقة: زكية كردي
يعتبر البعض الاقتراض والمساندة المالية من الآخرين، ميزان العلاقات الإنسانية، إذ إن مساندة الآخرين في الظروف الصعبة تصرف نبيل تدفعه العادات والتربية الطيبة ورغبة العطاء، لكن الكثيرين خاضوا تجارب سيئة مع مقربين، بسبب عدم الوفاء بوعد السداد، أو رفض طلب الإقراض، ما جعلهم يعيدون التفكير ألف مرة قبل أن يقرضوا أحداً، فلا قوانين تحكم هذه التعاملات.

«التعامل مع القروض الشخصية يحتاج إلى مرونة وتقدير الحالة»، حسب خالد الصالح، موظف عقارات، ويقول: «أولوية سداد القروض نسبية عموماً، بالنسبة لي عندما أكون مديناً لشخص أحاول قدر الإمكان الوفاء بالدين في وقته عندما نتفق على الأمر، لكن أمر الأولوية يكون خاضعاً للشخص والاتفاق والقدرة على السداد، فهناك أشخاص مقربون جداً يقدرون الأولويات ويتركون الأمر إلى أن تتحسن الظروف، أما إذا كنت أنا صاحب الدين، فعادة لا أضع الوقت المتفق عليه في حساباتي لكي أعفي نفسي من الانتظار والتوتر وخيبة الأمل، فغالباً لا يلتزم الناس بوعودهم».

أما ثريا أحمد، موظفة مبيعات، فتتعامل مع القروض بطريقة خاصة جداً ابتكرتها بنفسها، وتقول: «بما أني لست ثرية، وأرفض فكرة أن أستدين من أحد، وعندما أقرر مساعدة شخصاً مقرباً فأنا أقدر الحالة وأتنازل عن المبلغ بيني وبين نفسي لئلا أنزعج بتوقع استعادته، أو أجعله يؤثر في علاقتي بهذا الشخص، لكنني غالباً أرفض فكرة الدين، فأنا أكرهها وأرى أنها مفتاح للحساسية وخسارة العلاقات الجميلة، فهو أشبه بتخطي الحدود الأساسية للحفاظ على العلاقات».

الصورة

ظروف قاهرة

توضح فاطمة سالم، ربة منزل، أن «كل إنسان معرض لأن يمر بظروف قاهرة ينبغي أن يجد فيها الأصدقاء والأقارب، والحاجة للاستدانة أمر إنساني؛ فالناس للناس»، وتقول: «لا شك أن هذا الأمر يسبب الكثير من الخلافات بين البشر، فغالباً ما يعجز الشخص عن السداد بسبب الظروف ويضطر للكذب بوعوده، فيخجل ويشعر بالصغر أمام الدائن، وعادة في هذه المواقف ومع تكرار الوعود يمتنع الناس عن الرد لعدم إيجاد ما يقولونه، فيحصل الخلاف وتتشوّه العلاقة دون قصد من الطرفين، لهذا أرى أن هذه الأمور نسبية ويعود تقديرها إلى معرفتنا بالشخص».

طبيعة العلاقة

يترك محمد عبدالله داوود، مدير مبيعات، «مسألة إقراض الآخرين بحسب طبيعة العلاقة معهم»، ويقول: «لا أقرض شخصاً لا يعنيني أمره، ومن يعنيني أمره لا أهتم بوقت سداد قرضه، فالأهم عندي أن أساهم بحل مشكلته، وأقف إلى جانبه، أما بالنسبة لي عندما أستدين من شخص فكان هذا يحصل نادراً، ويكون المبلغ لفترة محدودة حتى موعد الراتب، لكن خلال فترة الوباء تأثرت مثل الكثير من الناس، ورأيت أن المال أوجد خللاً في العلاقات، بتأثر المشاعر السلبية مثل الإحراج والغضب والخذلان أو الشعور بالخزي».

أما نجاة هلال، ربة منزل، فترى أن «التحكم في هذه العلاقات أمر صعب، وأنه يعود إلى مكانة الشخص أولاً، والقدرة على المساعدة ثانياً»، وتقول: «أحياناً نوضع بموقف حرج لتقديم المساعدة لأشخاص لا نثق بهم، وليسوا مقربين، لكنهم قادرون على وضعنا أمام الأمر الواقع، في هذه الحالات أفضل أن أتحكم بالأمر قدر الإمكان، فأقدم جزءاً من المبلغ المطلوب وهو المبلغ الذي أكون مستعدة للاستغناء عنه في حال تأكدت شكوكي بالطرف الآخر، وبنفس الوقت لا أشعر بالذنب بسبب التخلي عن شخص قصدني طالباً المساعدة، فلا أشعر بالغباء لأني سمحت بأن أكون عرضة للاستغلال، ولا أشعر بالذنب».

تأثير إيجابي

يرى عمر فاضل الأحمد، مدير في شركة تحصيل ديون، أن إقراض المال يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على العلاقات الإنسانية من حيث بناء الثقة والروابط المتبادلة بين الناس، ويقول: «عندما تقرض المال لشخص فأنت تظهر إيمانك بقدرته على السداد، وتبين مدى استعدادك لمساعدته وقت الحاجة، ما يعزز الشعور بالاحترام المتبادل والامتنان ويقوي العلاقات، لكن مع ذلك من المهم أن ندرك أن إقراض المال يمكن أن يكون له عواقب سلبية، خصوصاً إذا لم يتم السداد، أو إذا كانت شروطه غير واضحة أو عادلة».

وينصح الأحمد لتقليل مخاطر الإضرار بالعلاقات بأن يكون هناك توقعات واضحة، والتواصل بصراحة وصدق بين الطرفين، فخيار إقراض المال قرار شخصي يعتمد على الوضع المالي لمقدم المال وعلى أهدافه، ومع ذلك من المهم إجراء تقييم شامل للمقترض المحتمل بما في ذلك استقراره الوظيفي وقدرته على سداد القروض».

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mvu26ppb

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"