عادي

«تشات جي بي تي» يُطلق طفرة في الكتب الإلكترونية المكتوبة بالذكاء الاصطناعي على «أمازون»

17:13 مساء
قراءة 6 دقائق

حتى وقت قريب، لم يتخيل بريت شيكلر أنه يمكن أن يكون مؤلفاً وناشراً، رغم أنه كان يحلم بذلك. ولكن بعد أن علم ببرنامج «تشات جي بي تي» للذكاء الاصطناعي، اعتقد شيكلر أن «فرصة قد هبطت في حضنه». وقال شيكلر، بائع في روتشستر، نيويورك: «بدت فكرة تأليف كتاب ممكنة أخيراً، اعتقدت أنه يمكنني القيام بذلك باستخدام برنامج الذكاء الاصطناعي، الذي يمكنه إنشاء كتل من النصوص من مطالبات بسيطة».

وأنشأ شيكلر كتاباً إلكترونياً مصوراً للأطفال من 30 صفحة في غضون ساعات، وعرضه للبيع في يناير/كانون الثاني، من خلال وحدة النشر الذاتي التابعة لشركة «أمازون». وفي الإصدار، «يتعلم سامي السنجاب، الذي تمّ تقديمه بشكل فظ أيضاً باستخدام الذكاء الاصطناعي، من أصدقائه في الغابات حول توفير المال بعد حصوله على عملة ذهبية. ويصنع بنكاً على شكل بلوط، ويستثمر في تجارة البلوط، ويأمل أن يشتري يوماً ما حجراً طاحناً بالجوز. وأصبح سامي أغنى سنجاب في الغابة، وحسده أصدقاؤه وبدأت الغابة تزدهر»، وفقاً للكتاب.

  • اختبار البرنامج

وحقق كتاب «السنجاب الصغير الحكيم: قصة الادخار والاستثمار»، المتوفر في متجر «أمازون كيندل» مقابل 2.99 دولار أو 9.99 دولار لنسخة مطبوعة، أقل من 100 دولار لشيكلر على حد قوله. في حين أن هذا قد لا يبدو كثيراً، إلا أنه يكفي لإلهامه لتأليف كتب أخرى باستخدام البرنامج. وقال شيكلر، الذي استخدم طلبات «تشات جي بي تي» مثل: «اكتب قصة عن أب يعلم ابنه عن محو الأمية المالية»: «كان بإمكاني أن أرى أشخاصاً يصنعون مهنة كاملة من هذا».

وشيكلر في طليعة حركة تختبر برنامج «تشات جي بي تي»، الذي ظهر لأول مرة في نوفمبر/تشرين الثاني، وأحدث ضجة كبيرة في «وادي السيليكون»، وما وراءه لقدرته الخارقة على إنشاء كتل نصية مقنعة على الفور.

  • أكثر من 200 كتاب إلكتروني

وكان هناك أكثر من 200 كتاب إلكتروني في متجر «كيندل» في أمازون اعتباراً من منتصف فبراير/شباط، تدرج «تشات جي بي تي» كمؤلف أو مؤلف مشارك، بما في ذلك «كيفية الكتابة وإنشاء المحتوى باستخدام تشات جي بي تي» و«قوة الواجبات المنزلية» ومجموعة الشعر «أصداء الكون». والعدد يرتفع يومياً حتى أن هناك نوعاً فرعياً جديداً على «أمازون»: كتب حول استخدام «تشات جي بي تي»، كتبه «تشات جي بي تي» بالكامل.

ولكن نظراً لطبيعة «تشات جي بي تي» وفشل العديد من المؤلفين في الكشف عن استخدامهم له، يكاد يكون من المستحيل الحصول على حساب كامل لعدد الكتب الإلكترونية التي قد يكتبها الذكاء الاصطناعي.

ودفع ظهور البرنامج بالفعل بعض أكبر شركات التكنولوجيا، مثل «ألفابت» و «مايكروسوفت» إلى إطلاق برامج مماثلة في «غوغل» و«بينغ»، على التوالي.

وأدى التبني السريع للمستهلكين ل «تشات جي بي تي» إلى تحفيز النشاط المحموم في الدوائر التقنية؛ حيث يضخ المستثمرون الأموال في الشركات الناشئة التي تركز على الذكاء الاصطناعي، ومنح شركات التكنولوجيا غرضاً جديداً وسط كآبة التسريح الهائل للعمال. وتلقت «مايكروسوفت»، على سبيل المثال، تغطية مزعجة هذا الشهر، بسبب محرك بحث «بينغ» بعد إظهار تكامل مع «تشات جي بي تي».

ولكن هناك بالفعل مخاوف بشأن المصداقية؛ لأن «تشات جي بي تي» يتعلم كيفية الكتابة عن طريق مسح ملايين الصفحات من النص الحالي. وأدت تجربة مع الذكاء الاصطناعي بواسطة «سي نت» إلى تصحيحات متعددة وسرقة فكرية واضحة قبل أن يعلق موقع الأخبار التكنولوجية استخدامه.

  • تهديد للمؤلفين «الحقيقيين»

ويبدو الآن أن «تشات جي بي تي» مستعد لإحداث ثورة صناعة الكتب، حيث يتجه الروائيون المحتملون ومعلمو المساعدة الذاتية الذين يتطلعون إلى تحقيق ربح سريع إلى البرنامج للمساعدة في إنشاء كتب إلكترونية مصنوعة من الروبوت، ونشرها من خلال ذراع النشر «كيندل دايركت» من «أمازون». وكتب الأطفال المصورة هي المفضلة لمثل هؤلاء المؤلفين لأول مرة. على «يوتيوب» و «تيك توك» و«رديت»، ظهرت مئات البرامج التعليمية، لتوضيح كيفية صنع كتاب في غضون ساعات قليلة. وتشمل الموضوعات مخططات الثراء السريع، ونصائح النظام الغذائي، ونصائح ترميز البرامج والوصفات.

وقالت ماري راسنبرجر، المديرة التنفيذية لمجموعة الكتاب «نقابة المؤلفين»: «هذا شيء نحتاج حقاً إلى القلق بشأنه، هذه الكتب ستغرق السوق وسيكون الكثير من المؤلفين عاطلين عن العمل».

وأضافت: «إن كتابة الأشباح من قبل البشر لها تقليد طويل، لكن القدرة على الأتمتة من خلال الذكاء الاصطناعي يمكن أن تحول كتابة الكتب من حرفة إلى سلعة». وتابعت: «يجب أن تكون هناك شفافية من المؤلفين والمنصات حول كيفية إنشاء هذه الكتب، أو ستنتهي بالكثير من الكتب منخفضة الجودة».

وأظهر أحد المؤلفين، الذي يذهب إليه فرانك وايت، في مقطع فيديو على «يوتيوب» كيف أنشأ في أقل من يوم رواية من 119 صفحة بعنوان «قواد المجرة: المجلد.1»، حول الفصائل الغريبة في مجرة بعيدة تتصارع على بيت دعارة يعمل به الإنسان. ويمكن الحصول على الكتاب مقابل دولار واحد فقط في متجر الكتب الإلكترونية «كيندل» من «أمازون». وفي الفيديو، يقول وايت: «إن أي شخص لديه المال والوقت يمكنه إنشاء 300 كتاب من هذا القبيل سنوياً، وكلها تستخدم الذكاء الاصطناعي».

ويشعر العديد من المؤلفين، مثل وايت، بأي واجب للكشف في متجر «كيندل» أن روايتهم الأمريكية العظيمة كتبت بالجملة بواسطة جهاز كمبيوتر، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن سياسات أمازون لا تتطلب ذلك. وعندما طلبت «رويترز» التعليق، لم تتناول «أمازون» ما إذا كانت لديها خطط لتغيير أو مراجعة سياسات متجر «كيندل» حول المؤلفين «استخدام الذكاء الاصطناعي أو أدوات الكتابة الآلية الأخرى».

وقالت ليندسي هاميلتون، المتحدثة باسم «أمازون»: «يجب أن تلتزم جميع الكتب في المتجر بإرشادات المحتوى الخاصة بنا، بما في ذلك من خلال الامتثال لحقوق الملكية الفكرية وجميع القوانين الأخرى المعمول بها». ورفضت متحدثة باسم مطور «تشات جي بي تي أوبن أي أيه» التعليق.

  • من الفكرة إلى النشر في غضون ساعات فقط

وتعد «أمازون» إلى حد بعيد أكبر بائع لكل من الكتب المادية والإلكترونية؛ حيث تستحوذ على أكثر من نصف المبيعات في الولايات المتحدة، ووفقاً لبعض التقديرات، أكثر من 80% من سوق الكتب الإلكترونية. وأنتجت خدمة «كيندل دايركت للنشر» الخاصة بها، صناعة منزلية من الروائيين الناشرين ذاتياً، مما أدى إلى إنشاء منافذ خاصة لعشاق المحتوى المثير وكتب المساعدة الذاتية.

وأنشأت أمازون «كيندل دايركت للنشر» في عام 2007، للسماح لأي شخص ببيع وتسويق كتاب من أريكته دون متاعب أو نفقات البحث عن وكلاء أدبيين أو دور نشر. بشكل عام، تسمح أمازون للمؤلفين بالنشر على الفور، من خلال الوحدة دون أي إشراف، وتقسيم أي عائدات يولدونها.

وقد اجتذب ذلك مؤلفين جدداً بمساعدة الذكاء الاصطناعي، مثل كامل بانك، الذي تتمثل وظيفته الأساسية في بيع العطور عبر الإنترنت، والذي راهن على أن زوجته يمكنها صنع كتاب من الفكرة إلى النشر في أقل من يوم واحد باستخدام «تشات جي بي تي»، منشئ صور الذكاء الاصطناعي، وطلب بسيط مثل «اكتب قصة ما قبل النوم عن دلفين وردي يعلم الأطفال كيف يكونون صادقين». ونشر بانك كتاباً مصوراً من 27 صفحة في ديسمبر/ كانون الأول. وقال: «إن قصص ما قبل النوم: قصيرة وحلوة، من أجل نوم جيد متوفرة على أمازون»، وقد استغرق إنشاء بانك حوالي أربع ساعات.

وقال بانك: «إن إجمالي المبيعات بلغ حوالي اثنتي عشرة نسخة، لكن القراء صنفوها بأنها تستحق خمس نجوم، من بينهم شخص أشاد بشخصياته الرائعة التي لا تنسى».

  • الأمر بسيط

ونشر بانك منذ ذلك الحين كتابين آخرين تم إنشاؤهما بواسطة الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك كتاب تلوين للبالغين، مع المزيد في الأعمال. وقال: «الأمر في الواقع بسيط حقاً، ولقد فوجئت بمدى سرعة انتقالها من المفهوم إلى النشر».

ولم يذهل الجميع من البرنامج. وسارع مارك داوسون، الذي ورد أنه باع ملايين النسخ من الكتب التي كتبها بنفسه من خلال «كيندل دايركت للنشر»، إلى تسمية الروايات بمساعدة «تشات جي بي تي» بأنها «مملة» في رسالة بريد إلكتروني إلى «رويترز».

وأضاف: «تلعب الجدارة دوراً في كيفية التوصية بالكتب للقراء الآخرين. إذا حصل الكتاب على مراجعات سيئة؛ لأن الكتابة مملة، فسوف يغرق بسرعة في الأسفل». (رويترز)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ykhp8kfz

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"