عادي

التكافؤ بين القاتل والمقتول

00:22 صباحا
قراءة دقيقتين
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ
القصاص في القتل هو مجازاة الجاني بمثل فعله، وهو قتل نفس بريئة عمداً، وعندئذ يجب أن يقتص من الجاني سواء كان مع سبق إصرار أو الترصد أم من غير ذلك.

والقصاص مشروع بالكتاب والسنة والإجماع والعقل، قال تعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصاصُ في القَتْلى» الآية 178 من سورة البقرة.

وفي السنة «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة». متفق عليه.

والإجماع على وجوب القصاص ثابت، والعقل يقتضي بتشريع القصاص، لأنه العدالة، وفيه مصلحة، إذا أردنا أن نوفر الأمن وحماية المجتمع، ولذلك قال الله تعالى: «وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ ..» الآية 179 من سورة البقرة.

ولكي يثبت القصاص اشترط الفقهاء شروطاً في القاتل وشروطاً في المقتول، فاشترطوا في القاتل:

1 - أن يكون بالغاً عاقلاً.

2 - أن يكون متعمداً في قتله للنفس البريئة.

3 - أن يكون التعمد خالصاً من الشبهة، فلا قصاص إذا تعمد ضربه فممات وكان قصده التأديب.

4 - يشترط الأحناف أن يكون القاتل قتل بكامل حريته، فلا قصاص عندهم على المستكره.

أما المقتول فاشترطوا فيه:

1 - أن يكون معصوم الدم، انظر «الدر المختار» ج 5 - ص 378، و«الشرح الكبير» ج 4 - ص 227 و«مغني المحتاج» ج4 - ص15 و«كشاف القناع» ج5 - ص585.

2 - ألا يكون المجني عليه جزء القاتل، أي لا تكون بينهما علاقة الأبوة والبنوة.

3 - اشترط الجمهور أن يكون المقتول مكافئاً للقاتل في الإسلام والحرية. وبناء على هذه الشروط لا يقتص من مسلم إذا قتل غير مسلم أو أيّاً من مباحي الدم في الإسلام.

ولا يقتص من الأب أو الجد وإن علوا في قتل الولد وإن سفلوا، للحديث الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يقاد الوالد بالولد».. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه.

أما إذا قتل الولد والده فإنه يُقتل بذلك باتفاق الفقهاء، وإذا قيل: لماذا يُقتل الولد بالوالد، ولا يُقتل الوالد بالولد؟ قلنا إن محبة الوالد لولده لا تشوبها شائبة إلا إذا كان مختل العقل.

أما الولد فربما لمصلحة مادية أو لأن الوالد لم يعطه مثل ما أعطى سائر إخوته فيرتكب جريمة القتل، كما أنه في أي حال ينتظر موت والده ليحصل على الإرث، فكم من ضعفاء النفوس والإيمان يرتكبون الجريمة من أجله.

وأمّا التكافؤ بين المقتول والقتيل فهو شرط الجمهور، لأنهم يستدلون بحديث: «لا يقتل مسلم بكافر». رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وأبو داوود كما رواه البخاري.

لكن الحنفية لم يشترطوا التكافؤ في الدين والحرية، وقالوا: إن التكافؤ في الإنسانية يكفي للقصاص، لأن قوله تعالى: «كتب عليكم القصاص في القتلى» لم يفرق بين المسلم وغير المسلم.

والآية الثانية: «وكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ..» الآية 45 من سورة المائدة وردت عامة، وهناك أحاديث تفيد المساواة في الإنسانية فقط، انظر «البدائع» ج7 - ص227، وانظر «تبيين الحقائق» ج6 - ص102 وما بعدها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8f8fkf

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"