عادي

صانع البهجة

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين
1

لا تصبح عين البصيرة حادة إلاّ إذا ضعفت الرؤية في الجسد، ولا شيء يستطيع أن يُضعف البصيرة كما تفعل نار الحسد، حيث لا ترى ملامح الحق الجلي إلاّ النفس الرفيعة، ولا يطمس معالمه البسيطة إلا الذنوب الفظيعة، ففي الواقع استطاع العلم أن يحدد سرعة الضوء بعيداً عن الأحلام، لكن السؤال هل من الممكن حقاً أن نجد مقياساً لسرعة الظلام؟!

1
سيد مكاوي

لم يبصر من الدنيا سوى حلم، أغنية وعزف ولحن ونغم، وإن لم يقرأ لغة النوتة يوماً، ولم يتعلم الموسيقى تعليماً لائقاً، ولكن هذا لم يشكل له عائقاً، فقد صنع من عجزه إعجازاً فائقاً، وزرع بزهور صفاء روحه حدائق، وأشعل بموسيقاه بحراً أطفأ به حرائق، ثم شقَّ بفنه بُعداً، بذل فيه حباً وجهداً، حيث لا يهم إن كان الطريق أمامك طويلاً، والعالم حولك مقلوباً أو هزيلاً، وإنما المهم أن تصل لهدفك وصولاً جميلاً، هكذا وصل الفنان الكبير الراحل سيد مكاوي بنجاحٍ عظيم، فتميز في الماضي والحاضر والآتي، كما أطلق عليه جمهوره الغفير لقب «صانع البهجة» وعرفوه ب«المسحراتي»، لأنه ببساطة الرائع مكاوي، الموسيقي المحبوب الهاوِي، صاحب أعذب الألحان، في أجمل ليالي رمضان، ولأنه الملحن والمؤلف والمغني المشهور، الذي لم يرَ أحداً من الحشود والجمهور، فقد أصيب وهو صغير بعلةٍ في عينيه أفقدته البصر، ولا تزال الأقاويل تتكاثر حول أسباب حدوث هذا الأمر، فهنالك من يقول إنه بكى حرقة لوفاة والده حد العمى، وهناك من أجزم بقصة رمدٍ صديدي على عينيه ارتمى، ويقال أيضاً إن والدته حاولت علاجه بالبن عوضاً عن الدواء، وبالتالي تسبب الجهل والفقر بهذا البلاء، ومع ذلك عُرِف بمقولته الشهيرة: «هل تريدون لي أن أرى الدنيا؟ ألا يكفي ما ترونه أنتم؟».

علّم سيد مكاوي نفسه بنفسه على آلة العود، ولم يفارق آلته في القيامِ والقعود، وحفظ الأعمال التراثية المسجلة على الأسطوانات، وعزف جميع ألوان الآهات وأنواع الأنّات، ثم قلب عجزه قوة، ولحّن حزنه بهجةً، فهو من عكف على تعميم نمط الطرب، ليُعجب به الغرب ويعشقه العرب، ولذا يعتبر من أكثر الملحنين الذين يتذكرهم الناس، خاصة لمساهمته في عرض «الليلة الكبيرة» بكل حماس وإحساس، فالحقيقة أنه كان ضحوكاً ويكره الكلام الجارح الجاد، ولعله لذلك تزوج بنور قلبه فأبصر ابنتين وأربعة أحفاد.
الاسم: سيد مكاوي
التاريخ:
1926 – 1997 /71 سنة
الجنسية: مصري
من أعماله: حلوين من يومنا والله

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3znemkfn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"