عادي

الصراع مع الآخر في الرواية العربية

20:26 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: «الخليج»

أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب كتاب «صورة الذات وجدلية الصراع مع الآخر» للدكتورة رشا الفوال، والكتاب عبارة عن مقاربات نقدية من منظور نفسي في الرواية العربية، وذلك انطلاقاً من كون مفهوم الذات يعني التكوين المعرفي المنظم للتصورات الخاصة بالذات.

الروايات التي ارتكزت عليها المقاربات: حالة شجن، للكاتب أحمد رجب شلتوت، وتاريخ آخر للحزن، للكاتب أحمد صبري أبو الفتوح، واختفاء السيد لا أحد، للكاتب الجزائري أحمد طيباوي، ونصوص القسوة، للكاتبة الإماراتية باسمة يونس، وسيدات القمر، للكاتبة العمانية جوخة الحارثي، ويوم الثبات الانفعالي، للكاتبة المصرية سهير المصادفة، وفضاء ضيق، للكاتب العراقي على لفتة سعيد، وأشباح بروكسيل، للكاتب المصري محمد بركة، وحفلة أوهام مفتوحة، للكاتب السوري هوشنك أوسي.

صورة الذات التي تسعى الدراسات الحالية للرواية العربية من أجل اكتشافها، إنما هي تلك الذات الحقيقية الكامنة في أعماق شخصيات الُكتَّاب الروائية، لأن البحث عن صورة الذات ليس بحثاً عن ذات فردية منفصلة عن الجماعة السيكولوجية، والفترات التاريخية التي أنتجت مجموعة من الأحداث والمواقف المختلفة.

كما أن «الآخر» الذي يشعر به «الأنا» هو على الأدق «أنا آخر؟ وهو أقرب ما يكون إلى ما يُسَّمى: صورة الذات، وإذا افترضنا أن هذه الصورة تشكِّل جزءاً من مفهوم الذات العام يُسَّمى مفهوم الذات الظاهري الذي يعني نظرة الإنسان لنفسه، مقارنة بالآخر من حيث الشكل والسلوك؛ نجد أنه في أحد مقومات معناه الذي نألفه الآن، يدل على الإنسان منظورا إليه من نفسه ومن غيره في آن واحد».

صورة الذات يمكن التماسها في انفعالات الشخصيات التي تتحَّقق عن طريق التداخل بين وعى الآخر، ووعى الأنا، حتى لو كان ذلك التداخل من أجل البحث عن ُهوية مشتركة؛ فالانفعال عبارة عن ذلك الآخر الذي يقبع داخلنا، وبدونه لا يكون لنا وجود، ومعه يكون وجودنا محفوفاً بالمخاطر.

  • صراع

ولأن الكتابات الروائية، غالباً ما تقوم على رصد المواقف والأحداث الحياتية التي تتصارع فيها القوى النفسية كمحاولة لإلقاء الأضواء على مواطن الضعف والقوة عند الشخصيات، باعتبار النفس البشرية زاخرة بالتناقضات المتصلة اتصالاً مباشراً بضغوط الحياة؛ ولأن «الصراع النفسي» وآلياته له من القوة والجاذبية ما يثير به مشاعر المتلقي، وربما جَسَّد معاناته النفسية؛ هنا يتضح لنا أن حتمية التصوير النفسي لجدلية «الصراع مع الآخر» في الروايات محل الدراسة نابعة من واقعية الُكتَّاب وبراعتهم في كشف الجوانب النفسية للشخصيات، من خلال رصد الظروف الحياتية المحيطة بهم ودوافعهم المختلفة، وبالتالي تفسير سلوكياتهم.

دراسة «الصراع النفسي» وآلياته في الكتابات الأدبية من منظور النقد النفسي تقتضي من الباحث القبض على اللحظات السيكولوجية، والتاريخية التي أنتجت تلك الكتابات، وإن كان فرويد من أوائل الذين دعوا إلى «ارتباط العالم النفسي بعالم الأدب الفني» وهو الأمر الذي يُبرز علاقة الإبداع الأدبي بالسيكولوجيا؛ ذلك أن التحليل النفسي للظاهرة الأدبية عند فرويد قائم على اعتبار «المعنى بنية رمزية حافلة بأبعاد ولها دقة خاصة رغم تحريفها» وإن كان»فرويد» يرى أن الشخصية تتكون من ثلاث قوى: الأنا، والأنا الأعلى، والهو، وهي في صراع دائم.

تجاوز فرويد ذلك إلى فكرة اللاشعور الجمعي حيث يرى أن «علة الإبداع الفني هى تقلقل اللاشعور الجمعي في فترات الأزمات الاجتماعية»، وظهر معه النقد النفسي الذي حَّدد الإبداع في ثلاثة عوامل: الوسط الاجتماعي وتاريخه، وشخصية الكاتب وتاريخها، واللغة وتاريخها.

ولأن موضوع الصراع النفسي وآلياته في الأعمال الأدبية من الموضوعات الأساسية التي يهتم بها النقد النفسي؛ انصبّ اهتمام الدكتورة رشا الفوال في التعامل مع الروايات محل الدراسة على «الدلالات الباطنية في العمل الأدبي الذي قد يتأثر بالعقل الباطن للكاتب أكثر من تأثره بعقله الواعي».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mssjde2d

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"