تحقيق: راندا جرجس
يؤكد أطباء عيون أن الفحص الروتيني أفضل الطرق للكشف المبكر عن المشكلات البصرية التي يمكن أن تصيب الصغار خلال سنوات الطفولة أو التي تحدث منذ الولادة مثل: الحول والعين الكسولة، حسر البصر، وبُعد أو طول النظر، كما يتيح فرصة للسيطرة على الإصابات، والحد من تفاقمها، ويزيد فرص اختيار العلاج المناسب للحالة، وفي السطور القادمة يسلطون الضوء على بعض هذه الآفات وكيفية الوقاية وسُبل التداوي.
يقول د.أنور سجواني، استشاري طب وجراحة العيون، إن الحول أو العيون المنحرفة يصيب 3-5% من الأطفال، ويتم تشخيصه عادة في المدة التي تراوح بين عمر سنة وأربع سنوات، وتنقسم الحالات إلى الحول الإنسي عندما يتحول اتجاه العينين إلى الداخل بشكل متقاطع، أو نحو الخارج ويعرف باسم حول وحشي، أو تكون العيون منحرفة عمودياً (تضخم)، وفي بعض الحالات، قد تتناوب كل عين بين النظر للأمام مباشرة والدوران.
ويضيف: «تشمل أسباب الحول عند الأطفال وجود تاريخ عائلي أو ضعف عضلات العين أو حدوث أخطاء الانكسار (طول أو قصر النظر)، في بعض الأحيان يكون السبب أمراض العيون الخطرة؛ اعتلال الشبكية والمياه الزرقاء أو بسبب أورام العيون».
علامات الحول
يوضح د.سجواني أن اكتشاف الإصابة بالحول يكون عندما يلاحظ الأهل عدم التناسق بين العينين أو يكون شكل العينين بشكل متقاطع، كما يعاني بعض الأطفال نقصاً في التركيز، ولا يمكنهم التعرف إلى الأشياء التي يرونها، فيما يشكو الأكبر سناً من الصداع وازدواج الرؤية، ويتم التشخيص باستخدام ضوء الشعلة العادي ومنظار العين، ويتم فحص منعكس القرنية، والذي يجب أن يكون في مركز القرنية في كلتا العينين، ثم يفحص الطبيب عضلات العين وعملية التناسق بين العينين، وبالتالي الكشف عن العضلات المصابة بالخلل، ويقوم لاحقاً بوضع بعض القطرات، لتوسيع حدقة العين من أجل فحص الشبكية وتشخيص الأخطاء الانكسارية.
خيارات علاجية
يؤكد د.سجواني أن علاج الحول يعتمد على سبب الإصابة، وتنقسم الإجراءات الطبية إلى ثلاثة أنواع؛ هي:
1- التدخل الجراحي لحالات تشوهات عضلات العين، يتم من خلالها علاج عضلتين أو أكثر، ويعد العلاج الوحيد لحول الأطفال.
2- النظارات الطبية لحالات الأخطاء الانكسارية.
3- معالجة السبب كإزالة إعتام عدسة العين، أو اعتلال الشبكية الخداجي، أو استئصال الأورام من العين.
قوة زائدة
يذكر د. محمد عماد عليلو، اختصاصي جراحة القرنية وتصحيح البصر، أن حسر البصر هو أن تكون قوة الأوساط الكاسرة للعين زائدة على اللزوم، وينتج عنه خلل في انكسار الضوء أثناء مروره داخل العين، ما يُشكل خيال الأجسام المرئية أمام الشبكية، وفي الأغلب يكون النوع البسيط أقل من ست درجات، وهو الأكثر شيوعاً بنسبة 95% من حالات قصر النظر، وتظهر الأعراض في سنوات الطفولة الأخيرة، ويزداد بشكل طفيف، ومتدرج ليبلغ حالة الثبات البصري في بداية العشرينات من العمر، وفي حالات قليلة يستمر بالتطور حتي بداية الثلاثينات، وتُظهر الدراسات الإحصائية وجود 80 مليوناً من الأطفال المصابين به حول العالم.
أسباب
يشير د.عليلو إلى أن أعراض الإصابة تتمثل في تشويش الرؤية للبعيد، ويُلاحظ جلوس الطفل المصاب قريباً من شاشة التلفاز، ويضطر لتقريب الأجفان؛ بهدف تصغير فتحة الجفن، لكي يستطيع الرؤية، ويعاني البعض عدم القدرة على قراءة الكتابة على السبورة، وقد أظهرت الأبحاث الحديثة أن هناك عوامل يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بقصر النظر، مثل العامل الوراثي لدى أحد الأبوين أو للأبوين معاً، لكن لا يوجد نمط وراثي واضح لهذا الانتقال؛ إذ يُعْتَقد حالياً بأنه يخضع لنمط الوراثة متعدد الجينات، والتي تسهم العوامل البيئية ونمط الحياة في تشجيع ظهور الإصابة أو العكس.
وقد وجدت الدراسات على مختلف أنماط الأغذية، أن الأطعمة التي تحوي على مستويات عالية من الشحوم المشبعة كالوجبات السريعة، تكون مسؤولة عن زيادة القطر الأمامي الخلفي للعين وبالتالي ظهور وتفاقم حسر البصر.
تدابير وقائية
يلفت د.عليلو إلى أن الفحص المبكر لجميع الأطفال عند سن الرابعة أهم طرق الوقاية من حسر البصر؛ حيث إن العلاج المبكر له أهمية قصوى، لضمان حدوث تطور طبيعي للجهاز العصبي المسؤول عن الرؤية، وتجدر الإشارة إلى أن استمرار الحالة دون تصحيحها، يجعلها حالة دائمة يصعب علاجها، وتسبب بنقص في حدة الإبصار عن الحد الطبيعي عند البلوغ.
ويضيف: تتمثل خيارات العلاج في استعمال النظارات الطبية بشكل أساسي، مع الفحص الدوري كل ستة أشهر، كما يمكن الاعتماد على العدسات اللاصقة لدى اليافعين أو الشباب، ويبقى العلاج الجراحي الخيار الأخير عندما يبلغ الشخص سن ال20، ويمكن أن يخضع لعمليات تصحيح البصر بالليزر بأنواعها المختلفة، أما الحالات العالية فينصح بإجراء عمليات زراعة العدسات داخل العين لتصحيح البصر.
عدم اكتمال النمو
يشير د.عماد بدوي، اختصاصي طب العيون، أن أغلب المواليد الرضّع يعانون بعد النظر، كون العين أقصر من الطول الطبيعي، لعدم اكتمال نمو العينين، وتُعد هذه الحالة أحد الأخطاء الانكسارية الأكثر شيوعاً لاضطرابات الرؤية، ويعانيها أقل من 5 % من الصغار في عامهم الأول، وتكون معظمها خفيفة، ولا تحتاج إلى علاج وتتناقص مع تقدم العمر، وفي حال استمرار الإصابة فإنها تظهر بوضوح بين سن ال 5 إلى 10 سنوات؛ حيث يعاني المصابون عدم رؤية الأجسام القريبة، ويواجهون صعوبة في القراءة والكتابة، فضلاً عن اضطرارهم لتغميض العينين ليتمكنوا من الرؤية بوضوح.
عوامل
يذكر د.بدوي أن الأسباب الوراثية والجينية من أبرز العوامل المسببة لطول النظر، ويمكن أن تحدث الإصابة أيضاً، نتيجة لتعرض العين لصدمة أو إصابة بأمراض القرنية التي تؤثر سلباً في شكلها ووظيفتها، وكذلك انحناء القرنية بشكل غير كامل، وعندما تكون عين الأطفال أطول أو أقصر من الطبيعي.
ويضيف: يتم التشخيص من خلال إجراء فحص أساسي للعين، ويشمل تقييم الانكسار الذي يكشف عن وجود مشكلات في الرؤية مثل قصر النظر أو بعد النظر، أو الإستجماتزم.
مضاعفات وعلاج
يفيد د.بدوي بأن عدم معالجة طول النظر يتسبب في الحول أو تقاطع العينين، نتيجة محاولة الطفل التركيز بنظره على شيء ما، لرؤيته بوضوح؛ إذ إن العينين تتجهان إلى الداخل، كما يتسبب في إجهاد العينين والشعور بالصداع، وتعد النظارات الطبية هي العلاج الأكثر شيوعاً لهذه الحالة، والعدسات اللاصقة لمن هم فوق ال 14 عاماً، وتقنيات الليزك لمن هم فوق عمر ال 18، وجراحة الحول في حال وجود انحراف في العين.
خطر الشاشات الإلكترونية
يلفت د.راهول فينوغوبا، أخصائي طب وجراحة العيون، إلى أن التكنولوجيا أصبحت من أساسيات العصر، ونعتمد على استخدام الهواتف وأجهزة الكمبيوتر المحمولة واللوحية في الأنشطة اليومية، ما يؤدي إلى العديد من اضطرابات ومشكلات العيون، ويرتبط التركيز على الأشياء القريبة بشكل مستمر بخطر الإصابة بقصر النظر عند الأطفال، فضلاً عن الآثار الصحية الأخرى مثل: آلام الرقبة وزيادة خطر السمنة.
ويضيف: يعاني الأطفال الذين يقضون وقتاً طويلاً أمام الشاشات الإلكترونية «متلازمة رؤية الكمبيوتر» التي تتمثل أعراضها في الصداع، وإجهاد وجفاف العين، وانخفاض معدل وميض العين، ما يؤدي إلى تبخر أسرع للغشاء الدمعي المزلّق، كما يتسبب استخدام الأجهزة في الليل إلى تلف شبكية العين الناجم عن الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات.
ويشدد د.فينوغوبا على أن الفحوص الروتينية أهم الطرق لاكتشاف مشاكل الرؤية، كما يفيد الحد من استخدام الأجهزة الإلكترونية في التخفيف من الآثار السلبية على العين، وتتمثل خطوات الوقاية في التأكد من السطوع العادي للشاشة دون أن يكون ساطعاً أو باهتاً، ويمكن استخدام الوضع الليلي في الظلام لجعله مهدئاً للعيون، والحرص على فترات الراحة المتكررة بعيداً عن التحديق في الهاتف أو الجهاز اللوحي، ويمكن استعمال نظارات الكمبيوتر وقطرات التزليق بحسب وصف طبيب العيون.