تركيا المنقسمة

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

كما كان متوقعاً، حسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، أمس الأول، بفوزه على زعيم المعارضة كمال كلتشدار أوغلو، بعد أن حصل على 52.15 في المئة من إجمالي الأصوات، مقابل 47.84 في المئة لمنافسه.

وإذا كان أردوغان سوف يبقى رئيساً لخمس سنوات أخرى، فإن فارق 4.13 في المئة بينه وبين أوغلو يعني أن الانتخابات كشفت عن حالة انقسام عمودي داخل المجتمع التركي، بين مؤيد لسياسات حزب العدالة والتنمية “الإسلامية القومية”، ومؤيد للتوجه العلماني لحزب الشعب الديمقراطي، وأحزاب المعارضة المتآلفة معه، والداعية إلى استعادة «النموذج الديمقراطي التركي»، وإنعاش ما يصفه أوغلو ب«التوافق القيمي مع الغرب».

كما يشمل الانقسام العلاقات السياسية، الدولية والإقليمية، لعل أبرزها العلاقات بين أنقرة والغرب، ثم العلاقات مع روسيا ودول الجوار، إضافة إلى القضايا الداخلية التي لها صلة بالنظام السياسي، إذ أن حزب العدالة يؤكد بقاء النظام الرئاسي الذي يمسك به الرئيس أردوغان، فيما المعارضة تريد العودة إلى النظام البرلماني الذي حكم عهود الجمهورية التركية، منذ تأسيسها عام 1923، قبل دخولها في نظام شبه أحادي منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، في مطلع الألفية الثالثة. كما تشكل عودة اللاجئين السوريين الذين يقدر عددهم بنحو ثلاثة ملايين لاجئ قضية مهمة كانت محور الحملات الانتخابية للفريقين، تم استغلالها في حشد الناخبين المتذمرين من هذا التواجد.

مع ذلك، كانت الانتخابات نظيفة وشفافة، وقدمت نموذجاً للاستقطاب الحاد بين النزعتين المحافظة والعلمانية، من جهة، وللخيار الشعبي الديمقراطي، من جهة أخرى، وقد تحدث أوغلو بعد إعلان النتائج عن «صعوبات تنتظر البلاد»، وخاطب مؤيديه بالدعوة إلى «الدفاع عن الديمقراطية بعد مرحلة انتخابية غير عادلة». وقال «تجلت إرادة الشعب في التغيير وسنستمر في النضال لإحلال الديمقراطية». وهذا يعني أن المعارضة تخشى من محاولة محاصرتها في إطار تعزيز قبضة أردوغان على السلطة خلال السنوات الخمس المقبلة، من خلال «تزخيم» دور النظام الرئاسي.

كما أن أردوغان سيواجه في المرحلة المقبلة العديد من المشاكل والأزمات، أهمها المشكلة الكردية التي لا يزال يعتبرها قرينة الإرهاب، إضافة إلى الوجود العسكري التركي في سوريا، وما إذا كان سيواصل المحادثات الخاصة بهذا الوجود مع دمشق، والأهم حل الأزمة الاقتصادية المستفحلة، وارتفاع معدلات التضخم، وتدنّي قيمة الليرة التركية.

لقد وعد أردوغان بعد إعلان النتائج ببداية «القرن التركي»، واعتبر أن «الشعب التركي هو الفائز»، مؤكداً أنه «سيواصل العمل من أجل تركيا موحدة، وألّا أحد بمقدوره الإساءة إلى الحريات في تركيا». كأنه بذلك يوجه رسالة اطمئنان إلى الداخل بأنه رئيس لكل الأتراك، وأن الحريات مكفولة للجميع.

خمس سنوات أخرى تضاف إلى عشرين سنة، قد تكون الأصعب في مسيرة أردوغان وحزب العدالة والتنمية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ybkundyj

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"