أبطال الشتاء

قد يبدو الحديث عن هوية البطل المتوّج في مثل هذا التوقيت أمراً منطقياً ولا يمكن الجزم به، وذلك لاعتبارات كثيرة أبرزها أن ما مضى لا يمثل سوى نصف المشوار، بل النصف الأسهل قياساً بما هو متبقٍّ وهو الأصعب، كما أن التحدي الحقيقي يتمثل في مسألة الصمود مع تعدد الجبهات المحلية والخارجية، إلى جانب انشغال عدد آخر من اللاعبين بالبطولات القارية، «كأسا آسيا وإفريقيا»، ومن هذا المنطلق فإن مسألة الحديث بشكل مباشر عن بطولة الشتاء، لا تبدو واقعية على الرغم من المستوى اللافت الذي قدّمه ريال مدريد متصدر الدوري الإسباني أو ليفربول الذي يواصل التألق في مختلف البطولات المحلية، وأنهى الجولة الـ 19 وهو على قمة هرم البريميرليج، وكذلك الحال بالنسبة لإنتر ميلان الذي يواصل التحليق منفرداً بصدارة الدوري الإيطالي بفارق نقطتين عن يوفنتوس العائد بقوة لاقتحام القمة، ولكن الأمور لن تتوقف عند هذا الحد مع دخول المنافسات مراحلها الحاسمة، وبالتالي فإن ملامح البطل لا يمكن أن تتضح إلا مع الأمتار الأخيرة من عمر المسابقة، وقد تظل غامضة حتى صافرة آخر مباراة.
الصدارة التي يعتليها ريال مدريد يشاركه فيها جيرونا الذي يملك 48 نقطة متساوياً مع الملكي الذي يتفوق عليه بفارق الأهداف، ما يعني أن المهمة في قادم الجولات لن تكون سهلة بالنسبة للملكي، كما أن وجود جيرونا الذي اعتلى القمة لعدة جولات متتالية متفوقاً على كبار الليجا، مثل الريال وبرشلونة وأتلتيكو، مؤشـــــر واضح على أن الفريق قادر على مواصلة العزف على أوتار المنافسة حتى النهاية، وإن كان هناك من يراهن على الخبرة التي من الطبيعي أن تكون فـــــي صالح الريال وبرشــــلونة، ولكــــن تلك الجزئية يمكن التغلب عليها بالحالة الفنية والذهــــنية التي يتمتع بها جيرونا، الذي نجــــح فــــي مزاحمة الكبار وتفوق عليهم في هدوء، لدرجة أن الإعــــلام لم ينتبه أو يستوعب ما يقدمه الفريق الذي فرض نفسه كمنافس يحسب له ألف حساب.
وفي الريال، لا يزال الإنجليزي جود بيلينجهام يواصل خطف الأنظار من كل نجوم الليجا وهو في عمر 20 عاماً، وتسجيله 17 هدفاً في 22 مباراة منحته لقب صدارة الهدافين، وهو رقم قياسي للاعب قدم من دورتموند الصيف الماضي، وليصبح بعدها أغلى لاعب في العالم حالياً بقيمة 267 مليون يورو، وهكذا يكون الاختيار والاستثمار.