تحقيق: محمد إبراهيم
على الرغم من بلوغ الميدان التربوي الأسبوع الثالث من الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي الجاري 2024-2025، إلا أن هناك طلبة في بعض المدارس الخاصة يعانون من عدم استلامهم الكتب الدراسية، التي تأخرت بسبب سيناريوهات غير مقنعة.
أولياء أمور أكدوا أن إدارات المدارس أجبرت الآباء على سداد رسوم الكتب كاملة، شريطة التحاق أبنائهم بالدراسة في بداية العام، موضحين أن عدم حصول الطلبة على الكتب الدراسية، يشكّل عائقاً كبيراً في تحصيلهم الدراسي، أدى إلى عزوف معظمهم عن الدراسة.
في وقت أكد عدد من المعلمين أهمية تسليم الكتب الدراسية للطلبة مبكراً، إذ يمكّنهم ذلك من تحضير أفضل للدروس والمقررات، ويتيح لهم الوقت الكافي للتأقلم مع المواد الجديدة، فضلاً عن تحسين الأداء الأكاديمي، وتحقيق تفاعل حقيقي مع المعلمين بشكل أكثر ديناميكية.
يرى تربويون أن الإشكالية تكمن في عدم التزام بعض الإدارات المدرسية بسداد تكاليف طباعة الكتب، وبالتالي لم يتمكنوا من استلامها، فضلاً عن عدم التزام البعض بتحديد الأعداد المطلوب طباعتها، ما يتسبب في ارتباك متجدد.
في المقابل أكد عدد من مديري المدارس أن تأخير تسليم الكتب يشكّل معاناة متجددة ليس للطلبة وأولياء الأمور فحسب، بل للإدارات المدرسية أيضاً، والأسباب تكمن في عدم التزام المطابع بمواعيد طباعة وتوزيع الكتب، على الرغم من تحديد الأعداد وسداد التكلفة كاملة.
«الخليج» تناقش مع مختلف الفئات في ميدان التعليم الخاص، أبعاد إشكالية تأخير الكتب الدراسية، ومدى انعكاسها السلبي على الطلبة، ودور الجهات المعنية في توجيه المدارس للتعامل بجدية في تلك الإشكالية.
«الخليج» ترصد الميدان
البداية كانت مع رصد «الخليج» للميدان التربوي منذ بداية العام الدراسي الجاري الذي انطلق في 26 أغسطس المنصرم، إذ أجبرت إدارات مدارس خاصة أولياء الأمور على سداد كامل رسوم الكتب الدراسية مع الدفعة الأولى للرسوم، على أمل أن يستلم الأبناء الكتب مع بداية العام.
وبناءً على عملية الرصد، تبين أن هناك شريحة كبيرة من الطلبة يعانون من التأخير في استلام الكتب، لاسيما كتب وزارة التربية والتعليم التي تضم اللغة العربية والتربية الإسلامية والتربية الوطنية والأخلاقية، إذ عجزت بعض المدارس الخاصة عن توفير الكتب الدراسية على الرغم من بلوغ العام الدراسي أسبوعه الثالث.
وتمحورت أسباب التأخير في تأخر الطباعة وتقاعس شركات التوصيل المعنية بتوزيع الكتب، ما أدى إلى عدم قدرة الطلبة من الحصول على الكتب حتى الأسبوع الثالث من الدراسة.
في المقابل التزمت مدارس خاصة إلى حد كبير بتوفير الكتب الدراسية كاملة، بما فيها كتب وزارة التربية والتعليم، للطلبة في مختلف حلقات التعليم في مدارس المنهاج الوزاري والمناهج الأخرى.
صعوبة المتابعة
مضى 3 أسابيع على بداية العام الدراسي، ولم نستلم الكتب المدرسية حتى الآن، ما يصعّب علينا متابعة الدروس والفهم جيداً والتطبيق، لاسيما كتب وزارة التربية والتعليم، التي تضم اللغة العربية والإسلامية والتربية والوطنية والأخلاقية، هذا ما أكده عدد من الطلاب ضم محمد عبد الله، وخالد محمد، وسهام منير، وعلياء مراد.
وعبّروا عن معاناتهم من عدم استلام الكتب المدرسية، ما تسبب في صعوبة التعلم دون وجود الكتب، فضلاً عن التأثير السلبي في تحصيلهم الدراسي، موضحين أنهم في غاية الاستياء بسبب الوعود غير الصادقة من إدارات مدارسهم، مطالبين الجهات المعنية بالتدخل لتمكينهم من الحصول على الكتب الدراسية، لاسيما أن مدارسهم منعتهم من الاستعانة بكتب العام المنصرم.
تعوق تقدم الأبناء
على الرغم من أن العملية التعليمية على أعتاب الأسبوع الثالث للفصل الدراسي الأول للعام الجاري، إلا أن إشكالية تأخير الكتب ما زالت تعوق تقدم الأبناء دراسياً ومعنوياً، هذا ما أكده بعض أولياء الأمور «سليمة مراد، وفايقة علي، وحمدان صديق، وعمران محمد»، إذ أفادوا أن أبرز الإشكاليات الراهنة، تلك التي ترتبط بعدم قدرة أبنائنا على الحصول على الكتب الدراسية، على الرغم من إجبار إدارات المدارس لنا على سداد رسومها قبل بدء الدراسة.
وقالوا: إن عدم استلام الأبناء للكتب حتى الآن أمر غير مقبول، والمسؤولية تتحملها الجهات المسؤولة عن الإشراف على المدارس الخاصة قبل الإدارات ذاتها، لاسيما أنها صاحبة قرار ربط الزي والكتب بالرسوم الدراسية، لتضمن حقوق المدارس، ولم تقدم ما تحمي به حقوق أولياء الأمور والطلبة في الحصول على الخدمات المدفوعة مقدماً.
وسجلوا اعتراضهم الشديد على تأخير الكتب المدرسية، إذ إن التأخير يؤثر سلباً في العملية التعليمية، ويحرم أبناءهم من الاستفادة من المناهج الدراسية والمواد التعليمية بشكل كامل، واضطر الآباء إلى شراء الكتب المدرسية والزي المدرسي من السوق بأسعار مرتفعة، مطالبين بالتدخل الفوري للجهات المعنية وإعادة النظر في قرار ربط هذه الخدمات بالرسوم الدراسية، لحل هذه المشكلة، وضمان حصول أبنائهم على الكتب المدرسية في أقرب وقت ممكن.
أداء الطلبة
وفي محاولة للوقوف على مدى تأثير تأخر تسليم الكتب الدراسية للطلبة، أكد المعلمون والمعلمات، إبراهيم القباني، وسماح وهبي، وسارة فؤاد، وصلاح حسين، أن له أثراً سلبياً كبيراً على أداء الطلبة، بسبب ضعف التحضير للدروس وعدم المراجعة المسبقة للمواد، فضلاً عن زيادة التوتر والضغط النفسي بسبب عدم توفّر المواد الدراسية، ما يؤثر سلباً في تركيزهم وقدرتهم على استيعاب المعلومات.
وقالوا: إن الملاحظ أيضاً تراجع الأداء الأكاديمي للطلبة الذين لم يستلموا الكتب، إذ يجدون صعوبة في متابعة الدروس بشكل فعّال، ما يؤدي إلى فهم محدود للمواد الدراسية والاعتماد على مصادر غير كافية، فضلاً عن ضعف التفاعل والمشاركة في الصف، وزيادة الأعباء على المعلمين الذين يبذلون جهوداً إضافية لتزويد الطلبة بالمواد الدراسية بطرق بديلة، مثل النسخ الإلكترونية أو المواد المطبوعة، ما قد يؤثر على جودة التعليم.
وأفادوا بأن تأخير تسليم الكتب يؤدي إلى اضطراب الجدول الدراسي، إذ يضطر المعلم إلى تأجيل بعض الدروس أو تغيير في الجدول الدراسي، ما يربك الطلبة ويؤثر على استمرارية عملية التعلم.
معاناة متجددة
في وقفة مع عدد من مديري المدارس التي يعاني طلابها إشكالية عدم استلام الكتب الدراسية، «فضلوا عدم ذكر أسمائهم»، أكدوا أن هذه الإشكالية تُعد معاناة متجددة ليس للطلبة وأولياء الأمور فحسب، بل للإدارات المدرسية أيضاً، وتعود الأسباب إلى عدم التزام بعض المطابع بمواعيد طباعة وتوزيع الكتب على الرغم من تحديد الأعداد وسداد التكلفة الكلية قبل بداية العام الدراسي، فضلاً عن أن هناك تواصلاً دائماً مع المعنيين بهذا الشأن لحل المشكلة في أقرب وقت.
ولم ترد تلك الإدارات على الآراء التي تؤكد عدم سداد تكاليف الكتب كاملة، ما جعل المعنيين بالطباعة والتوزيع يتقاعسون عن تسليم الكتب، وتحفظوا على الإجابة عن سؤال حول مدى مطابقة الأعداد المقدمة لمطابع الكتب الأعداد الفعلية للطلبة في المدرسة هذا العام، ولم يقدموا ما يفيد أن هناك سداداً مسبقاً لطباعة الكتب، ولا ما يدل على متابعة الإشكالية مع الجهات المعنية.
غياب تام
في المقابل وجدنا غياباً تاماً لإشكالية تأخير الكتب في بعض المدارس الخاصة الأخرى، إذ أكد مديرو المدارس «الدكتور فارس الجبور، وسلمى عيد، وحميدان ماضي»، أن الكتب الدراسية تم تسليمها منذ الأسبوع الأول على دفعات لجميع الطلبة في مختلف الحلقات، ولا يوجد أحد من المتعلمين في أي صف من دون كتب، موضحين أن كل مدرسة تقدم احتياجاتها في طلب الكتب والصفوف المستهدفة، لتحصل بعدها على موعد تقريبي للتسليم بعد سداد كافة التكاليف المطلوبة.
وأكدوا أن النقص في الكتب وعدم توفير الزي المدرسي في بعض المدارس، هو قصور كبير من الإدارات يتحمله الطلبة وأولياء الأمور مع الأسف، وتسبب في وجود مشكلة حقيقية لاسيما أن الكتب الدراسية، تُعد الركيزة الأساسية التي يعوّل عليها الطلبة في فهم المقررات ومتابعة الدروس والتطبيق عليها، فضلاً عن التفاعل مع المعلمين، داخل الصف والامتحانات بأنواعها على مدار الفصل الدراسي الأول، والجهات المسؤولة مطالبة بالتدخل وإلزام المدارس بالمعالجة.
إجراءات المعالجة
عدد من التربويين «آمنة المازمي، ووليد فؤاد، رانيا حجازي، ورحاب عزت»، شددوا على أهمية اتباع 7 إجراءات لتجنب التأخير في استلام الكتب الدراسية وضمان حصول الطلبة عليها في الوقت المناسب، أبرزها التخطيط المسبق والتنسيق، وإعداد خطة واضحة ومحددة للمشتريات تشمل كميات الكتب المطلوبة وتواريخ التسليم.
ويجب تفعيل إجراءات طلب الكتب مبكراً وعدم الانتظار لعودة الهيئات والطلبة إلى الدراسة، وتقديم طلبات الكتب مبكراً، واستخدام تقنيات التنبؤ بالطلب، وتعزيز التكنولوجيا الرقمية، ولتكن الكتب الإلكترونية بديلاً فاعلاً في الحالات الطارئة، واستخدام منصات تعليمية إلكترونية توفر المواد الدراسية بشكل رقمي، ما يتيح للطلاب الوصول إلى المحتوى التعليمي فوراً دون انتظار الكتب المطبوعة.
وأكدوا أهمية توفير المخزون الاحتياطي من الكتب لتلبية الاحتياجات الفورية في حالة وجود أي تأخير غير متوقع، وتحسين عملية التوزيع، واختيار شركاء توزيع موثوقين، والتوزيع المبكر.
من دون ضمانة
أكد عدد من التربويين وأولياء الأمور، أن بعض الجهات المسؤولة عن إدارة التعليم الخاص أسهمت في إيجاد هذا الإشكالية، بإقرارها ربط رسوم الكتب والزي بالرسوم الدراسية، ما اضطر ولي الأمر إلى سداد الرسوم كافة، من دون ضمان لالتزام المدارس بتوفير الكتب.
توضيح صريح
أفاد تربويون أن أولياء الأمور يمكنهم اتخاذ إجراءات مؤثرة لمعالجة مشكلة تأخير الكتب، أبرزها التواصل مع إدارة المدرسة مباشرة لطلب توضيح صريح حول أسباب التأخير رسمياً، ثم تقديم شكوى إلى الجهات المسؤولة، لتدخل المعنيين رسمياً لضمان حصول الطلبة على الكتب في الوقت المناسب.