هل انتهت «الأونروا»؟

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

منذ مطلع العام، وضعت إسرائيل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى المعروفة اختصاراً باسم «الأونروا» ضمن أهدافها من حرب غزة، وبدا أنها ماضية في طريق إخراجها كلياً من الأراضي الفلسطينية.
ويبدو أن هذا الهدف الإسرائيلي تحقق، وأن دور الوكالة انتهى تقريباً في الأراضي الفلسطينية، ما لم يكن للأمم المتحدة أو غيرها رأي آخر يعرقل هذا المسعى.
الآن، وبعد شهور من استهداف «الأونروا»، يمكن القول إن اتهام إسرائيل بعض موظفيها بالاشتراك في هجمات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 لم يكن إلا خطوة أولى لوصمها بمؤازرة «حماس» وبالتالي إخراجها من معادلة دعم الفلسطينيين، وهو أمر غايته التضييق عليهم وقطع الطريق على جهود مساعدتهم وإغاثتهم، مما يمثل ضغطاً عليهم وعلى الحركة.
لم يكن الاتهام جدياً بما يكفي، لكنه تسبب حينها في وقف بعض الدول الكبرى دعمها للوكالة، ورغم أنها وعدت بتحقيقات موسعة ومحاسبة من يثبت تورطه في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، تجاهلت إسرائيل كل ذلك، ومضت في معاقبة «الأونروا» لتخرجها من فلسطين، وهي تعلم جهودها منذ تأسيسها في مناصرة أبنائها في الداخل والخارج.
ورغم الرفض الدولي، والولايات المتحدة، لهذا التوجه، أبلغت إسرائيل الأمم المتحدة رسمياً بقطع علاقاتها بالوكالة إنفاذاً لقرار برلماني في هذا الشأن.
ولم تجد إسرائيل مأخذاً على الوكالة تبرر به إلغاء اتفاقيتها مع الوكالة إلا تجديد الاتهام لموظفيها، بل وتعميمه، فبدلاً من قصره على عشرة منهم، كما كان الأمر في البداية، أصبح موجهاً إلى الكثيرين منهم.
من هنا، ما لم تستجب إسرائيل لضغوط تعرقل هذا الإجراء، أصبح بالإمكان القول إن نصيراً تاريخياً للفلسطينيين يخرج من المعادلة، وفي ذلك إشارة جديدة إلى الاستهانة الإسرائيلية بالمنظمات الدولية وإصرارها على تشديد الحصار الإنساني عليها، معتبرة ذلك جزءاً من أدوات حربها مع «حماس»، وصولاً إلى تحقيق أحد أهم أهدافها وهو القضاء على الحركة.
إن هذا التصور الضيق لدور الوكالة، من نتائجه الطبيعية توسيع مساحة اليأس في نفوس الفلسطينيين، بحجب سبل الحياة عنهم، سواء كان منها ما تقدمه الوكالة من مساعدات إنسانية وصحية وتعلمية، أو استيعابها 18 ألف موظف في الضفة الغربية وغزة، قُتِلَ منهم ما لا يقل عن 223، فضلاً عن تضرر أو تدمير ثلثي مرافقها في القطاع منذ اندلاع الحرب.
وهذه المحصلة تترجم بجلاء أن الوكالة كانت في قلب نوايا الاستهداف الإسرائيلي، وفي ذلك تجتمع أكثر من رسالة، منها، مرة أخرى، تأكيد الاستخفاف بالمجتمع الدولي ومؤسساته، وتخويف أي جهد إنساني مساند للفلسطينيين وربطه بالإرهاب، أو على الأقل دعم «حماس».
والخسائر الفلسطينية، إذا غابت الوكالة، ليست مادية فحسب، فالعلاقة التاريخية معها يصعب محوها بعد أن كانت لأجيال منهم معنى مهماً للحياة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3pz54avs

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"