عادي

«سنوات ماغا».. لماذا ترامب أقوى رئيس جمهوري في العصر الحديث؟

17:13 مساء
قراءة 5 دقائق
«سنوات ماغا».. لماذا ترامب أقوى رئيس جمهوري في العصر الحديث؟
«سنوات ماغا».. لماذا ترامب أقوى رئيس جمهوري في العصر الحديث؟

إعداد ـ محمد كمال
النظرة العميقة لنتائج الانتخابات الأمريكية تقود إلى أن الفوز الكاسح الذي حققه دونالد ترامب لا يتعلق فقط بفارق الأرقام بينه وبين منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، ولكنها ربما تشير إلى أقوى رئيس جمهوري شهدته الولايات المتحدة في العصر الحديث، إذ تمكن من هزيمة ليس فقط المعسكر الديمقراطي بكل ما يحمله من ثقل وأسماء بحجم عائلة باراك أوباما وعائلة بيل كلينتون وغيرهما ولكن أيضاً تغلب على فصيل معارض لا يستهان به داخل معسكره بمن فيهم جنرالات كبار، ما جعل البعض يطلق على الفترة المقبلة شعار «سنوات ماغا» MAGA، وهي شعار حملة ترامب «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى».
ويرى مراقبون أن ترامب بفوزه الساحق على المؤسسة الحزبية لكلا الحزبين، أصبح أقوى من أي وقت مضى، ويدعمه حزب تم تشكيله بالكامل على توجهاته ويعارضه الديمقراطيون المحبطون من الهزيمة، ومن ثم سيأتي الرئيس العائد مجدداً إلى البيت الأبيض بشكل أفضل تنظيماً، وبفريق أكثر براعة، ما يضعه في وضع قوي مما كان عليه في المرة السابقة.
ومن المنتظر، وفق خطة ترامب المعلنة، أن يعمل على توسيع السلطات الهائلة التي يتمتع بها الرئيس الأمريكي، في ظل دعم قوي من النظام الإعلامي المحافظ الجديد، الذي يتمحور حول الملياردير الأمريكي إيلون ماسك مالك المنصة العملاقة إكس، وهو القادر على إعادة تشكيل حروب المعلومات في الطاحنة في الولايات المتحدة.
المؤيدون الجدد
وبالنظر إلى الأرقام، وهي المؤشر ذو الدلالة في المقام الأول فقد كان فوز ترامب مذهلاً في اكتساحه ونطاقه، حيث أيدت جميع الولايات باستثناء اثنتين، واشنطن ويوتا، ترامب بشكل أكبر مما كانت عليه في عام 2020، وفقاً لصحيفة فايننشال تايمز، حيث حصل ترامب على دعم ملحوظ بنسبة 1 من كل 3 ناخبين ملونين، كما تحسنت شعبيته بين الناخبين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً والناخبين السود والناخبين اللاتينيين.
وبالنسبة للمؤسسات النيابية، فإن ما يقرب من نصف الأمريكيين المعارضين لترامب لا يجدون سوى القليل من العزاء، بل وسلطة فيدرالية أقل، فقد قلبت حملة ترامب مجلس الشيوخ إلى سيطرة الجمهوريين، كما يسير الحزب الجمهوري على الطريق للحفاظ على مجلس النواب.
ووفق تقرير لموقع أكسيوس، فإنه عقب النتائج المخيبة للديمقراطيين، فقد وجدوا أنفسهم بدون زعيم أو هوية أيديولوجية واضحة، بعد أن أدارت نائبة الرئيس هاريس حملة انتخابية خفيفة الأفكار ومثقلة بالمشاعر، ويتكشف ذلك من أن نتائجها كانت أقل من أداء بايدن لعام 2020.
ائتلاف خارج الصندوق
ووفق هذه المعطيات من المرجح أن يتمكن ترامب من صنع ائتلاف جديد، يتمتع بدعم قياسي من ذوي الأصول اللاتينية، وحماسة الطبقة العاملة، وزيادة في أعداد الناخبين الشباب.
وقد اختفت أي قيود من جانب الجمهوريين المناهضين لترامب في الكونغرس أو داخل البيت الأبيض، وذلك في ظل توعده بمعاقبة أشخاص نافذين اتهمهم بتعريضه للظلم، كما هدد بطرد أعداد من الموظفين، الذين حملهم فساد ما يسمى بـ «الدولة العميقة»، فضلاً عن أحد أكثر الملفات التهاباً والتي تتعلق بمخططه لترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين.
وفي طريق ذلك، ربما لن يجد ترامب عقبات تذكر، في ظل دعم كبير داخل مجلسي النواب والشيوخ، وهو ما يعني إطلاق العنان لأجندته، بدءاً من حملة مكافحة الهجرة.
المصادر المطلعة على حملة ترامب، تقول، إنه وهو في طريقه إلى البيت الأبيض مجدداً، سيحرص على إحاطة نفسه برجال أثرياء بارعين، وهو ما فعله أيضاً خلال حملته، عندما كان أحد أبطالها الملياردير إيلون ماسك، وبالتالي فإن نجاح هذه الطريقة سيعزز تفكيره في تكرارها داخل الجناح الغربي للبيت الأبيض.
صلابة القاعدة الجديدة
ومن الواضح أن ترامب لن يعتمد على الأثرياء البارعين فقط، بل سيعمل وفق محللين على الاستفادة من قاعدته الشعبية الجديدة، إذ نجح في تسويق نفسه على أنه بطل الصلابة والطبقة العاملة، وهو ما اجتذب الكثير من الرجال ذوي الأصول اللاتينية والسود إلى قاعدته الانتخابية التي يهيمن عليها البيض والعمال.
وليس من قبيل الصدفة أن يقوم ستيفن ميلر، أحد كبار مستشاري سياسة الهجرة في ولاية ترامب الأولى، والذي من المتوقع أن يتولى منصباً رفيعاً في البيت الأبيض في الإدارة الجديدة، بالتغريد ليلة الانتخابات قائلا: «إذا كنت تعرف أي رجل لم يصوت، اصطحبه إلى صناديق الاقتراع».
ثم بعد ست دقائق قال: «أحضر كل رجل تعرفه إلى صناديق الاقتراع». وفي ظل حالة العداء بين ترامب والمؤسسات الإعلامية التقليدية، فقد رأى أن لديه بديلاً قوياً يتمثل في الإعلام الجديد، والذي أثبت نجاحه في الانتخابات، وقد شهد بنفسه مدى فعالية منصة إكس وإيلون ماسك، إضافة إلى جو روغان وآخرين من عالم البودكاست، فيما يقول مقربون: إن الرئيس الجديد يعتقد أن وسائل الإعلام الضعيفة جاهزة للانهيار، فيما أصبح الآن لديه بديل أكبر وأقوى للمساعدة في استبداله.
ومن الناحية الاقتصادية، فإن ترامب يعلم يقيناً أن نجاحه يرتبط في الأساس على انخفاض التضخم وتحقيق النمو القوي، وهو ما يهم الناخب الأمريكي في المقام الأول. وهو ما يكشف عن خططه لجذب المستشارين الاقتصاديين الذين سيتم قبولهم من قبل الشركات الضخمة.
70 مليون ناخب
ويبدو أن مقترحات ترامب السياسية والمتطرفة أحياناً، قد جذبت أكثر من 70 مليون ناخب في جميع الولايات، وكان فوزه يعني أيضاً البؤس للديمقراطيين، ولكامالا هاريس، التي كانت تحاول أن تصبح أول امرأة رئيسة للولايات المتحدة، لكنها فشلت في نهاية المطاف، وبشكل حاسم في حفنة من الولايات المتأرجحة التي حسمت النتيجة.
ورغم عبارات الكراهية المتكررة التي أبداها ترامب لإدارة جو بايدن ثم لغريمته كامالا هاريس، فمن المرجح أن يصبح أول مرشح جمهوري يفوز بالتصويت الشعبي منذ جورج دبليو بوش في عام 2004.
ويجمع المحللون والمراقبون على أن العالم شهد للتو لحظة غير عادية في تاريخ الولايات المتحدة، سواء في حاضرها أو مستقبلها.
سنوات ماغا
وكان من اللافت أن بعض من أبرز معارضي ترامب، بل والذين حاولوا سجنه في تهم جنائية، سارعوا بتهنئته، بل ووصفوا انتصاره بالتاريخي، وعلى سبيل المثال فإن زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل (جمهوري من ولاية كنتاكي)، الذي اختتم محاكمة عزل ترامب الثانية قبل أربع سنوات بإلقاء خطاب اقترح فيه توجيه اتهامات جنائية له في هجوم الكابيتول، قال عقب فوزه: «اسمحوا لي أن أبدأ بتهنئة الرئيس ترامب.. ما أنجزه لم يحدث منذ جروفر كليفلاند»، في إشارة إلى الرئيس الوحيد السابق الذي فاز بفترتين غير متعاقبتين.
ومن المرجح أن يتنحى ماكونيل عن كونه زعيم مجلس الشيوخ الأطول خدمة في تاريخ الولايات المتحدة، وأن يتم استبداله بواحد من ثلاثة متنافسين لمنصبه تعهدوا بالعمل بشكل لا يصدق مع الرئيس العائد، فقد قال السيناتور جون كورنين (جمهوري من تكساس)، وقال أحد المرشحين لزعامة الأغلبية: «إنني أتطلع إلى الاستمرار في خدمة أمتنا بالعمل جنباً إلى جنب مع الرئيس ترامب ومع زملائي الجمهوريين لبدء إدارته وجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى»، كما قال السيناتور جون ثون (جمهوري من ساوث داكوتا): إن الأغلبية الجديدة ستعمل «يداً بيد» مع ترامب، في حين قال السناتور ريك سكوت (جمهوري من فلوريدا)، الذي يترشح أيضاً للمنصب، إنه سيكون «الحليف الحقيقي» لترامب إذا أصبح زعيماً للأغلبية.
ويقول الاستراتيجي الجمهوري رايان ويليامز، المتحدث السابق باسم السيناتور الجمهوري ميت رومني (جمهوري من ولاية يوتا)، الذي سيتقاعد: «مع تنحي الزعيم مكونيل، فإنك تخسر زعيماً راسخاً.. الزعيم التالي الذي سيأتي سيكون جديداً في هذا المنصب.. ولن يرغب في تجاوز ترامب. وسيكون لدينا الآن المزيد من أعضاء مجلس الشيوخ الذين هم نتاج سنوات ماغا MAGA، شعار حملة ترامب».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2ar6ue3j

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"