دعوة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة، وتوسيع الاستيطان فيها، لا تنفصل عن سياسة الحكومة الإسرائيلية اليمينية التي يقودها بنيامين نتنياهو، فهي تمارس في الواقع هذه السياسة في إطار رفضها لقيام دولة فلسطينية مستقلة، ومن خلال حرب الإبادة والتهجيرالتي تقوم بها، وإنكار وجود الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية المشروعة، لذلك تجتهد هذه الحكومة والحكومات التي سبقتها في توسيع الاستيطان والتهويد من خلال الاستيلاء على الأرض واقتلاع سكانها، حيث تم بناء 144 مستوطنة حتى عام 2023، بما فيها 12 مستوطنة في القدس المحتلة، يقيم فيها أكثر من نصف مليون يهودي، حتى إن سموتريتش، الأوكراني الأصل، زعيم «الحزب الصهيوني الديني» يقيم على أرض كان قد استولى عليها قرب مدينة نابلس وأقام عليها منزله الذي يقيم فيه مع عائلته دون حصوله على ترخيص.
تصريح وزير المالية الإسرائيلي هو تحصيل حاصل لما يجري على الأرض، لكن صدوره في هذا التوقيت مع انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة يحمل معنى تحويل فرض السيادة على الضفة الغربية إلى أمر واقع، باعتبار أن ترامب سبق و«منح» إسرائيل السيادة على مدينة القدس واعتبارها «عاصمة أبدية لإسرائيل»، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها، كما «منحها» مرتفعات الجولان السورية المحتلة، بما يتعارض وينتهك كل القرارات الدولية التي تدعو لانسحاب إسرائيل من كل الأراضي العربية المحتلة.
وقد أشار سموتريتش إلى ذلك بقوله «إن سياسة ترامب في ولايته الأولى كانت إيجابية لإسرائيل» وأعرب عن أمله بأن «يعترف الرئيس ترامب بهذه الخطوة».
لم تمر تصريحات الوزير الإسرائيلي مرور الكرام، فقد قوبلت بمواقف عربية ودولية رافضة بالمطلق ومستنكرة لها، إذ أكدت دولة الإمارات العربية المتحدة أنها «استفزازية وتهدف لتغيير الوضع القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولكافة الممارسات المخالفة لقرارات الشرعية الدولية، والتي تهدد بالمزيد من التصعيد الخطير والتوتر في المنطقة، وتعيق جهود تحقيق السلام والاستقرار»، ودعت دولة الإمارات إلى «وضع حد للممارسات غير الشرعية التي تهدد حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة»، كما جددت التأكيد على «أن دولة الإمارات ثابتة في التزامها بتعزيز السلام والعدالة، وتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني».
جامعة الدول العربية ومعظم الدول العربية دانت تصريحات سموتريتش باعتبارها شكلاً من أشكال «العبث السياسي»، ودعت إلى التصدي لهذا النهج العدواني، بدوره اعتبر مسؤول السياسىة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن تصريح الوزير الإسرائيلي «خطوة واضحة نحو الضم غير القانوني للضفة الغربية، وإن مثل هذه الخطوة تقوّض القانون الدولي، وتنتهك حقوق الفلسطينيين، وتهدد أي احتمالات لحل الدولتين».
منذ عام 1967 اعتمد مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة عشرات القرارات بشأن الأراضي العربية المحتلة، أكدت جميعها على عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي والدعوة للانسحاب منها، وكان آخرها القرار التاريخي الذي صدر عن الجمعية العامة في سبتمبر (أيلول) الماضي وبأكثرية 124 دولة والذي يطالب إسرائيل «بإنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة» خلال 12 شهراً.
وقد صدر هذا القرار تأييداً للرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية، وهي أعلى محكمة في الأمم المتحدة، لكن إسرائيل التي لم تلتزم بأي قرار دولي، كعادتها اعتبرت القرار «منحازاً ومنفصلاً عن الواقع»، وتعبيراً عن «سياسة دولية مشينة».
إن تصريح سموتريتش وغيره من المواقف المماثلة لن يغير من الواقع التاريخي للأرض الفلسطينية، وحرب الإبادة لن تثني الشعب الفلسطيني عن مقاومة الاحتلال، وإن القانون الدولي لن تهزمه القوة الغاشمة، لكن يبدو أن الوزير الإسرائيلي يعيش وهم التطرف القاتل.
https://tinyurl.com/5n7239u7