عادي

بعد إصداره عفواً عن نجله هانتر.. هل أطلق بايدن «رصاصة الرحمة» على مسيرته السياسية؟

14:37 مساء
قراءة 5 دقائق
بايدن يعفو عن نجله هانتر
بايدن يعفو عن نجله هانتر
بايدن يعفو عن نجله هانتر

إعداد ـ محمد كمال
بعد عقود من العمل ضمن نظام أمضى حياته العامة دفاعاً عنه، تأتي نهاية المسيرة السياسية للرئيس الأمريكي جو بايدن البالغ 82 عاماً، بانتقاد صارخ لهذا النظام والتشكيك في عدالته، حيث برر قراره بالعفو الكامل وغير المشروط عن نجله هانتر الذي كان ينتظر الحكم عليه في قضيتين، بأن الملاحقة القضائية كانت انتقائية ومسيسة.
ولم يكن العفو هو ما جلب الانتقادات لبايدن، بقدر ما تمثل في حيثياته التي استعان فيها بالتشكيك في العدالة الأمريكية، وللمفارقة، فإنه استخدم ذات المرادفات التي لجأ إليها غريمه المنتخب دونالد ترامب، ليتفق الرجلان على شيء واحد وهو أن القضاء في عهد الرئيس المنتهية ولايته تم استخدامه بصفته أداة لتصفية الحسابات، بحسب ما يرى مراقبون، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز.
في العفو عن ابنه الوحيد الباقي على قيد الحياة هانتر، قال بايدن بالحرف: «أؤمن بنظام العدالة بكل تأكيد، لكن بينما كنت أصارع هذا، أعتقد أيضاً أن السياسة الجامدة قد أثرت في هذه العملية وأدت إلى إجهاض العدالة»، ثم أضاف: «آمل أن يتفهم الأمريكيون سبب اتخاذ أب ورئيس هذا القرار».
ويبدو أن العبارة الأخيرة، حاول من خلالها الرئيس الحالي تجنب الهجوم عليه مع نهاية فترته الرئاسية؛ بل وربما مسيرته السياسية، لكن ذلك لم يحدث بالطبع؛ إذ جر عليه القرار وابلاً من الانتقادات سواء أكان من ترامب أم من الجمهوريين؛ بل وكذلك رموز داخل حزبه الديمقراطي.

ترامب يستغل الفرصة


وجرياً على عادته، لم يفوت ترامب استغلال الفرص السانحة بطريقة يصفها مراقبون بـ«الذكية جداً»؛ إذ مهد على الفور لقرار بالعفو من المحتمل أن يتخذه فور توليه الرئاسة في يناير/كانون الثاني، عن متهمين في أحداث شغب مبنى الكونغرس الشهيرة، وقال عبر منصة «تروث سوشيال»: «هل يشمل العفو الذي أصدره جو لهانتر رهائن السادس من يناير المسجونين منذ سنوات؟ يا لها من إساءة وإجهاض للعدالة».
ثم جاء الانتقاد اللاذع على لسان جاريد بوليس، حاكم ولاية كولورادو، وهو ديمقراطي، الذي قال: «بينما كأب أتفهم بالتأكيد رغبة الرئيس جو بايدن الطبيعية في مساعدة ابنه من خلال العفو عنه، لكن أشعر بخيبة أمل، لأنه وضع عائلته قبل البلاد.. هذه سابقة سيئة يمكن أن يستغلها الرؤساء اللاحقون وستشوه سمعته للأسف».
وعارض النائب جريج ستانتون، الديمقراطي عن ولاية أريزونا، حجة بايدن بأن السياسة كانت وراء محاكمة ابنه. وقال: «أحترم الرئيس بايدن، لكنني أعتقد أنه أخطأ في هذا الأمر.. لم تكن هذه محاكمة ذات دوافع سياسية. لقد ارتكب هانتر جنايات، وأدين من قبل هيئة محلفين من أقرانه».
وأُدين هانتر بايدن، بالكذب في استمارة طلب أسلحة نارية بشأن إدمانه للمخدرات، وأقر بأنه مذنب لعدم دفع الضرائب التي دفعها لاحقاً، مع فرض غرامات. لكن الرئيس بايدن نكث بوعده بعدم التدخل في القضية. وخلال الصيف الماضي فقط، بعد إدانة ابنه في المحاكمة، رفض بايدن فكرة العفو، وقال: «سأقبل نتيجة هذه القضية وسأواصل احترام العملية القضائية».
ومن بين ما استدل به بعض المنتقدين لقرار ومبررات بايدن، أنه تم التعامل في محاكمة ابنه من قبل مستشارين خاصين منفصلين تم تعيينهم خصيصاً لعزل القضايا عن السياسة، ونفى كبار مسؤولي وزارة العدل أن السياسة دخلت المعادلة.
ويرى خبراء أن العفو عن بايدن سيجعل من الصعب على الديمقراطيين الدفاع عن نزاهة وزارة العدل، والتي طالما استغلوها للهجوم على ترامب، وحتى قبل عودته للبيت الأبيض، حيث دأبوا على اتهامه بأنه سيستخدمها للنيل من خصومه والعفو عن مؤيديه.
وسيعطي العفو أيضاً ذخيرة للجمهوريين الذين أكدوا أن هانتر بايدن كان مذنباً بارتكاب مخالفات تتجاوز التهم التي تمت محاكمته عليها بالفعل. وأوضح تحقيق جمهوري في مجلس النواب أن نجل الرئيس كان يتاجر باسم والده في مجال الأعمال، سواء عندما كان نائباً للرئيس أو مع بعد ذلك.

فترة العفو تثير شكوكاً


ومن الملاحظ أن العفو الذي أصدره بايدن لابنه يغطي على وجه التحديد أي جرائم «ارتكبها أو ربما ارتكبها أو شارك فيها خلال الفترة من 1 يناير 2014 حتى 1 ديسمبر 2024»، وليس فقط الضريبة والسلاح. وهذا من شأنه أن يحمي هانتر من أي تحقيق إضافي قد يأمر به ترامب وزارة العدل أو مكتب التحقيقات الفيدرالي بمجرد توليه منصبه.
لكن الجمهوريين انتهزوا الفرصة ليقولوا إن العفو غير المحدود الذي غطى عقداً من الزمن يلمح إلى أنه يجب أن يكون هناك شيء خفي سعى بايدن ونجله إلى حمايته. ويقول النائب الجمهوري جيمس كومر من ولاية كنتاكي: «كانت التهم التي واجهها هانتر مجرد عينة من جبل جليد من الفساد الصارخ تجاه الشعب الأمريكي.. ومن المؤسف أنه بدلاً من الاعتراف بعقود من المخالفات، يواصل بايدن وعائلته بذل كل ما في وسعهم لتجنب المساءلة».

طرق بديلة


وتصور بعض الجمهوريين طرقاً يمكن أن يساعد بها العفو في أي تحقيق مستقبلي مع الرئيس المنتهية ولايته، حيث اقترح ديفيد فريدمان، محامي ترامب منذ فترة طويلة، أن هانتر بايدن قد يُجبر الآن على الإدلاء بشهادته حول مسائل لم يعد يواجه مسؤولية جنائية محتملة بشأنها. وكتب فريدمان عبر وسائل التواصل: «هذا يعني أن هانتر لا يمكنه الترافع إذا سُئل عن تعاملاته التجارية مع أوكرانيا، لأنه مع العفو عنه، لن يواجه خطر التعرض لاتهام جنائي، بحسب القانون الأمريكي.
ـ دفاع هانتر عن نفسه ـ
ودانت هيئة محلفين اتحادية في ولاية ديلاوير هانتر بايدن في يونيو/حزيران، بتهمة الكذب في استمارة شراء سلاح في عام 2018 عندما وضع علامة على اختيار يقول إنه لا يستخدم مخدرات غير مشروعة، ثم امتلك هذا السلاح بشكل غير قانوني كمستخدم للمخدرات لمدة 11 يوماً.
وبشكل منفصل، أقر بأنه مذنب في سبتمبر/أيلول، في تسع تهم تتعلق بالضرائب الفيدرالية، وهو اعتراف جاء في اللحظة الأخيرة قبل الموعد المقرر لبدء اختيار هيئة المحلفين لتلك المحاكمة في كاليفورنيا.
وتمت المحاكمة في كلتا القضيتين من قبل المستشار الخاص ديفيد فايس، الذي تم تعيينه للحفاظ على استقلال القضيتين عن وزارة العدل التي يشرف عليها الرئيس بايدن.
وقد دافع هانتر إلى حد كبير عن تصرفاته، لكنه قال إنه كان «سيئ الحكم» من خلال تعريض والده لهجمات سياسية في بعض الحالات، مثل العمل في مجلس إدارة شركة بوريسما، وهي شركة طاقة أوكرانية، في الوقت الذي كان والده نائباً للرئيس باراك أوباما.
وقام ترامب في نهاية ولايته الأولى بالعفو عن صهره تشارلز كوشنر في اتهام تهرب ضريبي وتهم أخرى، لكن في ظل حالة الانقسام التي عاشتها الولايات المتحدة مؤخراً، فإن محللين يرون أن عفو بايدن سيقوي ترامب سياسياً بدرجة كبيرة.


ـ مأساة عائلية ـ
وما قد يجعل البعض يتعاطف مع بايدن «كأب» أنه شعر بدور الحامي لابنه طوال حياته التي اتسمت بالمأساة العائلية، فقد أصيب هانتر وبو بجروح بالغة في حادث سيارة عام 1972 أدى إلى مقتل والدتهما وشقيقتهما الرضيعة، ثم توفي نجله بو بسرطان الدماغ في عام 2015.
لكن من الناحية السياسية، فإن بايدن، سيواجه القليل من التداعيات، نظرًاً لأنه في نهاية فترته الرئاسية، وقد أصدر الناخبون بالفعل حكمهم على إدارته بإعادة دونالد ترامب إلى منصبه.
ـ وقائع عفو رئاسية ـ
واستخدم رؤساء أمريكيون آخرون سلطة العفو مع نهاية فترة رئاستهم لمساعدة الأشخاص المقربين منهم، وعلى سبيل المثال، فقد أصدر جورج بوش الأب عفواً عن وزير الدفاع السابق كاسبار دبليو واينبرغر، كما أصدر بيل كلينتون عفواً عن شقيقه روجر بسبب قضايا متعلقة بالمخدرات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/cbnz5s5m

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"