يشكّل اللقاء المرتقب بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في إسطنبول يوم الخميس المقبل، وهو اللقاء الأول بينهما منذ اندلاع الحرب في فبراير/ شباط 2022 منعطفاً مهماً في مسيرة الحرب، لعله يضع نهاية لحرب مدمرة أدت إلى دمار واسع في البنية التحتية وفقدان آلاف الأرواح في البلدين، ووضعت القارة الأوروبية على شفا حرب واسعة، رافقتها تهديدات باستخدام السلاح النووي.
اللقاء الذي جاء بناء على دعوة من الرئيس بوتين بإجراء مباحثات مباشرة دون شروط مسبقة بهدف إزالة الأسباب الجذرية التي أدت إلى الحرب، وبجهود من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سوف يحدد المسار المقبل للحرب، ويضع في حال نجاحه أساساً لوقف دائم للقتال، واتفاقاً شاملاً للسلام بين البلدين.
الرئيس ترامب اعتبر المفاوضات المباشرة «يوماً عظيماً لكل من روسيا وأوكرانيا»، فيما أعرب الرئيس أردوغان عن استعداد بلاده لاستضافة المفاوضات، وأبلغ الرئيس الروسي في اتصال هاتفي معه أن هناك «فرصة لتحقيق السلام».
اللقاء بين الرئيسين لن يكون سهلاً، فالمواقف بينهما متباعدة، فالرئيس الأوكراني يدعو إلى وقف كامل لإطلاق النار لتوفير الأساس الضروري للدبلوماسية، فيما يريد الرئيس الروسي مفاوضات جادة مع أوكرانيا بلا شروط تهدف إلى إزالة الأسباب الجذرية للنزاع وإرساء سلام دائم.
وبعد دقائق من هذه التصريحات خرج يوري أوشاكوف، وهو أحد كبار مساعدي بوتين، ليضيف مزيداً من التوضيحات، وقال إن المحادثات يجب أن تضع في الحسبان مسودة اتفاق السلام التي تم التخلي عنها من جانب أوكرانيا عام 2022، والوضع الراهن على الأرض، وهي الصيغة التي تعني أن على كييف أن توافق على الحياد الدائم مقابل ضمانات أمنية، وعدم الانضمام إلى حلف الناتو، وأن تقبل سيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم وعلى أجزاء واسعة من الأراضي الأوكرانية التي سيطرت عليها، وهو ما يتوافق مع المقترحات الأمريكية التي قدمتها واشنطن إلى كل من أوكرانيا والدول الأوروبية مؤخراً.
الدول الأوروبية من جهتها تتعامل بحذر مع اللقاء المنتظر بين بوتين وزيلينسكي، فقد أعلنت المفوضية الأوروبية دعمها لخطة وقف إطلاق النار غير المشروط «التي تمهد الطريق لمحادثات روسيا وأوكرانيا وتوفر الأساس اللازم للدبلوماسية»، دون الإشارة إلى القضايا التي تطرحها موسكو. وقد أشار الباحث المختص بالشأن الروسي أندريه أنتيكوف إلى أن الأوروبيين «يحاولون فرض أجندتهم على روسيا عبر اقتراح لوقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا لمدة ثلاثين يوماً في ظل استمرار تسليحهم لأوكرانيا»، وقال إن الأوروبيين يتحدثون مع روسيا بأسلوب «الإنذار الأخير»، وقال إن موسكو اقترحت الهدنة مرات عدة، لكنها لم تلق آذاناً مصغية.
ورغم كل ذلك، فإن لقاء إسطنبول بين بوتين وزيلينسكي قد يفتح الباب أمام التسوية، ويضع الأساس لاتفاق يضع حداً للحرب بين البلدين، لأن الحرب أدت إلى إنهاكهما، إضافة إلى الضغوط السياسية والاقتصادية التي يتعرضان لها.
مقالات أخرى للكاتب




قد يعجبك ايضا







