رسالة القمة العربية

00:32 صباحا
قراءة دقيقتين

انعقدت القمة العربية الرابعة والثلاثون في بغداد، في ظل تحديات معقّدة تواجه المنطقة، وتستوجب تعاوناً عربياً ودوليا لحل أزماتها، وأخطرها تداعيات الحرب الإسرائيلية المتصاعدة على غزة والتهديدات التي تواجه الوجود الفلسطيني وقضيته العادلة، والاعتداءات المستمرة على لبنان فضلاً عن التحول الجاري في سوريا والصراعات القائمة في ليبيا والسودان والوضع المأزوم في اليمن.
انعقدت القمة تحت شعار «حوار وتضامن وتنمية»، وهو ترجمة لتطلعات مشروعة للأمة العربية التي تأمل من المحيط إلى الخليج أن يتشكل عصر عربي جديد يقوم على توحيد الصف والتضامن الفعال وتحقيق الأهداف المرجوة في الاستقرار والازدهار وبناء غد أفضل للأجيال المقبلة.
وقد تضمنت كلمات القادة المشاركين في القمة هذه المعاني، وأجمعت على ضرورة التحلي بالشجاعة لمواجهة التحديات الراهنة، وأهمها التصدي لحرب الإبادة الجماعية التي تشنّها إسرائيل بكل فظاعة على قطاع غزة، وقد شدد القادة العرب وضيوف الشرف وخصوصاً رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على ضرورة وقف هذه المذبحة وإنهاء العذاب الجماعي لشعب أعزل، كما تعززت المواقف العربية برفض تهجير الفلسطينيين من أرضهم، بدعم دولي واسع بدأ يغيّر في كثير من المواقف، ومنها الأوروبية، على وجه التحديد، وهو ما يدفع إسرائيل إلى عزلة غير مسبوقة جراء ما ارتكبته من جرائم وتطاول على القانون الدولي وشرعة الأمم المتحدة.
قد لا تختلف قمة بغداد عن سابقاتها من القمم العادية والطارئة، وإن كان الحضور على مستوى القادة أقل من نظيراتها نسبياً، ولكن كل الدول كانت ممثلة وفاعلة، وأعادت التأكيد على كل البيانات والمواقف المعروفة، ولكن الذي ينتظره الشارع العربي اليوم، لا يتصل بإلقاء الخطابات وإطلاق الوعود فحسب، بل إن الوضع الراهن يفرض آليات عمل جديدة وقدرة على تجسيد التضامن وتوحيد الرؤى بما يسمح بتحقيق أهداف التنمية والاستقرار وحفظ سيادة وأمن الدول الأعضاء في الجامعة.
البيان الختامي للقمة الموسوم ب«إعلان بغداد» وجّه رسالة أعاد من خلالها تأكيد التمسك بالثوابت العربية وفي مقدمتها المطالبة بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة ودعم ثبات الشعب الفلسطيني في أرضه حتى إقامة دولته المنشودة، وإدانة الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية واللبنانية، والترحيب برفع العقوبات الأمريكية عن دمشق، والمطالبة بإنهاء الأزمات في سوريا وليبيا واليمن عبر الحوار.
وأكد أيضاً سيادة دولة الإمارات على جزرها الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، ودعا إيران إلى التجاوب لإيجاد حل سلمي لهذه القضية من خلال المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية. كما لم تغب عن البيان الختامي المطالبة بتعزيز المصالح المشتركة لأبناء الأمة العربية في مجالات الأمن والتنمية والتكامل الاقتصادي.
كل هذه المطالب والأهداف هي من أساسيات العمل العربي المشترك، ومن أجلها تنعقد القمم وتعمل اللجان الوزارية والتنفيذية المنبثقة عنها. وهذا الشق الاقتصادي والاجتماعي، أكّدته أيضاً القمة العربية التنموية الاجتماعية الاقتصادية الموازية. وأقل ما يأمله المواطن العربي أن تترجم هذه القرارات، في كل المجالات المختلفة، إلى خطط عملية ومشاريع على أرض الواقع، من أجل أن يتجاوز الجميع هذه المرحلة الصعبة والمصيرية بسلام.

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"