شددت دولة الإمارات العربية المتحدة في كلمتها في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الدورة العادية 34، أمس الأول السبت، في العاصمة العراقية بغداد، على ضرورة تغليب الحوار لحل الخلافات وبناء جسور الشراكة والتعاون، وطالبت بالدفع بعملية تؤمن حلاً مسؤولاً ومستداماً لمستقبل قطاع غزة وللصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
وقالت الإمارات إن منطقتنا العربية، والشرق الأوسط عموماً، تمر بمرحلة خطيرة من حالة عدم الاستقرار وتغيرات متسارعة ترمي بظلالها على السلام والأمن الإقليمي والدولي، الأمر الذي يتطلب مزيداً من التنسيق والتعاون بين دولنا، للحفاظ على استقرار المنطقة وأمنها وتحقيق التنمية والازدهار لدولنا وشعوبنا، مؤكدة أنها تراقب بقلق بالغ تبعات استمرار دوامة التصعيد والعنف والمواجهات وتداعياتها على الأمن والاستقرار في الإقليم وخارجه.
وأكدت أنه وانطلاقاً من نهجها الثابت، فإن دولة الإمارات تؤمن بأن تغليب الحوار والدبلوماسية لحل الخلافات والنزاعات وبناء جسور الشراكة والتعاون، وتعزيز قيم التضامن والتسامح والتعايش السلمي، هي الضامن لمعالجة الأزمات، وتغليب لغة العقل والحلول الدبلوماسية. وقالت: «في خضم هذه الأوضاع، نؤكد أهمية تعزيز العمل العربي المشترك والتضامن لمواجهة التحديات التي تمر بها منطقتنا العربية، ولإنهاء التطرّف والتوتر والعنف المتصاعد في المنطقة، وتفعيل دور الدبلوماسية والحوار في حل الخلافات، وتدعيم قواعد وسلطة الدولة العربية الوطنية وتقوية مؤسساتها الشرعية، والتركيز على نشر الاستقرار وتحقيق التنمية والازدهار».
وشددت كلمة الدولة على أن النهج الأساس للسياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة ولعلاقاتها الخارجية، هو السعي لخلق الاستقرار وبناء الازدهار في المجال الإقليمي والمجال الدولي، ودفع الحلول والمبادرات السلمية للنزاعات والصراعات، إلى جانب إيلاء الشؤون الإنسانية أولوية خاصة، ومن هذا المنطلق نتعامل مع التوترات القائمة في المنطقة. وفي هذا الصدد، فإن الإمارات العربية المتحدة، تسعى جاهدة للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة، من قبل إيران، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وذلك من خلال المفاوضات الثنائية أو القبول بإحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية، وفقاً لمبادئ وقواعد القانون الدولي.
وفي ضوء ما يشهده قطاع غزة والأرض الفلسطينية المحتلة من استمرار العنف والهجمات الإسرائيلية، كررت الإمارات، في كلمتها، إدانتها واستنكارها لتلك الأعمال، وتدين وترفض بأشد العبارات جميع التصريحات والإجراءات الاستفزازية التي تستهدف الفلسطينيين، وتطالب المجتمع الدولي الاضطلاع بمسؤولياته لوقف الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة على الأرض الفلسطينية المحتلة، التي تعد انتهاكاً سافراً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، والقرارات الدولية ذات الصلة. كما أكدت رفضها بشكل قاطع جميع المحاولات الرامية إلى تهجير الفلسطينيين قسراً من أراضيهم، ما يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وغير مقبولة وغير قابلة للتنفيذ وتشكل تهديداً لاستقرار وسيادة أشقائنا في مصر والأردن، واستفزازاً وتأجيجاً للرأي العام العربي والمسلم، ومدعاة لمزيد من عدم الاستقرار والتوتر في المنطقة.
وتابعت كلمة الإمارات «وفي ضوء ما يجري فإنه غير مجد ولا مقبول العودة إلى الأوضاع التي كانت سائدة قبل السابع من أكتوبر 2023، وعلينا الدفع بعملية تؤمن حلاً مسؤولاً ومستداماً ليس فقط لمستقبل قطاع غزة وإنما للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي يوفر أفقاً سياسياً على أساس حل الدولتين وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة، التي تعيش بأمن وسلام جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيل». وأضافت «ولن يكون متاحاً العمل على الاستقرار وإعادة البناء في غزة بدون الربط بهذا الأفق السياسي، فلا تهجير سكان غزة مقبول، ولا بقاء قطاع غزة بدون سلطة وطنية فلسطينية شرعية كفء ومسؤولة وقادرة على حصر السلاح بيدها وتأمين الأمن والاستقرار وسيادة القانون».
وجددت الإمارات أنها لن تدخر جهداً في دعم الأشقاء الفلسطينيين وتسخير أي توجه أو تحرك دبلوماسي لرفع معاناتهم. حيث تتسق الجهود الإماراتية في هذا الشأن مع الثوابت التاريخية في سياستها الخارجية المتمثلة في التزامها بتعزيز السلام والعدالة، وصون حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، وستواصل دولة الإمارات العمل بشكل وثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين لدعم السلام والتعايش عبر التوصل إلى حلول سياسية دائمة للصراعات في المنطقة من خلال الحوار والتفاهم.
في ذات الوقت الذي يستمر فيه توفير الدعم الإنساني والإغاثي للأشقاء الفلسطينيين، وتوفير المستلزمات المنقذة للحياة في قطاع غزة، وإيصالها بكل الطرق الممكنة. وفي هذا الإطار ننوه بالجهود المشكورة من جمهورية مصر العربية ودولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية، للتوصل إلى حلول متوافق عليها لوقف الحرب في قطاع غزة والإفراج عن المختطفين والمحتجزين وتدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية، تمهيداً لحل سياسي مستدام للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي على أساس حل الدولتين.
الشأن السوداني
وفي ما يتعلق بالسودان، تبدي دولة الإمارات قلقاً بالغاً إزاء الوضع الإنساني الكارثي والمتدهور، وانعدام الأمن الغذائي والصحي الحاد، الذي وصل إلى حد المجاعة في مناطق عدة من السودان، وتدعو إلى إزالة العراقيل أمام وصول المساعدات الإنسانية الأساسية إلى المناطق الأكثر حاجة إليها، بشكل فوري وآمن ومستدام ودون أي عوائق، بما في ذلك عبر الحدود وخطوط النزاع. والقلق يمتد إلى عواقب استمرار الحرب الأهلية بين الأطراف السودانية، منذ أن اندلع القتال في إبريل 2023، وما يحمله من تبعات خطيرة على مستقبل الأمن والاستقرار ليس في السودان فحسب، وإنما على الأمن والاستقرار في عموم الدول المجاورة وفي القرن الإفريقي ومنطقة الساحل كذلك.
وأضافت «وإذ تابعت دولة الإمارات، بكل أسف واستغراب، ما يصدر عن سلطة بورتسودان من سردية تضليلية وادعاءات باطلة وكاذبة، بحق دولة الإمارات ودورها الإنساني والحيادي في الأزمة السودانية، فإنها تؤكد رفضها القاطع وبأشد العبارات لتلك الادعاءات التي تفتقر إلى أدنى درجات المسؤولية والموضوعية، والتي تحاول من خلالها سلطة بورتسودان التهرب من مسؤوليتها عن الانتهاكات والوضع الكارثي الذي يتكبد ويلاته الشعب السوداني، وكذلك التهرب من مسؤوليتها عن التعنت والرفض المتواصل للانخراط الجاد في مسارات الحل السياسي، والاستجابة للمبادرات الإقليمية والدولية الداعية إلى وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات، لإيجاد حل سلمي للنزاع القائم في السودان. وأشارت إلى أن الهروب من الفشل الداخلي عبر افتعال الخصومات وتصدير الأزمات إلى الخارج، لا يغير من الواقع شيئاً، بل يفاقم معاناة المدنيين ويعرقل جهود الإغاثة الدولية، ويضع السودان في عزلة إقليمية ودولية.
وتابعت دولة الإمارات، في كلمتها أمام القمة، «ولقد جاء القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية في لاهاي، بتاريخ 5 مايو 2025، الذي يرفض الدعوى المقدمة من قبل سلطة بورتسودان ضد دولة الإمارات، وشطب القضية من سجل المحكمة وإنهاء كل الإجراءات المتعلقة بها، ليؤكد بشكل واضح وقطعي أن الدعوى المقدمة لا أساس لها من الصحة وقائمة على باطل، ومن البديهي، فإن القرار يمثل رفضاً حاسماً لمحاولة سلطة بورتسودان استغلال المحكمة لنشر المعلومات المضللة، وتشتيت الانتباه عن مسؤوليتها في الصراع، وكذا محاولاتها البائسة لإستغلال المنابر الإقليمية والدولية، في جهد يائس، للتضليل والافتراء على دولة الإمارات العربية المتحدة. وإضافة إلى قرار محكمة العدل الدولية فإن التقرير النهائي لفريق الخبراء المعني بالسودان، التابع للأمم المتحدة، الصادر بتاريخ 17 إبريل 2025، قد دحض أي ادعاءات ضد دولة الإمارات وضلوعها بالنزاع في السودان. وشددت على أن «موقف دولة الإمارات كان ولا يزال واضحاً منذ بداية الحرب الأهلية في السودان، حيث ظلت على الدوام داعية لوقف هذه الحرب، وسنداً وداعماً للشعب السوداني عبر تقديم المساعدات الإنسانية وبذل الجهود الدبلوماسية المتواصلة لتعزيز الأمن والاستقرار، وفاعلاً أساسياً في كل الجهود والمبادرات الإقليمية والدولية الرامية إلى الحل السلمي للنزاع في السودان، وصولاً إلى تمكين حكومة مدنية مستقلة عن العساكر، للعبور بالسودان إلى بر الأمان والاستقرار».
وفي ما يخص إعلان ما يسمى بمجلس الأمن والدفاع السوداني بقطع العلاقات مع دولة الإمارات وإعلانها دولة عدوان، تؤكد دولة الإمارات أنها لا تعترف بقرار سلطة بورتسودان، باعتبار أن هذه السلطة ليست شرعية ولا تمثل الشعب السوداني، وأن البيان الصادر عما يسمى بمجلس الأمن والدفاع لن يمس العلاقات الراسخة بين دولة الإمارات وجمهورية السودان وشعبيهما الشقيقين، وتشدد دولة الإمارات بإن هذا الإعلان جاء رد فعل عقب يوم واحد فقط من فشل سلطة بورتسودان نتيجة رفض محكمة العدل الدولية الدعوى المقدمة منها ضد دولة الإمارات.
وإزاء كل هذه التطورات في الوضع القائم في السودان، فإن دولة الإمارات ستبقى داعية إلى ضرورة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار ووقف الأعمال العدائية بين الأطراف السودانية المتحاربة، إذ إنه لا يوجد حل عسكري للصراع، وستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، وستواصل العمل مع كافة الجهات المعنية لدعم العودة لمسار العملية السياسية في السودان، وأية عملية تهدف إلى وضع السودان على مسار التوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة مدنية انتقالية مستقلة عن سلطة العسكر، تؤمن للسودان مستقبلاً مستقراً وآمناً، وتحافظ على استقلال السودان وسيادته ووحدة أراضيه وعدم التدخل في شؤونه الداخلية. ولم تأل دولة الإمارات جهداً في الاستجابة للوضع الإنساني الكارثي في السودان وتقديم كافة أشكال الدعم والمساندة للأشقاء السودانيين، فعلى مدار العقد الماضي، قدمت دولة الإمارات أكثر من 3.5 مليار دولار أمريكي كمساعدات للشعب السوداني، مؤكدة التزامها بمساعدة المحتاجين في أوقات الأزمات، ومنذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان في 2023، قدمت دولة الإمارات أكثر من 600 مليون دولار أمريكي كمساعدات إنسانية مباشرة وعبر وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات الإنسانية الدولية. لقد آن أوان العمل الحاسم والحازم، ليتوقف القتل، ويبنى مستقبل السودان على أسس صلبة من السلام والعدالة والقيادة المدنية المستقلة بعيداً عن السيطرة العسكرية، وأولئك الذين يسعون إلى إطالة أمد الحرب على حساب شعبهم.
وأضافت دولة الإمارات في كلمتها أنه «اتساقاً مع نهج دولة الإمارات العربية المتحدة ومبادئ وقواعد سياستها الخارجية في ما يتعلق بالعمل على إيجاد حلول سياسية للأزمات والأوضاع القائمة في اليمن وسوريا ولبنان وليبيا والصومال، فإننا نؤكد الدور المحوري للمملكة العربية السعودية الشقيقة وجهودها في الوصول إلى عملية سياسية يمنية لحل الأزمة في اليمن بما يحقق مصالح الشعب اليمني. وكذلك للجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة وبقية الشركاء الدوليين للتوصل إلى حل سياسي يلبي طموحات الشعب اليمني الشقيق في السلام والاستقرار والتنمية، ونؤكد أهمية مسؤولية المجتمع الدولي في الحفاظ على أمن وحرية الملاحة البحرية المشروعة، في أعالي البحار والمضائق البحرية الحيوية، ضمن إطار القوانين والقواعد الدولية، ونجدد وقوفنا إلى جانب الشعب اليمني الشقيق وتعزيز الاستجابة الإنسانية لاحتياجاته ودعم تطلعاته المشروعة في الاستقرار والحياة الكريمة.
دعم لسوريا ولبنان
وتابعت الكلمة أمام القمة« وفي الجمهورية العربية السورية رحبنا بتولي أحمد الشرع الرئاسة في سوريا، معربين عن أملنا بأن تتكلل جهود الحكومة السورية في هذه المرحلة الدقيقة بالنجاح بما يلبي تطلعات الشعب السوري، وسعادتنا بالزيارة الناجحة للرئيس أحمد الشرع إلى دولة الإمارات، مؤكدين موقفنا الداعم لجميع الجهود والمساعي المبذولة لتحقيق آمال الشعب السوري الشقيق في الأمن والاستقرار والتعايش السلمي والتنمية. ومتطلعين إلى تطوير العلاقات بين بلدينا الشقيقين، بما يحقق تطلعات شعبيهما ويخدم المصالح المشتركة.
وفي الشأن اللبناني، جددت الإمارات الترحيب بانتخاب جوزيف عون، رئيساً للجمهورية اللبنانية، وتشكيل الحكومة، بقيادة الرئيس نواف سلام، ما يعد خطوة حاسمة نحو تقوية دور الدولة الوطنية ومؤسساتها، وما سيسهم في تحقيق تطلعات الشعب اللبناني وطموحاته في التقدم والازدهار، «مقدرين الزيارة الناجحة للرئيس جوزيف عون إلى دولة الإمارات والتي أسفرت عن تصميمنا المشترك على تطوير العلاقات، بما يحقق تطلعات شعبينا الشقيقين وخدمة مصالحنا المشتركة».
الاستقرار لليبيا والصومال
وفي الشأن الليبي، جددت الإمارات الدعوة إلى الحل السلمي للأزمة الليبية، بما يحفظ أمن واستقرار ووحدة ليبيا، ويحقق تطلعات الشعب الليبي الشقيق نحو التنمية والاستقرار والازدهار. وفي الصومال، أكدت على استمرار دعم الحكومة الفيدرالية الصومالية في مواجهة الإرهاب وبسط وتأمين سيادتها الوطنية، ودعت إلى عدم التدخل في شؤون الصومال الداخلية، وأهمية تأمين الأمن والاستقرار في القرن الإفريقي وأهمية إعمال الحلول السلمية واتباع الطرق الدبلوماسية لحل أية خلافات بين دوله.
تضامن مع العراق
وأكدت الإمارات، أمام القمة، «التضامن الكامل مع العراق في مواجهة التحديات التي يمر بها، ونقدر مساعي العراق المستمرة لاستعادة دوره الإيجابي في محيطه العربي والإقليمي الأوسع، ونتطلع إلى عراق مستقر ومزدهر، وندعم كل ما يحقق له أمنه واستقراره ووحدة أراضيه وسيادته واستقلاله، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية. ونؤكد العزم على تعزيز وتعميق علاقات التعاون والشراكة بين بلدينا الشقيقين بما يؤمن الأمن والاستقرار والتقدم والتنمية والازدهار في المنطقة ويحافظ على العلاقات الأخوية بين دولها جميعاً وعلى استدامة الترابط والتضامن والمحبة بين شعوبها، واحترام سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية». وتواصل دولة الإمارات، في إطار التزامها الدائم بالسلام والعدالة، جهودها الحثيثة لمكافحة الإرهاب والتطرف، وذلك من خلال تأكيد موقفها الحاسم والداعم لتعزيز قيم التسامح، والتعايش السلمي بين مختلف الأديان والمذاهب والمعتقدات.
تعزيز التسامح والاعتدال
وأكدت كلمة الإمارات أن محاربة التطرف وخطاب الكراهية والتحريض من جهة، وتعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي والوسطية من جهة أخرى، هي سمات أساسية ومترسخة في نهج وسياسة دولة الإمارات العربية المتحدة، مؤكدة الاستمرار في نشرها وتعزيزها في سبيل خير البشرية وبناء الازدهار وتقوية روابط التضامن والتعايش في المجال الإقليمي والدولي. (وام)
تنويع مصادر الطاقة البديلة والمتجددة
في إطار استراتيجية دولة الإمارات للتنويع الاقتصادي، يحتل تنويع مصادر الطاقة البديلة والمتجددة أهمية أساسية، حيث أصبح مزيج الطاقة في دولة الإمارات مثالاً يُحتذى به ليس فقط في المنطقة، وإنما كذلك في العديد من دول العالم، فقد نجحنا في بناء قطاع الطاقة النووية السلمية، فمحطة الطاقة النووية في براكة تسهم بنحو 25 % في الشبكة الكهربائية في البلاد، وبالمثل نجحنا في قطاع الطاقة الشمسية مدشنين محطات طاقة شمسية ضخمة في المناطق المختلفة في البلاد، وعملنا على تطوير تكنولوجيا طاقة الرياح، مما مكننا من استخدام طاقة الرياح بصورة مبتكرة ونقل هذه التجربة للدول الشقيقة والصديقة. ومع النجاح في تنويع مصادر الطاقة تولي دولة الإمارات أهمية كذلك لرفع كفاءة استهلاك الطاقة والحد من الهدر والفاقد بوسائل مبتكرة، بما في ذلك رفع كفاءة الشبكة الكهربائية تقنياً وإدارياً. وللمشاركة في معالجة أزمة ندرة المياه، أطلقت دولة الإمارات العام 2024، «مبادرة محمد بن زايد للمياه»، بهدف تعزيز الوعي بأهمية أزمة ندرة المياه وخطورتها على المستوى الدولي، وتطوير حلول تكنولوجية مبتكرة لمعالجتها، والسعي إلى زيادة الاستثمارات الهادفة إلى التغلب على هذا التحدي، وتوفير المياه النظيفة والمستدامة للجميع. وفي الوقت الذي يعاني فيه 90 % من سكان منطقتنا العربية ندرة المياه، فإن هذه المبادرة تأتي في وقتها، للإسهام في تعزيز الأمن المائي الذي يشكل أولوية في تأمين التنمية المستدامة. كما ستستضيف دولة الإمارات في عام 2026 «مؤتمر المياه» بالشراكة مع جمهورية السنغال تعزيزاً للعمل الدولي في معالجة أزمة ندرة المياه. «ولاشك أن تعزيز الأمن المائي على صلة وثيقة وحاسمة بتعزيز الأمن الغذائي واستدامته. لذا اعتمدت دولة الإمارات «الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051»، التي تهدف لأن تكون دولة الإمارات الأفضل عالمياً في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول 2051، وتطوير إنتاج محلي مستدام ممكن بالتكنولوجيا لكامل سلسلة القيمة، وتطوير منظومة وطنية شاملة للإنتاج الغذائي.
شريك عالمي في الذكاء الاصطناعي
أكدت كلمة الإمارات أمام القمة أن إعلان صاحب السمو رئيس الدولة «حفظه الله» عام 2025 عاماً للمجتمع هو تجسيد لنجاحنا وتقدمنا، وتعبير عن أن تراثنا الوطني يستند إلى قيمنا الإسلامية الراسخة والتقاليد العربية العريقة، التي تعمل على ترسيخ مركزية دور الأسرة في المجتمع، وتعزز قيادة الشباب، وإيلاء تمكين المرأة ومساهمتها في الحياة العامة أولوية بارزة، ورعاية الطفولة وحماية حقوقها ومستقبلها، إضافة إلى الطاقة الإبداعية لشعبنا، الملتزم بالقيم الأساسية لدولة الإمارات وبالتقدم الاقتصادي والتكنولوجي، حيث إن الجهود والأفكار الإبداعية تساهم في بناء اقتصاد قوي ومستدام، وإن التنمية لا يمكن استيرادها، بل يجب أن تنبع من خلال شعب متعلم ومتفانٍ لمستقبل وطنه، وقادر على المنافسة في السوق العالمية، وإن التعاون الإقليمي والدولي ضروري لنمو المعرفة ولمعالجة التحديات الوطنية والعالمية.
وأضافت أن دولة الإمارات أصبحت اليوم شريكاً عالمياً في رحلة بناء مستقبل قائم على التكنولوجيا المتقدمة والابتكار والذكاء الاصطناعي، تماشياً مع رؤيتها الطموحة لتحقيق التقدم والريادة في هذه المجالات عالمياً .
دعم الاستثمارات الخضراء
حققت الامارات تقدماً ملحوظاً في إطار استراتيجيتها الجديدة للتجارة الخارجية الهادفة إلى توسيع قاعدة الشركاء التجاريين حول العالم، وفتح أسواق جديدة للصادرات، وترسيخ مكانة دولة الإمارات مركزاً عالمياً للتجارة وممراً عالمياً للسلع والخدمات، وبيئة مزدهرة للاستثمار والصناعة والتكنولوجيات. وحافظت على مسارها التصاعدي في تقارير التنافسية العالمية خلال عام 2024، عبر تبوئها المراكز المتقدمة في أبرز المؤشرات، وحصدت المركز الأول عالمياً في 223 مؤشراً، مقابل 215 مؤشراً في العام 2023. كما جاءت ضمن أفضل 5 دول عالمياً في 444 مؤشراً، مقابل 406 مؤشرات في 2023، وجاء هذا التقدم ترجمة واقعية لعملية التحديث المستدامة في البنية التشريعية، وإطلاق المبادرات الاستباقية التي تدعم المنظومة الاقتصادية والاستثمار، وسيادة القانون، وتوظيف التكنولوجيا المتقدمة، وتطوير أداء مختلف القطاعات بما يعزز جودة الحياة لجميع مواطنيها والمقيمين على أرضها.
وقالت الإمارات إنها تطبق نهجاً استباقياً ومتكاملاً في دعم الاستثمارات الخضراء وتعزيز بناء اقتصاد مستدام، عبر إطلاق العديد من المبادرات والإستراتيجيات الوطنية البارزة، مثل «استراتيجية الإمارات للطاقة»2050 و«المبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي 2050».
مؤسسة إرث زايد الإنساني رمز للعمل الخيري
تولي دولة الإمارات حيزاً أساسياً، في سياستها الخارجية وجهودها الدولية، للأعمال الإنسانية والمساعدات الإغاثية والتنموية. وتخليداً لإرث الشيخ زايد، طيب الله ثراه، أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مرسوماً اتحادياً في 27 أكتوبر 2024 بشأن إنشاء «مؤسسة إرث زايد الإنساني»، تخليداً لإرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وجهود رموز الدولة المستمرة في العمل الإنساني والخيري والتنموي.
قطاع الفضاء الوطني.. رؤية للمستقبل
ذكرت الإمارات، أمام القمة، أن قطاع الفضاء الوطني يمثل رؤية دولة الإمارات للمستقبل، حيث نجحت الإمارات في معانقة الفضاء بمشاريع وطنية وقدرات أبنائها الفذّة، ما جعلها تعزز مكانتها عربياً ودولياً في فترة وجيزة. وشهد قطاع الفضاء الإماراتي نقلة نوعية شاملة ونمواً متسارعاً في وقت قياسي، حيث بلغت استثمارات الدولة في قطاع الفضاء 40 مليار درهم إماراتي، خلال السنوات الماضية، وارتفعت نسبة الإنفاق على البحث والتطوير لمشاريع استكشاف الفضاء بنسبة 14.8 % مقارنة بعام 2023. وبلغت النسبة السنوية لنمو عدد الشركات العاملة في هذا المجال في الدولة 29 %، فيما بلغت نسبة تمويل واستثمارات القطاع الخاص في الفضاء 44.3 % ما يشير إلى تنامي دور القطاع الخاص في قطاع الفضاء.
ويستعد العالم لاستكشاف القطب الجنوبي للقمر، عبر «بوابة الإمارات»، التي ستكون طريق الرواد والعلماء في استكشاف الفضاء، المقرر إطلاقها عام 2030، وذلك انطلاقاً من الاستراتيجية الوطنية للفضاء 2030 والتي أطلقتها دولة الإمارات في مارس 2019، بهدف تشكيل شراكات واستثمارات محلية وعالمية فاعلة في صناعة الفضاء.