الارتقاء بالتعليم ارتقاء للمجتمع

00:46 صباحا
قراءة 3 دقائق

مسيرة التعليم العالي في إمارة الشارقة شهدت تطوراً ملحوظاً ونمواً مستداماً، بدءاً من تأسيس جامعتيها «الشارقة» و«الأمريكية» اللتين شكلتا النواة الأولى للمدينة الجامعية في الشارقة، وقد شكل هذا الحدث نقطة تحول مهمة في المشهد الأكاديمي والعلمي بالإمارة. وقد تميزت تلك المدينة بتنوع جامعاتها وكلياتها ومعاهدها التي تتنوع فيها البرامج الأكاديمية ذات معايير الجودة العالمية، وقد استقطبت بذلك آلاف الطلبة من داخل الدولة وخارجها.
وعبرها ترسّخت مكانة الإمارة مركزاً علمياً وثقافياً رائداً في المنطقة. واستمرت الشارقة في الاستثمار في التعليم العالي، بتطوير البنية التحتية، وتشجيع البحث العلمي، وإنشاء مجمعات أكاديمية متكاملة، ما أسهم في تخريج كوادر مؤهلة تسهم في دعم مسيرة التنمية المستدامة في إمارة الشارقة، ودولة الإمارات، ودول الخليج والوطن العربي قاطبة.
العلم يفتح آفاق المعرفة، ويمنح الإنسان القدرة على التفكير النقدي واتخاذ القرارات الصائبة في مختلف مجالات الحياة. ويشكل أداة أساسية للنهوض الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، فبالعلم تُبنى الأمم، وتُصان الهويات، وتتحقق التنمية المستدامة، فكل ذلك يأتي ضمن محاسن العلم وإيجابياته ومآمنه.
ولعل كثراً منا لا يَعون بأن للعلم مخاطر، حيث تكمن خطورته عندما يُفصل عن القيم الأخلاقية والإنسانية، ويُستخدم لأغراض تضرّ بالبشرية. أو توظيفه بشكل غير مسؤول قد يؤدي إلى نتائج كارثية. كما تكمن خطورته في نشر المعلومات المضللة أو غير الدقيقة، ما يؤثر في وعي الأفراد وقراراتهم.
ومن هنا يتضح لنا بأن قرار صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بإنشاء مجلس في الإمارة يعنى بالتعليم العالي والبحث العلمي، جاء كي يكون مظلة تنظم وتدير وتراقب وترسم سياسات، وتخدم وتدعم وتواصل الارتقاء بمؤسسات التعليم العالي المختلفة في الإمارة، وعبر هذا المجلس سيُقرن العلم بالحكمة، ويُوجَّه لخدمة الخير العام، لضمان أن يبقى وسيلة للبناء لا للهدم، القرار وإن كان قد جاء في نهاية العام الدراسي، فإنه جاء ليؤكد أن التغيير والتطوير والارتقاء بالعملية التعليمية تتطلب عملاً دؤوباً دائماً متواصلاً، لا يرتبط بموسم ولا يرتبط بمستوى دون آخر ولا بفئة دون أخرى.
واستوقفتني كلمة لصاحب السموّ حاكم الشارقة، عند اجتماعه الأول بأعضاء مجلس الشارقة للتعليم العالي والبحث العلمي، حين أشار فيها إلى أن إحدى وسائل الارتقاء بالعلم والتعليم الاهتمام بالمعلم الجامعي، ووجدت بأن ذلك لن يتحقق إلا بتوفير بيئة أكاديمية ومهنية تدعم تطوره العلمي والمهني، وتثمّن دوره المحوري في صناعة الأجيال وبناء المعرفة. فالاهتمام بالمعلم الجامعي استثمار مباشر في جودة التعليم العالي وفي مستقبل الوطن، وفعلاً هو ذاك ما أجده في الشارقة ومؤسساتها التعليمية.
كما يسهم البحث العلمي في حل المشكلات المجتمعية، ويدعم التنمية المستدامة، ويعزز ثقافة الوعي والمعرفة، من ثمّ فإن الاستثمار في البحث العلمي استثمار في المستقبل، ويعكس تطور المجتمعات وقدرتها على التكيف والابتكار والنمو.
كلمة أخرى استرعت انتباهي بعمق ما حملت من معنى، تلك التي تفضل بها سموّ الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، ولي عهد ونائب حاكم الشارقة، نائب رئيس مجلس الشارقة للتعليم العالي والبحث العلمي، رغم إيجازها الشديد، فإنها أتت واعية تمام الوعي ومدركة كل الإدراك لكل ما جاد به صاحب السموّ حاكم الشارقة في كلمته خلال اجتماع المجلس، حيث أكدت أن النهج واضح والمنهج قويم والرؤية وضاءة والمستقبل مضاء، والعهد مستمر على ذات النهج والرؤية والتميز، وفق عمل مؤسسي منظم واستثمار مستدام في الإنسان والمعرفة، للارتقاء بالتعليم الذي سيرتقي بالمجتمع.

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"