لقاء الأمل

03:09 صباحا
قراءة 3 دقائق
رحل ضيفنا العزيز الذي نستقبله بكل حرارة مرة واحدة في السنة.. بقدومه يتحوّل كل شيء حولنا، وكأنه يشرق ببركاته، ليخلق لنا نوعاً من السعادة الربانيّة. أقول ضيفنا ولا أعلم إن كنا نحن الضيوف، أم الشهر الفضيل. تليه ليال ثلاث وأيام جميلة نحتفل فيها بعيد الفطر السعيد. الناس هنا وهناك، والجميع لبس الثوب الجديد.
وهناك من أبى إلا أن يحتفل بالعيد وهو في موقع البطولة، فها هم أبناؤنا أخذوا على أنفسهم أن يؤمّنوا الناس في العيد. هناك الجندي المرابط الذي حمل السلاح لينعم بالعيد من أصبح في وطنه شريداً، وعن منزله نازحاً بسبب جوْر فئة لا ملّة لها سوى الحرب والتشريد وترويع الناس. وهناك رجال الأمن والشرطة الذي رأيناهم في كل مكان، انتشروا لتأمين الطرقات. وهناك الطبيب الذي عرف منذ أن دخل كلية الطب، بأن مهنته لا تتوقّف مهما كانت الظروف. وهناك أناس عدة يقفون خلف الستار، لننعم نحن باحتفالات العيد وروعة الحياة.
وهناك لقاء له فرحته وأثره العميق في النفوس، هو لقاء أمنية مع مبادرة تحققان على أرض الواقع، وجدنا مبادرات عدة تحقق الأماني، وهي غراس لبذرة أمل في نفوس من أصابهم اليأس وأعيتهم الأمراض، ورأينا مبادرة صندوق الفرج، الذي ساعد في لم شمل أسر عدة. كلها جهود نحمل التقدير والعرفان لمن أسهم فيها.
ويحتمل تعريفي للقاء الأمل بأنه يحمل لكل إنسان البهجة والفرحة والسعادة، فما أجملها من بسمة ترتسم على أفواه الفقراء بالعطاء الذي يكفيهم شر الحاجة، وما أجملها من فرحة حين نرى المريض يتعافى مما ألمّ به من مرض وألم ومعاناة، وكيف لا نطمح لرؤية ذوي الإعاقة وهم يحملون شهادات العلم ويسهمون في ميدان العمل، لقاء الأمل لا يعرف الملل، فهو يبدأ بأمنية، تتلوها دراسة مستفيضة، يعقبها وضع خطة محكمة ومتكاملة، ويكون غراسها لقاء بنّاء بين الرغبة في الأمل وتحقيقه على أرض الواقع.
أما لقاء الأمل الذي أطمح إليه هو ذلك الذي يكون خالصاً من أجل الوطن شعباً وقيادة وأجيالاً تترعرع تحت سماء الإمارات. المخاطر تتحلّق حول حمانا، والشّر يحاول الوصول لزعزعة أمننا وأماننا، والأجيال أصبحت مستهدفة في عُقر دارها، وبين أحضان أهلها، يتم التغرير بهم باسم الدين والجنّة، ويكون التواصل معهم عن طريق ألعابهم. وهناك من الأبناء من وقع في فخهم، وتمت برمجته ليصبح قنبلة موقوتة تقتل الأم، وتنحر الأب، وتكفّر الأخ والخال، وتسفك الدماء الطاهرة بالقرب من بيوت يرفع فيها اسم الله بالغدو والآصال. هؤلاء الذين نحروا أنفسهم ما هم إلا شباب كانوا الأبناء والإخوة والأقارب. السؤال هل كان هذا المصير لو أن الجميع توحّدوا ليكونوا قلعة حصينة ضد أي شر أو خطر، سواء كان من الخارج، والأهم الداخل؟
قال الزعيم الراحل غاندي: «كلما اتحد الشّعب الهندي ضد الاستعمار الإنجليزي، يذبح الإنجليزي بقرة ويرميها في الطريق بين الهندوس والمسلمين، لكي ينشغلوا بصراع بين بعضهم بعضاً، ويتركوا الاستعمار». وإني لأشهد بأن ما يحدث الآن من فتن، وظهور للفئات الضالة بشكل كبير، لهو دليل على أن هناك من يستفيد من الخراب والدمار وتشتيت الأسر وتشريد الناس. وأن هذه الفئة الضالة التي تحدّت كل الأعراف والقوانين الإلهية ما هي إلا من صُنع مستعمر جديد، ولكن بفارق جوهري بين ما كان يحدث في الهند وما يحدث الآن، وهو أن الانتحاريين الآن هم من تطوّع ليقوم بدور البقرة.


كافية الكعبي
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"