أزمات مرحّلة

04:49 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمد عبيد
تنتظر العام الحالي سلسلة لا متناهية من الأزمات التي لم تجد طريقها إلى حل، والتي رحّلها العالم من أجندة العام الماضي . ورغم المؤشرات السلبية التي ما زالت تكتنف تفاصيل وتطورات تلك الأزمات، إلا أن الفرصة ما زالت متاحة خلال هذا العام، كما كانت في الذي سبقه، لوضع حد لها وإيجاد حلول مناسبة ومتوافق عليها، تكفل على الأقل وقف تصاعد حدتها، والبدء في تطويقها ومن ثم الوصول إلى حلها في نهاية المطاف .
على رأس تلك الأزمات، يأتي التهديد الإرهابي الذي يجتاح دولاً عدة في المنطقة العربية، متركزاً في العراق وسوريا، ومنتشراً في اليمن وليبيا، وأجزاء من مصر، وبعض الدول العربية الأخرى، متوعداً بمزيد من التمدد والانتشار، وموقعاً المزيد من الضحايا، وهذا التهديد قابل للهزيمة في حال توصل العالم ككل إلى صيغة مواجهة تتخطى المصالح الضيقة، وتضع في الحسبان عالمية التهديد، ولا تؤطره أو تصوره على أنه متعلق بدين أو منطقة بحد ذاتها .
ومن هذا التهديد تبرز أزمات تتعلق بدول عربية تنتظر الخروج من أزماتها، في مقدمها سوريا والعراق وليبيا واليمن، وتلك الدول باتت تشكل أزمات مزمنة، نتيجة القصور الدولي، والعجز العالمي عن التعاطي معها بشيء من التوازن، وبما يحفظ وحدتها وسيادتها، وبطريقة تلبي احتياجات ومطالب شعوبها .
إلى جانب هذه الأزمات، ما زالت القضية الفلسطينية مركزاً رئيسياً للاهتمام العالمي، رغم أن تعاظم التحديات وانتشار الصراعات غطيا عليها في مناسبات كثيرة خلال الأعوام القليلة الماضية، لكن ذلك لم يمنع الفلسطينيين من مواصلة نضالهم المشروع ضد الاحتلال "الإسرائيلي"، والمطلوب خلال العام الحالي أن يواصلوا نضالهم على أكثر من جبهة، وأن يتم التوصل إلى آلية مواجهة عربية إزاء استمرار الولايات المتحدة في دعم الاحتلال، على مختلف الصعد، وفي مقدمها "الفيتو" في مجلس الأمن .
على مستوى عربي أيضاً، ما زالت مصر وتونس تواجهان تحدي بناء الدولة الحديثة، لكنهما تخطوان بثقة نحو هذا الهدف، وتؤكدان لكثيرين أن الفرصة ما زالت متاحة لدى الجيران والأشقاء لاستعادة الاستقرار والبدء في مسيرة البناء .
دولياً، ما زالت الأزمة الأوكرانية مثار شد وجذب وتنافس بين المعسكرين الروسي والغربي، في ظل تمترس الخصوم كل خلف مواقفه المعلنة التي باتت معروفة للجميع، فيما يحاول كل من هؤلاء تسجيل النقاط ضد الآخر، في سياق مشروعه الخاص، الذي يستلهم مؤشرات إلى تغير في البيئة الدولية، وفي ميزان القوى الدولي، لمصلحة نظام تعددي ينهي سطوة ونفوذ القوة الوحيدة العظمى .
العالم أمام جملة من التحديات التي تمس بدرجة أولى قيمه الإنسانية الأساسية، وتنال من استقراره، وتضع عقبة جديدة أمام جهود التنمية ومواجهة الكوارث الطبيعية وتفشي الأوبئة، متمثلة في تصاعد التطرف الذي لا يقتصر على ديانة بحد ذاتها أو فريق سياسي محدد، وبات هذا الانحياز المتزايد إلى التشدد والأصولية أمراً في غاية الخطورة، لا يهدد شعوب المنطقة العربية فحسب، بل يتعدى ذلك ليتحول إلى أزمة حقيقية في الغرب، الذي يشهد صعوداً للتيارات اليمينية والعنصرية، القائمة على العداء للأجانب وللدين الإسلامي، ولعل هذا أجدر بأن يتم السعي إلى علاجه على وجه السرعة، حتى يتمكن العالم من مواجهة التحديات الداهمة موحداً .
[email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"