تجار الأزمات

04:00 صباحا
قراءة دقيقتين
فتح العليم الفكي

ما زال العالم يكافح من أجل وقف انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19» واتخذت كل الدول بلا استثناء إجراءات احترازية صارمة لوقف توسع الرقعة الجغرافية لانتشار الوباء.

وتراوحت تلك الإجراءات بين وقف حركة الطيران العالمي والداخلي ومنع التجمعات وفرض حظر للتجول وغرامات مالية على المخالفين، وعلقت معظم الدول الإسلامية صلاة الجمعة وصلوات الجماعة في المساجد، كما تم غلق المدارس والجامعات والعمل عن بعد في معظم المصالح الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص.

ووضعت هذه الإجراءات أكثر من مليار شخص في الحجر المنزلي الإجباري وأبدى البعض تذمراً وتبرماً من تلك الإجراءات الصارمة، فيما تعامل البعض باستهتار ولا مبالاة بحظر التجول مثلما حدث في بعض الدول العربية مثل تونس والأردن والعراق ولبنان.

وعلى الرغم من أن هذه ليست هي المرة الأولى التي يواجه فيها العالم خلال القرن الحادي والعشرين أوبئة شكلت تهديداً للبشرية لا يقل خطورة عن تهديد كورونا مثل الإيبولا وسارس وإنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير، ولكن تضافر جهود المجتمع الدولي بحكوماته ومنظماته مكّن من التغلب على هذه الأوبئة.

لقد أظهرت أزمة تفشي «كورونا» صوراً رائعة ومشرقة من التضامن الدولي، وشهد العالم بأسره قيام دول بمد يد العون لدول أخرى انتشر فيها الوباء رغم أنها لم تكن على وفاق معها. ومن الصور الزاهية أيضاً قيام دولة مثل كوبا التي ظلت تعاني منذ أكثر من ستة عقود العقوبات الأمريكية الجائرة بإرسال بعثة طبية إلى إيطاليا، وقامت البعثات الدبلوماسية الكوبية في البلدان التي تفشى فيها الوباء بعرض خدماتها ووضع خبراتها وإمكاناتها الطبية تحت تصرف الدولة الراغبة في ذلك.

في المقابل، كانت هناك صور مخزية تنم عن استغلال واضح للأزمة خاصة في منطقتنا العربية، حيث سعت جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية للمتاجرة بالأزمة واستغلالها لتحقيق مكاسب سياسية آنية عبر نشر الشائعات وبث الذعر في النفوس.

ففي الجزائر رفض فرع الجماعة قرار إغلاق المساجد، وحاول استثارة العاطفة الدينية لدى الشعب الجزائري، وفي السودان دعت الجماعة إلى مسيرة يوم السبت الماضي أسمتها «معاش الناس» بيد أنها عادت وانسحبت منها بعدما رأت استعدادات القوات الأمنية لفضها مهما كلف الثمن، فانصرفت لترويج الشائعات وتخويف العائدين من الحجر الصحي، وفي مصر التي تعيش فيها الجماعة في حالة حرب مع الحكومة بعد خلع رئيسها محمد مرسي رأت الجماعة في تفشي «كورونا» فرصة مناسبة للنيل من الحكومة عبر ترويج الأكاذيب وإعلان أرقام خيالية لأعداد المصابين بالوباء، بيد أن شعب الجزائر والسودان ومصر لم تنطل عليها ألاعيب الجماعة فأجهضت مخططها الشيطاني في مهده.

إن جماعات الإسلام السياسي بمواقفها الانتهازية أصبحت منبوذة من كل شعوب المنطقة، ذلك أنها ظلت تقف دائماً الموقف الخطأ في قضايا مصيرية لا تحتمل المواقف المائعة لا سيما أن الأزمات مثل «كورونا» توحد الشعوب والحكومات.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"