«القومة للسودان»

03:04 صباحا
قراءة دقيقتين
فتح العليم الفكي

تداعى السودانيون داخل الوطن وفي بلاد المهجر زرافات ووحداناً لتلبية المبادرة التي أطلقها رئيس الوزراء الانتقالي عبدالله حمدوك ليل الخميس الماضي تحت اسم «القومة للسودان - الحملة الشعبية للبناء والتعمير» لدعم برامج حكومة الثورة ومواجهة جائحة كورونا.

وحصدت الحملة بعد ساعات قليلة من إطلاقها أكثر من خمسة ملايين دولار، وأعادت إلى الأذهان صور التكافل الشعبي الذي عرف به شعب السودان حيث شاركت كل فئات الشعب من رجال أعمال وموظفين وعمال وشيب وشباب ونساء وأطفال ولم يدع أصدقاء السودان من عرب وأفارقه شرف المشاركة في هذه العرس التاريخية.

لقد تزامن إطلاق الحملة مع القرارات الجريئة التي اتخذتها لجنة تفكيك النظام «الإخواني» المباد، كما أنها جاءت في ظرف دقيق ومفصلي في تاريخ البلاد التي تعيش أوضاعاً اقتصادية غير مسبوقة وأزمات معيشية ضاغطة يأخذ بعضها برقاب بعض جعلت الحصول على رغيف الخبز أو بضع لترات من الوقود أو أسطوانة من غاز الطبخ حلماً يراود الملايين من السودانيين.

بيد أن هذه الحملة كشفت عن تمسك الشعب السوداني بثورته وإيمانه العميق بشعاراتها المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة، وتصميمه على فعل كل ما بوسعه لحمايتها من المؤامرات التي يحيكها ضدها رموز نظام «الإخوان».

كان طبيعياً أن يشكك أنصار الرئيس المعزول عمر البشير في دوافع وأهداف الحملة وأن ينشطوا في تدشين حملة مضادة قوبلت بالسخرية والاستهزاء من جماهير الشعب السوداني كافة.

وكان طبيعياً أيضاً بعد فشل حملتهم في تثبيط الهمم أن يلجأوا لتحركات مشبوهة وإحداث "تفلتات أمنية" بهدف جر البلاد إلى الفوضى والعنف عبر الترويج للشائعات عن انقلاب عسكري مزعوم في يوم السادس من إبريل/نيسان متناسين أن ما اقترفته أيديهم طيلة فترة حكمهم من انتهاكات يندى لها جبين البشرية وفساد أزكمت رائحته الأنوف جعلت من الصعب أن تجد أفعالهم هذه آذاناً صاغية.

إن التحديات أمام الحكومة الانتقالية ستظل قائمة ولن تزول بين عشية وضحاها، خاصة أن «الإخوان» زرعوا كوادرهم كالسرطان في كل مفاصل الدولة ولكن بالشفافية والعمل الدؤوب سيتعافى الجسد السوداني من هذا الداء الخبيث.

صفوة القول، إن مبادرة «القومة للسودان» رغم أنها جاءت متأخرة بعض الشيء إذ كان يجب أن تطلق منذ الأشهر الثلاث الأولى لتشكيل الحكومة الانتقالية، إلا أنها بلا شك مبادرة ذكية هدفت قبل جمع المال إلى جس النبض حول مدى التفاف الشعب حول حكومته، وعلى حمدوك وطاقمه الاقتصادي طرح مشروعات للاستثمار خاصة في المجال الزراعي، وتبدو الفرصة الآن مواتية أكثر من أي وقت مضى، لاسيما أن العالم يتطلع إلى السودان وإمكانياته الضخمة في حل أزمة الغذاء التي بات الحديث عنها يتردد كثيراً بعد أزمة كورونا وهذه فرصة ذهبية للسودان على الحكومة استثمارها للتعويض عن السنوات والفرص التي أضاعها نظام «الإخوان» على البلاد بتخبطه وسوء إدارته التي أقعدت السودان ووضعته في ذيل الدول رغم ما حباه به الله من ثروات مهولة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"