موازنة 2017.. وحكومة عون الأولى

03:49 صباحا
قراءة 4 دقائق
عصام الجردي

تدخل سنة 2017 على لبنان مثقلة بأكثر من 71 مليار دولار ديناً عاماً بواقع 145 في المئة إلى الناتج المحلي هذا ومع احتساب محفظة دين مصرف لبنان يرتفع إلى فوق مئة مليار دولار
نفترض أن الحكومة اللبنانية ستنال ثقة مجلس النواب قبل نهاية 2016 لتنكبّ على معالجة المشكلات الحادة في البلد مطلع 2017. وفي مقدمتها المشكلة الاقتصادية والمالية والاجتماعية. الحكومة من 30 وزيراً شكلها رئيسها سعد الحريري بالتشاور مع رئيس الجمهورية ميشال عون. هي أوسع من حكومة الولايات المتحدة ومن أي حكومة في الدول الصناعية. والسبب معروف. إرضاء الكتل النيابية والسياسية.
تدخل سنة 2017 بدولة مثقلة بأكثر من 71 مليار دولار أمريكي ديناً عاماً بواقع 145 في المئة إلى الناتج المحلي. باحتساب محفظة دين مصرف لبنان يرتفع إلى فوق مئة مليار. وفي هذه المحفظة هندسة مالية دونها الكثير من الجدل واللبس في علاقة مصرف لبنان والمصارف. وفي علاقة المصرف مع الدولة والخزانة. مشروع موازنة 2017 مقوماً بالدولار الأمريكي من نحو 16.470 مليار. عجز النفقات إلى الإيرادات زهاء 31.7 في المئة. والى الناتج المحلي نحو 9.5 في المئة. الأرقام تشمل استحقاقات فوائد ديون بنحو 4.7 مليار دولار أمريكي. المشروع بني على أساس 2.6 في المئة نمواً معدلاً وسطاً و1.8 في المئة تضخماً. في موازنة لبنان الاستحقاقات قائمة وحكمية. التقديرات هي المشكوك في صحة تحققها في نهاية السنة المالية. أمر يحصل في كل بلدان العالم بهامش محدود. ويرتبط بسعر الموارد والنمو والنفقات الطارئة وبالاستقرار الداخلي وبعوامل جيوسياسية وغيرها. في لبنان يتسع الهامش فوق النقطة المئوية أو اثنتين، باتساع العوامل المذكورة. وفي حال استمرارها يصبح مشكوكاً في تحقيق النمو المتوقع. وتنقلب كل التقديرات التي بنيت عليها عوائد الموازنة وإيراداتها رأساً على عقب.
سيحتاج لبنان إلى نحو 7.3 مليار دولار أمريكي ديناً في 2017. بهامش يبلغ حالياً نحو 425 نقطة أساس (4.25 نقاط مئوية) علاوة مخاطر سيادية فوق فائدة سند الخزانة الأمريكي أجل 3 سنوات. مع ارتفاع الفوائد في أسواق السندات الدولية ستتعاظم تكلفة الدين العام السيادي. وعدم تحقق معدل النمو بواقع 2 3 في المئة سترتفع نسبة الدين إلى الناتج. وبالتالي ستؤثر في التصنيف السيادي وترفع هامش المخاطر السيادية وتكلفة الدين. بقاء مشكلة النازحين من سوريا، من دون وفاء دول العون التزاماتها سيرفع فاتورة النفقات والدين. ولم يتسلم لبنان من أصل نحو 3 مليارات دولار أمريكي أقرت له سوى 825 مليوناً. بطالة من نحو 25 في المئة وزهاء 33 في المئة بين الشباب. جزء أساسي منها نتيجة العمالة السورية. هذا الواقع لن يزيد من حدة الأزمة الاجتماعية ومستوى الفقر من 28 في المئة حالياً وحسب، بل سيخفض القدرة الشرائية للبنانيين والطلب الاستهلاكي الداخلي. وقد كان طوال السنوات الخمس الأخيرة محركاً شبه وحيد لعجلة النمو والاقتصاد. عوائد الصادرات تراجعت في 2016 إلى نحو ملياري دولار أمريكي من 4.2 مليار سنوياً. السياحة لن تستعيد نشاطها قبل عودة العلاقات اللبنانية مع دول مجلس التعاون الخليجي. العمق الطبيعي للاقتصاد اللبناني. البحث السياسي الكيدي عن بدائل في دول دياسبورا الاغتراب اللبناني لا يجدي ولا يزيد. أفاد لبنان من تراجع أسعار النفط. بيد أن تحويلات العاملين في الخارج تراجعت إلى نحو 4 مليارات دولار أمريكي من نحو 8. لو أقرت موازنة في 2017 ستكون الأولى بعد 12 سنة منذ 2005 الموازنة الأخيرة بقانون عن مجلس النواب. وقد استمر لبنان ينفق طوال هذه الحقبة الطويلة بموجب الدستور للحفاظ على كينونة الدولة. بل ذهب إلى أبعد ما يلحظه الدستور وقانون المحاسبة العمومية على أساس القاعدة الاثنتي عشرية. فهذه تخوّل الحكومة استثناءً الإنفاق لشهر يناير / كانون الثاني فقط من السنة الجديدة التي حلت بلا قانون موازنة بحسب الأصول. إلى حين إقرار الموازنة في الشهر الثاني حداً أقصى. كما تجاوزت النفقات القاعدة.
رئيس الجمهورية الذي شغر مركز الرئاسة عامين ونصف العام حتى دنا له، هو المطالب مع رئيس الحكومة بإحداث نقلة في الملف الاقتصادي والاجتماعي. وفي ملفات أخرى على صلة وثيقة بالاقتصاد. اللبنانيون ينتظرون شعارات «الإصلاح والتغيير». ويرون منافذ من الأزمة حتى لو بقيت الأزمة السورية ومشكلة النازحين. الإصلاحات المطلوبة على مستوى الموازنة لا علاقة لها بالأزمة السورية. وتتصل بمنظومة ال5 في المئة السياسية الاقتصادية التي تحكم البلد. وبالنمو غير الاستيعابي المستمر في تعميق الفجوة الاجتماعية وأزمة الاقتصاد. والإصلاحات ليست اختراعاً لبنانياً. في بلدان العالم من الدخل المتوسط كما لبنان، لا تقل حصة الإيرادات الضريبية عن 22 في المئة إلى 25. بينما لا يتجاوز سقفها في لبنان 17 في المئة. مصدر رفعها متاح من الريع المالي والعقاري واستعادة أملاك الدولة المعتدى عليها. ولا توجد دولة تبلغ حصة الضرائب غير المباشرة من الشريحة الفقيرة ومتوسطة الدخل مع الرسوم الجمركية نحو 68 في المئة من إيرادات الموازنة. إقرار الموازنة يحد من حجم الفساد، ويترك ويؤدي إلى فائض في حساب الموازنة الأولي. ومن دونه لن يضع لبنان قدماً على طريق معضلة الدين والنمو.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"