هل يحصل التعافي فــي النصــف الثانـــي؟

01:13 صباحا
قراءة 3 دقائق
تيم فوكس *


أنهت الأسواق شهر إبريل /‏ نيسان في وضعية جيدة، مع ارتفاع المؤشرات الرئيسية على مدار الشهر وتزايد التفاؤل بتخفيف إجراءات الإغلاق في شهر مايو، نتيجة دخول البلدان من حول العالم المرحلة التالية من أزمة فيروس «كورونا». على الرغم من البيانات الاقتصادية التي تثبت التأثير الضخم لعمليات الإغلاق هذه خلال شهري مارس وإبريل، يعتقد العديد من المستثمرين أن تعاملهم الهادئ مع الأحداث سوف يفسح المجال للتعافي في النصف الثاني من العام، ما يشجع على التفاؤل بأن التداعيات السلبية ستكون قصيرة الأجل، خاصة إذا تم العثور على علاج أو لقاح ل «كوفيد 19».
ومع ذلك، لا تزال الأسواق تتجاهل تحذيرات صانعي السياسات من أن العودة إلى الوضع الطبيعي قد تستغرق وقتًا أطول بكثير. كما أن الأسواق تتغاضى تحذيرات العلماء من أن العثور على اللقاح سيستغرق وقتًا أطول، بينما أصبحت الشركات أيضًا أكثر حذرًا على مستوى توقعاتها، نتيجة التحديات الهائلة التي تواجهها. بذلك لا تزال هناك أسباب كثيرة للإبقاء على الحذر من وتيرة ومدى انتعاش سوق الأسهم.
بدوره يلقي النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين بظلاله على المستقبل بعد أن شكل هذا النزاع العنصر الرئيسي الذي عصف بالأسواق طوال عام 2019، حيث دعا الرئيس الأمريكي ترامب إلى تحميل الصين مسؤولية الجائحة. ففي اليوم الأول من هذا الشهر سجلت الأسواق المالية تراجعاً حاداً بعد تغريدات من ترامب تطالب بإجراء تحقيقات في مصدر «كوفيد 19» والتلميح إلى الانتقام من بكين. يزن ترامب بوضوح الفوائد السياسية التي قد تتراكم من تهديد الصين مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، والتي قد تفوق أي تكاليف منظورة على الاقتصاد وحتى على الأسواق.
ليس من المؤكد حتى الآن ما هو المسار الذي سيختاره ترامب، ولكن مجرد ذكر العودة إلى التعريفات الجمركية وإمكانية النظر في إلغاء التزامات الديون للصين، أمر يجعل الأسواق مضطربة للغاية، خاصةً بعد فترة وجيزة على وضع حد للحرب التجارية وفي خضم أسوأ ركود عالمي منذ عقود. توقيع المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري أدى إلى تهدئة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ووضع حدا لإدخال تعريفات جديدة، وكانت الأسواق تأمل في أن تبدأ المرحلة الثانية من المحادثات في وقت لاحق من هذا العام. يبدو هذا الأمر الآن بعيد الاحتمال، خاصة مع بدء تزايد الضغوط السياسية في واشنطن.
إن تقييم استطلاعات الرأي التي أجراها الرئيس ترامب يتتبع باستمرار تقييم الاستطلاعات العائدة إلى منافسه الديمقراطي المحتمل جو بايدن، ولا يوجد أي رئيس حظي بتقييم منخفض مثل تقييم ترامب (تقع عند معدل 40٪) في هذه المرحلة من حملته أن تمكن من الفوز منذ أكثر من سبعين عامًا. مع نفاد الوقت في الفترة التي تسبق شهر تشرين الثاني (نوفمبر) ومع عدم احتمال توفر القوة التي كان من المفترض أن يحظى بها الرئيس ترامب قبل انتشار وباء «كورونا»، يبدو أن الخطوات ذات الطابع الشعبوي ضد الصين ستزداد في الأشهر القادمة.
ومع ذلك مع تعرض الوظائف والاقتصاد للخطر، فإن لعب ورقة الصين لن يكون مباشراً كما كان في العام الماضي، مما يعني أن البيت الأبيض سيتعين عليه التعامل بحذر شديد عند استخدام هذه الورقة. قد يكون حجم الاتهامات التي كيلت الأسبوع الماضي عبر توجيه اللوم إلى الصين وتحميلها مسؤولية الوباء، يشكل نوعاً من اختبار وتقييم لرد الفعل في الأسواق كما يؤثر هذا الأمر على استطلاعات الرأي الخاصة بالرئيس ترامب. اعتمادًا على النتائج التي ستتأتى عن هذا الأمر، سيتعين على الرئيس ترامب وفريق عمله تقدير إلى أي مدى يمكن الذهاب باتجاه إشعال حرب تجارية.
بالطبع العوامل الإضافية الأخرى التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار هي التقدم المحقق في مكافحة فيروس «كورونا». إذا استمر تخفيف إجراءات الإغلاق دون أن يؤدي ذلك إلى ازدياد حالات الإصابة بفيروس «كوفيد 19»، فيمكن عندها احتساب حجم المخاطر التي يمكن اتخاذها في مجالات التجارة والتعريفات الجمركية. ولكن إذا عاد الاضطراب إلى الأسواق مرة أخرى بسبب إطالة فترة الإغلاق والتأخير في تخفيف الإجراءات، وهو احتمال وارد، فإن تعزيز المخاطر عبر إضافة مصدر آخر للتوتر قد يصبح أمراً بعيد الاحتمال.


* كبير الاقتصاديين ورئيس الأبحاث في «الإمارات دبي الوطني»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"