آبار الطاقة الأرضية في كينيا

21:59 مساء
قراءة 4 دقائق

غافين ماغواير *

تتمتع كينيا، ثامن أكبر منتج للطاقة الحرارية الأرضية عالمياً، بقدرات كامنة كبيرة في القطاع أكثر من أي دولة أخرى، وهي تخطط لمضاعفة إجمالي إنتاجها بحلول عام 2030، وتوليد ما يزيد على نصف كهرباء البلاد من تلك الموارد، حسبما تظهر بيانات «غلوبال إنيرجي مونيتور».

وبمجرد الانتهاء من المشاريع الحالية، التي تُعد جزءاً من أهدافها الطموحة للطاقة الخضراء، من المتوقع أن تحتل كينيا المرتبة الرابعة في القائمة العالمية لمنتجي الطاقة الحرارية الأرضية، بعد الولايات المتحدة وإندونيسيا والفلبين.

وعلى غرار الأشكال الأخرى من مصادر الطاقة المتجددة، فإن آلية توليد الكهرباء باستخدام الطاقة الحرارية الأرضية لا تنتج عنها انبعاثات كربونية أو ما شابه من الغازات المضرة بالبيئة، لكنها تتمتع في المقابل بميزة إضافية تجعلها جذابة لمستخدمي الطاقة الصناعية، متمثلة في كونها متاحة على مدار الساعة وبكميات موثوقة، مما يتفوق على الطبيعة المتقطعة لمصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

بالإضافة إلى ذلك، يوفر قطاع الطاقة الحرارية الأرضية فرص عمل مباشرة وغير مباشرة أكثر من مصادر الطاقة المتجددة الأخرى، مع ما يقدر بنحو 34 وظيفة لكل ميغاوات مركبة، مقارنة ب 19 وظيفة في قطاع طاقة الرياح، و12 وظيفة لمنشآت الطاقة الشمسية الكهروضوئية، بحسب شركة الطاقة الإيطالية «إينيل».

وبالنسبة للاقتصادات سريعة النمو في إفريقيا، حيث من المتوقع أن يناهز عدد السكان 1.7 مليار نسمة بحلول عام 2030، من المرجح أن تحظى الصناعات التي تخلق فرص العمل وتسرع التحول العالمي للطاقة بمعاملة أكثر تميزاً من الحكومات ودعم واسع النطاق من المجتمعات المحلية.

وهذا بدوره يصب في مصلحة قطاع الطاقة الحرارية الأرضية ويساعده على الصمود في وجه المنافسة الشرسة من مصادر الطاقة الأخرى خلال السنوات المقبلة.

في غضون ذلك، تميل منشآت الطاقة الحرارية الأرضية إلى التجمع على طول حدود الصفائح التكتونية الرئيسية، وبالتالي فهي ليست خياراً قابلاً للتطبيق في جميع المواقع الجغرافية. لكن في المناطق التي توجد فيها حركة صفائح نشطة يمكن أن تكون مرافق الطاقة الحرارية الأرضية وسيلة فعالة من حيث التكلفة لتوليد طاقة نظيفة ووفيرة من أعماق ضحلة نسبياً. وفي كينيا، يعد الوادي المتصدع العظيم المصدر الرئيسي للطاقة الحرارية الأرضية.

ويقع الوادي على طول صدع شرق إفريقيا، وهو إحدى أكثر مناطق الصدع القاري نشاطاً في العالم، ويوفر للجيولوجيين سهولة نسبية في الوصول إلى الجيوب الحرارية الجوفية. وقال بيكيتسا مانجي، المدير العام لشركة توليد الكهرباء الكينية، في تقرير نشره صندوق النقد الدولي: «يتطلب الوصول إلى بئر طاقة حرارية أرضية في جميع أنحاء العالم حفر حوالي 3000 إلى 4000 متر في المتوسط، لكن بعض الآبار في كينيا يبلغ عمقها 900 متر فقط».

وقد حفز هذا الوصول السهل نسبياً إلى مصادر الطاقة الحرارية الأرضية كينيا لتصبح رائدة عالمية في تطوير تلك المواقع ذات الصلة، وقد عززت البلاد بالفعل قدرة إنتاجها للطاقة الحرارية الأرضية بنسبة 375% خلال الاثني عشر عاماً الماضية، أكثر من أي منتج رئيسي آخر عالمياً، وفقاً لبيانات «إمبر».

وفي ضوء ذلك، تطورت الخبرات التراكمية للمهندسين ومديري المشاريع في كينيا بشكل مميز، لتضاهي أمهر العقول في القطاع على مستوى العالم، وغالباً ما قادت تلك الخبرات تطوير مشاريع الطاقة الحرارية الأرضية، بدءاً من عمليات مسح المواقع وحتى تقييمات الأثر البيئي وتصميم المصانع في أماكن أخرى.

وقد سمح ذلك للدول المجاورة مثل إثيوبيا وجيبوتي، المتاخمتين أيضاً لصدع شرق إفريقيا، بالبدء في تطوير مصادر الطاقة الحرارية الأرضية لديهما بتوجيه من الخبراء الكينيين. ومع ذلك، فإن هذه المشاريع الجديدة لا تمثل سوى حيز بسيط من إمكانات الطاقة الحرارية الأرضية الموجودة في شرق إفريقيا.

إذ إنه، ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، لدى منطقة شرق إفريقيا القدرة على توليد أكثر من 20 غيغاوات من الكهرباء من مصادر الطاقة الحرارية الأرضية، أي أكثر من ضعف إجمالي القدرة الكهربائية المركبة الحالية في كينيا وإثيوبيا مجتمعتين.

وبالنسبة لشركات توليد الطاقة في كينيا، فإن القدرة الإضافية على الطاقة الحرارية الأرضية سوف تسمح لها بتعزيز إجمالي إمدادات الكهرباء من دون اللجوء إلى رفع استخدام الوقود الأحفوري إلى ما يتجاوز المستويات الحالية التي تبلغ نحو 12%، وبالتالي الحفاظ على قطاع الطاقة في البلاد باعتباره واحداً من أنظف القطاعات في القارة السمراء.

أما بالنسبة لإفريقيا ككل، والتي من المتوقع أن تشهد تسارعاً كبيراً في النمو الاقتصادي حتى عام 2050، فإن تعزيز قدرات الطاقة الحرارية الأرضية في شرقها، بقيادة كينيا، من شأنه أن يمكن العديد من الاقتصادات من الاستفادة من كميات متزايدة من الكهرباء الخالية من الانبعاثات، مع تزويد عموم القارة بقدر أكبر من الاستقلال في مجال الطاقة.

وعلى الرغم من أن زخم تطوير الطاقة الحرارية الأرضية في كينيا لا يزال يمثل قضية محلية في الوقت الحالي، إلا أن تأثير الزيادات الحادة في توليد الطاقة النظيفة في جميع أنحاء شرق إفريقيا سيكون له تداعيات مهمة في سوق الطاقة العالمية مستقبلاً.

* كاتب متخصص بأسواق السلع وانتقال الطاقة العالمية (رويترز)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/39dwstv3

عن الكاتب

كاتب متخصص بأسواق السلع وانتقال الطاقة العالمية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"