عادي
سلّحَهم بالعلم وأوصاهم بالعمل

آمن بالشباب فتخطت إنجازات الإمارات حدود الأرض

00:06 صباحا
قراءة 5 دقائق

إعداد: سارة البلوشي

أدرك المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، مبكراً، التحديات التي يواجهها الشباب والتي قد تبعدهم عن دورهم في النهوض بالوطن والمجتمع، لذا كان يحثهم على الالتزام بقضايا وطنهم، وفتح لهم المجال للعمل وإبداء الآراء والمساهمة في البناء والتنمية، كما جاءت منظومة القيم لدى الوالد المؤسس، مرسّخة لأمن واستقرار شباب وطنه، لذا فإن الخصوصية التي تميزت بها هذه المنظومة جديرة بتسليط الضوء عليها، بعد أن باتت إرثاً خالداً للأجيال.

في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2003 قال الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، في كلمة بمناسبة اليوم الوطني لدولة الإمارات: «إن العمل الوطني لا يتوقف عند حد، والمسؤولية تقع الآن عليكم يا شباب الإمارات لتحوّلوا الفرص التي أتيحت لكم إلى نقاط انطلاق لمزيد من العطاء لوطنكم وشعبكم».

كما كان يقول: «إننا ننتظر من الشباب ما لم ننتظره من الآخرين، ونأمل من هذا الشباب أن يقدم إنجازات كبرى وخدمات عظيمة، تجعل هذا الوطن دولة حديثة، وبلداً عصرياً يسير في ركب العالم المعاصر»، وذلك لأنه آمن بقدراتهم، وعدّهم ثروة الوطن التي يجب استثمارها، من أجل بناء الغد والمستقبل للأجيال المقبلة.

الصورة

استقرار الشباب

جاءت منظومة القيم لدى الوالد المؤسس، مرسخة لأمن واستقرار شباب الوطن، وباتت إرثاً خالداً للأجيال ينهلون منه فكراً، وقيماً، ومنهاج حياة، حيث أراد لها أن تنير حياة الأجيال المقبلة على مر العصور، يتعلمون كيف يوظفون القيم في دعم مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة وقوتها الناعمة، ورايتها الناصعة.

وحرص الشيخ زايد، على أن يلتقي الشباب أثناء جولاته، وكان يتحاور معهم، ويستمع إلى أفكارهم وأحلامهم، ومن خلال الحوار كان يلتمس المعرفة ويخطط لبناء مستقبل الوطن، ومن خلال الحوار أيضاً، أبدى طيّب الله ثراه، تفاؤله بمستقبل هذا البلد، ومستقبل هذه الأمة.

وقال: «لقد بنى الأسلاف من أجل هذا الجيل، وعلى الشباب اليوم أن يبني للأجيال القادمة، إن كلاً منا حين يعمل من أجل وطنه، إنما يعمل لتحقيق هدفين، الهدف الأول هو أن يحظى برضا ربه وخالقه، قبل كل شيء، والثاني هو أن يحظى بثمرة عمله، وإذا أخلص كل منا في عمله، فإن هذا العمل سوف يبقى مخلداً على مرّ السنين، وأمام الأجيال القادمة، والوطن يعرف أبناءه المخلصين ويفخر بهم، كما يعتز بهم الأهل والعشيرة».

الصورة

التسليح بالعلم

آمن، طيب الله ثراه، بقدرات الشباب كأفضل قوة كامنة لدينا، فعمل على تسليحهم بالعلم وأدوات المستقبل ليقودوا قطار التنمية، ويكونوا زعماء لصنع التاريخ، فسارع إلى إعطاء الأوامر السامية ببناء المدارس ومراكز التعليم، في مختلف مناطق الدولة، فضلاً عن استقدام المعلمين والمعلمات من الدول العربية الشقيقة، لتعليم أبناء الإمارات، وزرع الأخلاق والعلوم في عقولهم ونفوسهم.

كما كان للشيخ زايد الدور الأساسي في انتشار التعليم المجاني، وأقر أربع مراحل تعليمية أساسية، وهي الروضة والابتدائية والمتوسطة والثانوية؛ وساهم في زيادة نسبة المتعلمين الشباب بشكل كبير خلال ثلاثين عاماً، وأطلق الكثير من المشايع التعليمية والتربوية، بهدف ظهور الشباب حتى يكونوا ثروة الأمة.

وتوّجت المسيرة التعليمية في الدولة بافتتاح جامعة الإمارات عام 1977، إلى جانب تنظيم العديد من البعثات العلمية للشباب على نفقة الدولة، وتوفير كل المتطلبات التي يحتاج إليها الشباب داخل المدارس، الحكومية أو الخاصة.

الصورة

وليس ذلك فحسب، بل أقر، طيّب الله ثراه، نظام محو الأمية بين الشباب وعمل على وضع الكثير من الخطط المتطورة في نظم التعليم التكنولوجي، وقد ارتفع عدد المدارس من 350 مدرسة في عام 1978 إلى 1250 مدرسة في أواخر عهده، ومن جامعة واحدة إلى 12 جامعة حكومية وخاصة، في بداية عام 2005، الأمر الذي ساهم في انخفاض الأمية إلى 9% على مستوى الدولة.

ويعد التعليم أهم المرتكزات التي شغلت فكر القيادة الرشيدة منذ إعلان الاتحاد، حيث كان يؤكد، طيب الله ثراه، أن رصيد أية أمة متقدمة هو أبناؤها المتعلمون وأن تقدم الشعوب والأمم إنما يقاس بمستوى التعليم وانتشاره.

واستطاعت دولة الإمارات في فترة وجيزة النهوض بالتعليم وتحقيق نقلة نوعية من «عصر الكتاتيب» إلى الصعود لكوكب المريخ، وصولاً إلى اتجاهات الذكاء الاصطناعي والعلوم المتقدمة، لتلحق بركب التقدم والتكنولوجيا والابتكار والتنافسية العالمية.

الرفاهية والصحة

حرص الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، على رفاهية الشباب واستقرارهم، حيث وجّه إلى الاهتمام بهم عبر مشاريع وبرامج لتوفير السكن الملائم، وبناء على توجيهاته، أطلقت وزارة الأشغال العامة في عام 1973 عدداً من البرامج التي تلامس احتياجات المواطنين، وتهدف للانتفاع بالمساكن، حيث تجاوز عدد المساكن التي أنجزتها 17 ألف وحدة.

كما كرّس الشيخ زايد، على مدى 3 عقود، كل جهوده لتحقيق الخير لمواطنيه، والمقيمين على أرضه، وشهدت الإمارات تحت ظله عدداً من الإنجازات الكبيرة، منها قفزات في مجال الخدمات الصحية، حيث انطلق في الجانب الطبي من نقطة العدم، تقريباً، حيث كان المتوفر قليلاً، وغير مواكب لما يحدث في العالم من تطورات، وما هي إلا بضع سنوات حتى ظهرت المستشفيات الحديثة، والعيادات التخصصية، والمراكز الصحية، وعرف شباب المجتمع الفرق بين الطب الوقائي والعلاجي، وبدأ الاعتماد على العلاج المحلي.

ابن اليتيم

خلّد الشيخ زايد اسمه في البشرية بأياديه البيضاء التي لم تفرّق في العطاء والغوث بين الناس، وترك بصمة وبسمة في كل شبر من بقاع الدنيا، حتى صار اسمه مرادفاً للخير والرحمة والمحبة والإنسانية، حيث رسم أهداف الدولة الأولى في العمل الإنساني، وخص بالرعاية الابن اليتيم، ومنحه الاهتمام الأكبر بالقول والفعل، ولم يقتصر اهتمامه على حدود الدولة، بل انطلق إلى كل بقاع الأرض، وكان يؤكد على منح الأبناء فاقدي الأب أكبر الفرص باعتبارهم الشريحة المهمة في العناية والرعاية من أجل دمجهم في المجتمع ورعايتهم من جميع الجوانب والمحافظة عليهم باعتبارهم جزءاً مهماً من الثروة البشرية.

وصية العمل الجاد

أوصى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، قبل رحيله بنحو عام، أبناءه المواطنين بالجد والعمل، للحفاظ على الخير الوفير الذي ينعمون به والمكتسبات الوطنية التي حققتها المسيرة الاتحادية.

وقال موجهاً حديثه إلى الشباب «إن ما تحقّق من خير وفير، لن يدوم دون مزيد من الجهد والبذل والتضحيات.. إن علينا أن نكدّ من أجل حماية مكتسباتنا الوطنية وتعزيز مسيرة اتحادنا، وتحقيق المزيد من العزة للوطن والرخاء للمواطن، وهذا لن يتأتى دون مشاركة بنّاءة وفاعلة من الجميع.

أناشدكم ذكوراً وإناثاً أن تبذلوا كل جهد من أجل صيانتها ورعايتها، حتى تحصدوا أنتم وأبناؤكم ثمارها على الدوام إن شاء الله.. عليكم ألا تدخروا جهداً من أجل العمل بكل ما أوتيتم من طاقات وإمكانات.. إياكم والكسل والتقاعس والتهاون، فإن النعم لا تدوم إلا بالجهد والنشاط والعمل الجاد وشكر الله وحمده».

كان الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، قائدًا ورمزاً فذاً، قاد برؤاه وبصيرته آمال شعبه وطموحاتهم نحو بر النجاحات والرفعة على الصعد كافة، واستطاع الشباب أن يكملوا ما بدأه حتى غدت مسيرة بناء الوطن تتجاوز حدود الأرض، وصولاً إلى الفضاء والمريخ.

دعامة المستقبل

اهتم الشيخ زايد، طيب الله ثراه، بالمجال الرياضي دعماً للشباب، وفي عام 1974، وجّه بإنشاء مدينة رياضية في أبوظبي تضمن جميع الأنشطة والخدمات المختلفة التي تقوم بتقديمها مثل هذه المدن على المستوى العالمي، وتتيح للشباب الفرصة لاستقبال الدورات واللقاءات، العربية والدولية، في العاصمة الإماراتية، حتى انتشرت في كل أنحاء الدولة. وكانت مدينة زايد الرياضية العملاقة هي هديته للشباب، ولا تقتصر على نشاط كرة القدم فقط، بل تستوعب كل الألعاب والأنشطة المؤثرة في تطور وتقدم الحركة الرياضية في الدولة، كما شيدت على نفقته عشرات من الأندية النموذجية والملاعب لاستقطاب الشباب، وتخريج أجيال ممزوجة بالروح الرياضية، فضلاً عن الهِبات التي قدمها للأندية والاتحادات، لتساعد على الوصول إلى كل ما هو جديد في عالم الرياضة، وما من مدرسة تخلو من ملاعب رياضية، بجانب فرق الكشافة والمرشدات، من أجل شباب صحيح العقل والبدن، قادر على صنع مستقبل صحيح البنية والبنيان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ycymh2w4

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"