التسامح قيمة إنسانية

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

من القيم الحياتية العظيمة التي نحتاج إليها في مجتمعاتنا قيمة التسامح. هذه القيمة تحمل في داخلها الكثير من المضامين، مثل الأمان والعدالة والمساواة، ولكن البعض يشعر بأن التسامح معناه الضعف، بمعنى أن البعض يدخل في خصام على بعض الأمور الحياتية والعادية، يمتد الخصام سنوات، ويصبح موضوع التسامح في هذه الحالة من الأمور الصعبة التي يمكن أن يفعلها بعض الأشخاص. هناك من يجد نفسه يقول: «لا لن أسامح؛ حتى لا يظنوا أنني شخص ضعيف». وهكذا تزداد الهوة بين الأطراف بسبب الحكم على معنى التسامح، ذلك أن البعض يعتقد أن التسامح يمكن أن يعطي الآخر فرصة ليتحكم في الشخص المتسامح، فمن الممكن أن تخرج مع صديق فترة طويلة ولكن بعد فترة إذا حدث بينكما اختلاف في وجهات النظر، فقد يسود بينكما الخصام ويبدأ المخ باستدعاء جميع الملفات القديمة الخاصة بهذا الشخص، فتصل لحظات الكراهية بينكما لدرجة كبيرة، وتزداد الفجوة ولكن بمجرد أن ينتهي هذا الخلاف تعود صداقتكما مرة أخرى.

إن التسامح يحتاج منك أولاً إلى أن تسامح نفسك، هناك أمور حدثت في الماضي لنا، ربما تسبَّبنا لأنفسنا بالكثير من الأذى دون أن ندري، بعضنا قد يفقد أحباءه وهو بعيد عنهم في عمل أو أي سفر ويظل طوال وقته يؤنب نفسه؛ لأنه لم يكن موجوداً معهم. لذلك، تذكر أن العتب والضيق وتحمل اللوم لن تفيدك بشيء، بل سوف تزيد من فكرة عدم تصالحك مع نفسك. أتذكر قصة أخوين كانا يسيران في الصحراء، فحدثت بينهما مواقف جعلت الأكبر يضرب أخاه، فكتب الصغير على الرمال: «ضربني أخي»، ثم أكملا طريقهما، وفي الطريق تعرض الأخ الأصغر للغرق فأسرع أخوه الأكبر لإنقاذه، فكتب الصغير على الحجر: «أنقذني أخي»، فقال الأخ الأكبر لأخيه: «لماذا كتبت على الرمال أنني ضربتك بينما كتبت على الصخر أنني أنقذتك؟»، ردّ أخوه قائلاً: «لقد كتبت على الرمال أنك ضربتني حتى تجيء الرياح فتزيلها فأنساها، أما عندما أنقذتني فكتبتها على الصخر حتى لا تمحى أبداً ولا أنساها أبداً».

إن زرع بذور قيم التسامح في قلوب أبنائنا ضرورة ملحّة، وقد لخصتها الكاتبة هيلين كيلر في قولها: «أفضل نتيجة من التربية هي التسامح».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/n39ey5h2

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"