السندات الهندية إلى العالمية

21:59 مساء
قراءة 3 دقائق

نايغل غرين *

يُرسل إدراج السندات الحكومية الهندية في مؤشرين عالميين مرموقين، ك «جيه بي مورغان للسندات الحكومية للأسواق الناشئة» و«بلومبيرغ لخدمات المؤشرات»، موجات من التفاؤل عمت جميع أرجاء الأسواق العالمية.

ولا يدل هذا الحدث التاريخي على اندماج الهند المتنامي مع الاقتصاد العالمي فحسب، بل يبشر أيضاً بعصر جديد من الفرص والنمو للاقتصاد الرئيسي الأسرع نمواً في العالم.

ولأول مرة في تاريخها، تجد الهند سنداتها السيادية مدرجة ضمن معايير الاستثمار الأهم عالمياً، وهو ما يعد دليلاً على مكانة البلاد المتزايدة على الساحة العالمية، ويعزز رؤيتها، ويؤكد مصداقيتها بوصفها وجهة استثمارية مستقرة وجذابة للمستثمرين الدوليين.

وتمتد تداعيات الإدراج في هذه المؤشرات إلى ما هو أبعد من مجرد الرمزية. ويتوقع المحللون أن تؤدي هذه الخطوة إلى تدفقات تقدر ب 100 مليار دولار في الأعوام المقبلة إلى سوق الديون الحكومية الهندية المقومة بالروبية.

ففي الوقت الذي يمكن أن يجذب فيه الإدراج في المؤشرات العالمية استثمارات تصل إلى 50 مليار دولار، يُتوقع أيضاً ظهور تدفقات مماثلة من المستثمرين المؤسساتيين الكبار وصناديق الثروة السيادية وصناديق التقاعد، وفقاً لما أفاد به شريرام راماناثان، كبير مسؤولي الاستثمار للدخل الثابت في وحدة الهند التابعة ل«إتش إس بي سي أسيت مانجمنت»، في مقابلة حديثة أجريت معه.

ويتوقع ديباك أغراوال، كبير مسؤولي الاستثمار في الديون في «كوتاك ماتشوال فند» أن تولد هذه الإضافات «تدفقات مستقرة تتراوح بين نحو 25 مليار دولار إلى 30 ملياراً» على مدى 12 إلى 18 شهراً القادمة بعد فترة إعادة التوازن التي تبدأ في يونيو 2024.

وتدل مثل هذه التدفقات الكبيرة على تصويت الثقة من جانب المستثمرين العالميين في الأساسيات الاقتصادية للهند وآفاق النمو. وتتلخص إحدى الفوائد المباشرة المترتبة على هذا الإدراج في مؤشرات السندات العالمية في قدرته على تخفيف تكاليف الاقتراض المرتفعة في الهند.

إلى ذلك، يمتلك الأجانب نحو 2% فقط من السندات الحكومية الهندية، ما يجعل حيازاتهم واحدة من أدنى المعدلات بين الأسواق الناشئة. وقال راماناثان من «إتش إس بي سي»، إن الهند يجب أن تكون وجهة استثمارية مستقلة وجزءاً من مخصصات الأسواق الناشئة، على غرار الصين، نظراً لارتباطها المنخفض بالأسواق العالمية والدول النامية الأخرى.

ومع نمو الطلب على سندات الحكومة الهندية، من المتوقع أن تنخفض عائدات تلك السندات، التي تتحرك عادة عكس الأسعار، وبالتالي خفض تكلفة الاقتراض الحكومية.

ولن يدعم هذا التخفيض الاستدامة المالية فحسب، بل سيحرر أيضاً الموارد اللازمة لتطوير البنية التحتية الحيوية وبرامج الرعاية الاجتماعية، وبالتالي المساعدة في تحفيز النمو الاقتصادي والتنمية.

في غضون ذلك، قال كينيث أكينتيوي، رئيس الديون السيادية الآسيوية في شركة الاستثمار «أبردن»، لشبكة «سي إن بي سي»، إن إدراج المؤشر في حد ذاته لا يجعل الاستثمار في الهند أسهل، لكنه يشجع مجموعة أوسع بكثير من المستثمرين على ضخ أموالهم في البلاد، وهو ما كان ينبغي عليهم أن يفعلوه على أي حال بالنظر إلى مدى قوة أداء السوق.

وقالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في مذكرة لسبتمبر/أيلول إن إدراج مؤشر سندات «جيه بي مورغان» يمكن أن يسهل نحو 24 مليار دولار من التدفقات السلبية بين يونيو 2024 ومارس 2025. وبأن التدفقات قد تكون أكبر إذا تحركت المؤشرات الأخرى لتشمل الأوراق المالية الحكومية الهندية».

وأضافت الوكالة: «قد يؤدي هذا إلى خفض تكاليف التمويل قليلاً، ودعم المزيد من تطوير أسواق رأس المال المحلية، لكن التأثيرات الإيجابية المباشرة على الوضع الائتماني للهند ستكون هامشية على المدى القريب».

إن إدراج الهند في مؤشرات السندات العالمية يعمل على توسيع قاعدة مستثمريها، ويوفر مجموعة أوسع من رأس المال لتمويل اقتصاد نيودلهي المزدهر.

ومن شأن هذا التنويع أن يعزز سيولة السوق، وثقة المستثمرين، ويقلل الاعتماد على مصادر التمويل المحلية. وفي اعتقادي أن هذه الخطوة تدعم مكانة الهند لاعباً رائداً في المشهد المالي العالمي، وتؤكد التزام الدولة بالتحرير المالي والشفافية والامتثال التنظيمي، ومواءمة سوق سنداتها مع أفضل الممارسات الدولية.

يمثل إدراج الهند في مؤشرات السندات العالمية المرموقة هذه لحظة فارقة في الرحلة الاقتصادية المزدهرة للبلاد، ويرسخ سمعتها قوة اقتصادية عالمية، وينبغي أن يفتح ذلك مجموعة كبيرة وجديدة من الأبواب والفرص للنمو والتنمية المستدامين.

* المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة «ديفيرا» للاستشارات المالية والحلول الرقمية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3y8yh92a

عن الكاتب

المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة «ديفيرا» للاستشارات المالية والحلول الرقمية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"