عادي

تركيا تائهة بين موسكو وواشنطن

تحليل إخباري

05:06 صباحا
الصورة
صحيفة الخليج
القاهرة - «الخليج»:

جاء التصعيد السياسي والعسكري التركي في إدلب، رداً على حالة التجاهل الروسي لها، فقد رأت تركيا بأم عينها أن روسيا فضلت فتح خطوط مع واشنطن، بشأن أزمة إدلب، بعيداً عن تركيا، وهو ما أصاب أنقرة بنوع من الصدمة، ترجمتها في تكثيف وجودها العسكري، وتصعيد الهجمات ضد الجيش السوري، وفك وثاق المرتزقة الإرهابيين الذين يتحصنون في إدلب؛ لممارسة إرهابهم ضد القوات السورية والروسية.
ومن الواضح أن روسيا أرادت أن تبعث برسائل إلى تركيا بأن ما تفعله في إدلب، تم بتحريض أمريكي، ومن ثم لجأت إلى التعامل مع الأصل، في واشنطن، متجاهلة الدوبلير التركي، الذي جن جنونه؛ جرّاء ذلك، خاصة بعد فشل مساعي أنقرة في عقد قمة بين بوتين وأردوغان.
وتدرك روسيا أن الولايات المتحدة أطلقت عقال تركيا في إدلب؛ كي تكون حاضرة من خلالها، ولتلعب دوراً في إدارة الصراع، وما قد يستجد على طاولة المفاوضات، خاصة أن إدلب هي آخر محطة في الأزمة السورية، وهو ذات الأمر الذي فعلته واشنطن في ليبيا؛ حيث نأت بنسفها عن الصراع العسكري المباشر الدائر على الأرض، وفتحت المجال لتركيا، التي تستغل الغطاء الأمريكي في ممارسة عربدتها في سوريا وليبيا، ومن ثم كان التوجه الروسي نحو واشنطن، فيما ظهرت تركيا غير قابلة لهضم ما جرى.
وتشير التطورات إلى أن روسيا قررت التسلح بحبال الصبر في مواجهة تركيا، علها تعود إلى رشدها، خاصة أن ما تفعله لن يصمد على الأرض، إذا تحركت الآلة العسكرية الروسية؛ لمساعدة الجيش السوري بشكل معلن وواضح في إدلب. ففي هذه الحالة ستكون القوات التركية أقرب إلى الانتحار، منها إلى أي انتصار، خاصة أن عناصر النجاح في إدلب، سواء بالنسبة لسوريا أو تركيا، أو روسيا أو أمريكا، تكمن في التعامل مع تعقيدات الأزمة، وفي قدرة كل طرف على تحمل الوقت والخسائر، وفي القدرة على توظيف تحالفاته الدولية. ومن هنا تلجأ روسيا إلى التلاعب بتركيا؛ لأن عنصر الزمن ليس في مصلحتها، إذا قرر الجيش السوري المضي في خططه الاستراتيجية؛ لاستعادة إدلب؛ حيث يتمتع الجيش السوري بتحالف قوي ومتماسك مع روسيا، وهو ما لا يتوافر لتركيا، في تحالفها مع واشنطن، فهو تحالف سياسي كلامي، ولا وجود له في ميدان القتال، كما أن تركيا لن تستطيع تحمل الخسائر العسكرية على المدى الطويل.
وتراهن روسيا في أزمة إدلب على تفكيك التحالف التركي الأمريكي، وفق تفاهمات مصالح أكبر مع واشنطن، وفي إضعاف التنظيمات الإرهابية، التي تقاتل في إدلب، وهو عكس ما تريده تركيا، كما تسعى موسكو لأن تكون الكلمة الأخيرة، لها هي وواشنطن، وليس لأنقرة، ولهذا السبب تواصل تركيا تعزيز قدرتها العسكرية على الأرض؛ لمحاولة فرض واقع يصعب تجاوزه؛ حيث تتطلع إلى جني بعض الثمار، فهي تدرك أن أي تفاهمات روسية- أمريكية قادمة، لن تكون في مصلحتها، وقد تفيق - في النهاية - على واقع مرير، تتصاعد فيه خسائرها العسكرية والسياسية.