أهمية شبكة السكك الحديدية الخليجية

02:47 صباحا
قراءة 4 دقائق

مع تزايد عدد السكان، تواجه البلدان حاجة متزايدة لنقل البضائع داخل حدودها وعبرها مع الدول الأخرى . وتهيمن الطرق البرية والسكك الحديدية على قطاع نقل البضائع على الأرض . وكلما كانت الدولة أو المنطقة أكبر ولديها مصالح اقتصادية أوسع، ازدادت الحاجة إلى وجود شبكة واسعة للسكك الحديدية في إطار سلسلة التصنيع والخدمات اللوجستية .

يتطلب إنشاء وتكامل شبكة السكك الحديدية في دول مجلس التعاون الخليجي التزاماً مالياً وسياسياً ودرجة عالية من التعاون بين الحكومات، ولكن الفوائد التي ستحققها على الصعيد اللوجستي والبيئي يفوق بكثير تلك الجهود والالتزامات . وعلى الرغم من أن دول مجلس التعاون الخليجي تأخرت عن معظم المناطق الأخرى فيما يتعلق بتطوير شبكة السكك الحديدية، ولكنها مع استكمال هذا المشروع الضخم ستكون من بين دول العالم الأكثر حداثة وفعالية .

حالياً، لا تمتلك دول التعاون سوى شبكة صغيرة من السكك الحديدية . وقد اهتمت المنطقة دائماً بالطرق البرية تضم دول مجلس التعاون الخليجي 291313 كيلومترا من الطرق البرية ذات الجودة العالية . كما أنه من الأسهل توفير وقود المركبات بالنظر لتوافر النفط والغاز المدعوم . وعلاوة على ذلك، ليس من السهل على دول صغيرة المساحة مثل قطر والكويت والبحرين أن تبرر تخصيص رؤوس أموال ضخمة لبناء وصيانة نظام السكك الحديدية . وهناك أيضاً اعتبارات مناخية، حيث المسافات الشاسعة من الكثبان الرملية والرمال المتحركة التي تشكل تحدياً لنظام التشغيل الذي يتطلب زخماً دون عوائق .

كما تمتاز السكك الحديدية أيضاً على صعيد حماية البيئة، حيث تعتبر وسيلة الشحن البري الأكثر كفاءة في استهلاك الوقود . وبحسب تقرير فروست أند سوليفان الاستراتيجي حول قطاع السكك الحديدية في دول مجلس التعاون الخليجي، فإن السكك الحديدية تستخدم طاقة أقل بحوالي 60-80 في المئة في كل كيلومتر، وتسبب انبعاثات كربونية أقل بنسبة 80 في المئة من وسائل النقل البري . وتشير التقديرات إلى أن قطارات الشحن على خط السكك الحديدية بين الشمال والجنوب في المملكة العربية السعودية سوف تحمل 15000 طن، وتضم 155 عربة، لتستبدل بذلك نمو 600 شاحنة على الطرق السريعة الداخلية، مما يسهم في الحد من التلوث وأخطار الحوادث الطرقية .

وقد تمكنت المنطقة حتى الآن من تأمين حركة النقل بين البر والبحر . ولكن الزمن يتغير بسرعة . وإلى جانب الحاجة إلى إدخال وسائل مستدامة للنقل، تواجه دول مجلس التعاون الخليجي الحقائق الجغرافية السياسية التي تتطلب منها تأمين ممرات بديلة لوارداتها الرئيسية النفط والغاز وهنا أيضا، يمكن أن تكون السكك الحديدية ذات فائدة حقيقية . كما أن الوضع الراهن المرتبط بموقف إيران والقلق من التضييق على حرية الوصول إلى مضيق هرمز، وهو الممر المائي الذي تستخدمه دول مجلس التعاون الخليجي لنقل النفط الخام، والذي يمثل 20 في المئة من تجارة النفط في العالم . وكذلك التحدي المتعلق بانتشار القراصنة في خليج عدن، والذي يكلف العالم ما يقدر بنحو 6 .6 9 .6 مليار دولار أمريكي سنوياً، وفقاً لتقديرات مؤسسة اوشنز بيوند بايرسي، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها .

ويجري حالياً التخطيط لإنشاء وتوسيع شبكة السكك الحديدية داخل دول مجلس التعاون الخليجي وفيما بينها، وتمثل مشاريع السكك الحديدية القائمة حالياً بقيمة 100 مليار دولار أمريكي مؤشراً قوياً إلى هذا التوجه . ويتضمن المشروع الذي يقام على مرحلتين، قيام كل دولة خليجية على حدة بتطوير نظام السكك الحديدية الخاص بها . وسيتم بعد ذلك ربط جميع قطاعات السكك الحديدية الوطنية الستة لتشكل شبكة متكاملة بطول 2200 كيلومتر تمتد من الكويت إلى عمان، مما يشكل خطوة نوعية سوف تسهم في تحقيق تحول جذري في قطاع الخدمات اللوجستية عبر دول مجلس التعاون الخليجي .

وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، تحقق شركة الاتحاد للقطارات خطوات نوعية نحو إنشاء شبكة السكك الحديدية الوطنية، التي ستمتد عبر جميع الإمارات بطول 1200 كيلومتر، لتلبية متطلبات الشحن ونقل الركاب، وربط المجتمعات العمرانية والمناطق النائية، وتيسير حركة التجارة والتنمية . وسوف تربط الشبكة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية عبر الغويفات في الغرب، وسلطنة عمان عبر مدينة العين في الشرق .

وسيسهم نظام السكك الحديدية في الإمارات العربية المتحدة، والذي سيتم تصميمه لتشغيل قطارات الشحن بسرعة قصوى تبلغ 120 كيلومترا في الساعة، في فتح مجالات وآفاق جديدة . وسيمكن العديد من الشركات مثل شركة أدنوك، وشركة موانئ دبي العالمية، والإمارات للصلب، وأركان، وشركة الظهرة الزراعية، واتصالات، ودو، ومدينة دبي الصناعية، من الوصول إلى فرص وإمكانيات تجارية جديدة، وخفض التكاليف اللوجستية، وتحسين سرعة التسليم وتعزيز الموثوقية . وستكون شركة أدنوك أول المستفيدين بحلول عام 2013- ،2014 من إنشاء شبكة شاه - حبشان - الرويس والتي ستمكن الشركة من نقل 10000 طن من الكبريت المحبب يومياً من مصادرها في شاه وحبشان إلى الرويس، مركز أبوظبي للتصدير . وسيساهم ذلك في زيادة إنتاج الإمارات العربية المتحدة من الكبريت من 7 .1 مليون طن إلى 7 ملايين طن سنوياً بحلول عام 2015 . كما سيساهم تطوير محطة للسكك الحديدية في ميناء جبل في تعزيز كفاءة نقل البضائع من الحاويات التي تصل إلى الميناء، بما سيعود بمنافع كبيرة على شركات الخدمات اللوجستية، كما سيحفز فرص العمل والاقتصاد الإماراتي ككل . ويمكن للسكك الحديدية أيصاً أن تمثل حلاً قصير الأمد لنقل النفط الخام، ولو بكميات صغيرة نسبياً . وتبقى خطوط الأنابيب الوسيلة المفضلة لنقل النفط عبر الأراضي، ولكن شركات النفط التي تشهد نموا سريعاً في حقول الصخر الزيتي في الولايات المتحدة بدأت مؤخراً باستخدام السكك الحديدية لنقل النفط الخام، مع تأخر عمليات تطوير خط الأنابيب .

المدير العام لمدينة دبي الصناعية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"