مساع ليست للسلام

03:52 صباحا
الصورة
صحيفة الخليج
 جون كيري وزير الخارجية الأمريكي يجتمع هذا الأسبوع مع قادة «إسرائيليين» وفلسطينيين ولكن ليس من أجل الوصول إلى اتفاق سلام. هذا ما يقوله المسؤولون الأمريكيون.
لم هذا الاجتماع إذاً؟ الجواب الأمريكي يقول إنه من أجل التهدئة، ومن أجل إيقاف موجة العنف. الاحتلال «الإسرائيلي» للضفة الغربية مضت عليه عقود، أي أنه عنف متواصل، وحينما يفيض هذا العنف عن حدوده وينتفض الفلسطينيون دفاعاً عن أنفسهم وعن مقدساتهم يصبح هذا عنفاً، وتستأنف الآلة الدبلوماسية الأمريكية عملها لتحقيق التهدئة، أي كي يكبت الفلسطينيون غضبهم من جراء ما يجري لهم من قهر وتعسف واضطهاد.
الإدارة الأمريكية تدير القضية الفلسطينية لحساب الكيان الصهيوني. فهي تراقب تجاوزاته وتجيز انتهاكاته ولا تفعل شيئاً غير مباركتها بالصمت أو بالدفاع عنها في أروقة المحافل الدولية. نشاطها يشتد حينما يفيض الكيل لدى الفلسطينيين ، حينها تندفع من أجل إضعاف عزيمتهم.
هذه الطريقة الأمريكية في إدارة الأمور وصلت إلى حد أصبحت فيه غير فعالة. فتكرارها كشف سياسة الإدارة الأمريكية أنها ترى الأمور بالعين الصهيونية. كما أن ردود الفعل الفلسطينية لم يعد أحد يتحكم بها كما كان سابقاً. وهذا يعود إلى أن الغلو الصهيوني أصبح لا يطاق وأن الفلسطينيين أصبحوا يدركون أن الكيان الصهيوني يريد استئصال وجودهم إن صمتوا أو احتجوا، والموت لديهم أفضل من أن يظلوا مذعنين.
هذا الوعي بما يجري يعقد المقاربة الأمريكية. والاجتماع المفترض حينما يعلن أنه ليس من أجل الوصول إلى اتفاق حول السلام، يعني بطريقة أخرى أن الولايات المتحدة لن تسأل «الإسرائيليين» تنازلاً في خططهم الاستيطانية أو تراجعاً في خططهم التهويدية للأقصى. ما يعنيه أن الانتفاضة الفلسطينية باتت إرباكاً للحياة داخل الكيان وتهديداً داخلياً للاستقرار غير قادر على تحمله مجتمع تآلف مع الرخاء والرفاهية. كما أنه بات يعني إحراجاً للولايات المتحدة نفسها على صعيد المنطقة وعلى الصعيد الدولي. ما تريده في الاجتماع هو ممارسة الضغط على السلطة الفلسطينية كي تعمل على وأد الانتفاضة، ولا يهمها إن كان سيؤدي ذلك إلى خلق توترات داخل الجسم الفلسطيني، ويهدد العلاقة بين السلطة وشعبها بالانفصام. فهي ترى أن التداعي في الداخل الفلسطيني أفضل من الضغط على الكيان الصهيوني.
ولكن الأمر أصبح مكشوفاً لدى الجميع في السلطة وخارجها، وعليهم أن يبادروا ليس فقط إلى الوحدة في الموقف تجاه ما يجري، وإنما أيضاً إلى تطوير ذلك إلى سياسة تضع الولايات المتحدة تحت النور الكاشف من أنها تسعى نحو شراء الوقت للكيان.