عادي

«اللامنتمي» لكولن ولسون.. الوجودية بلمسة رومانسية

03:20 صباحا
قراءة 3 دقائق
القاهرة: «الخليج»

في عام 1955 أطلق كولن ولسون كتابه الشهير «اللامنتمي»، وكان صرعة في العالم كله، ثم أتبعه بكتبه «دين وتمرد»، و«عصر التخاذل»، و«القوة على الحلم»، و«أصول الدافع الجنسي»، وكان سادس هذه الكتب «اللامنتمي»، وتتناول هذه الكتب موضوعاً واحداً من زوايا مختلفة. ولد ولسون لعائلة فقيرة من الطبقة العاملة. تأخر في دخول المدرسة، وتركها مبكراً في سن السادسة عشرة؛ ليساعد والده، عمل في وظائف مختلفة ساعده بعضها على القراءة في وقت الفراغ.
يقول ولسون عن كتبه: «لقد صعقت لأنني لم أجد ناقداً أو قارئاً يربط هذه الكتب فيما بينها، ويحملها فكرة اللاانتماء، علماً بأنها نشرت في الفترة الواقعة ما بين 1955 و1963 ماعدا كتاب «دين وتمرد»، الذي أعتبره يطرق الفكرة التي تناولتها في «اللامنتمي»، أما «عصر التخاذل» فقد نظر إليه ككتاب يتحدث عن «البطل الذي تلاشى»، وقالوا عن كتاب «القوة على الحلم»، إنه يتناول الخيال فقط، وأخيراً اعتبروني قد هاجمت فرويد في كتاب «أصول الدافع الجنسي»، وسوف تستمر الأحاديث والأقاويل والتأويل حول هذه الكتب التي اتهمت خطأ بأنها لا تحتوي على فكرة متماسكة، وأنها لا تقدم فكرة جديدة».
قال النقاد، إن كتب ولسون دواوين شعر حلوة لأفكار مبعثرة أكثر منها محاولة جدية لتطوير نظرية، مع أن أحد النقاد التقط فكرة «القوة على الحلم»، وكتب عن محاولة ولسون خلق فلسفة جديدة ترتكز على الوجودية والرومانسية بقوة، وعلل السبب بأن القارئ يحتاج إلى تعمق لفهم وجهة نظر كتبه السابقة، حتى يصل إلى فهم ما يدعو إليه ولسون.
كتب ولسون «اللامنتمي» عام 1955 وكان الهدف منه هو أن يبين أن الوجودية قد انحرفت عن طريقها الحقيقي، الذاتية، وأن بعض الفلاسفة الوجوديين حاولوا إلباس تعصبهم وفشلهم الشخصي لغة مؤثرة ومجردة ولا معقولة، فأغرقوا في تعقيد الأمور، وهنا يقول ولسون، إن هذا «جعلني أشعر بأن مقاومتي للمشكلة الرئيسية مع إصراري العنيف على الذاتية ما هو إلا مساهمة متواضعة، لكنها جديرة بالاهتمام في التفكير الوجودي».
بيع كتاب اللامنتمي بسرعة فائقة، حتى أن ولسون يقول، إن ذلك أصابه بالمفاجأة، فقد أخطأ حين افترض أن الوجودية موضوع لا يستهوي إلا القلة من القراء، وسرعان ما غاص في دوامة اجتماعية بعيداً عن الكتاب، وأصابته سمعة سيئة لوجوده بين كتاب معاصرين أطلقوا على أنفسهم اسم «الشباب المتمرد»، وأثر هذا في كتبه التالية ومنها «دين وتمرد»، الذي أثار سخطاً غريباً بين الناس، ما شجع ناقدة معروفة لأن تصفه بأنه «تافه حقاً». واصل ولسون مع ذلك الكتابة، فكتب «عصر التخاذل»، وفي نهايته تأكد أنه يحاول خلق وجودية جديدة لترث الموضوع المفلس الذي أوجده سارتر وهيدجر.
نشر ولسون «عصر التخاذل» عام 1959، ولم يتغير الجو الثقافي عما كان عليه يوم ظهر «اللامنتمي»، ففي بعض الأحيان كان أحد النقاد يعبر عن ذهوله لإقرار ولسون على كتابة هذه الكتب، رغم دوامة الصعود والهبوط في حياته الكتابية، بينما يصرخ آخرون بأن الناشرين يجب أن يتوقفوا عن نشر إنتاجه.
وسافر ولسون إلى أمريكا في خريف 1961؛ لإلقاء محاضرات فلسفية في جامعتها، واكتشف خلال ذلك أن محاضراته تشكل سلسلة يمكن أن يطلق عليها «اللامنتمي»، ويجب أن توضع في كتاب جديد بعنوان «مفهوم الوجودية الجديدة»، وبالفعل بدأ في كتابته عام 1962، ثم واجهته صعوبات كثيرة، ففي البداية كان غامضاً حين تحدث مرة أخرى عن «اللامنتمي»، ووجد أنه سيتقهقر إلى النقطة التي انطلق منها في عام 1955، وعندما وصل إلى الفصل الأخير من كتابه.
يهدف كتاب «اللامنتمي» إلى وضع أساس للوجودية الجديدة فالوجوديات كلها تبدأ من نقطة واحدة، السأم واللامعنى اللذان لزما الوضع الإنساني كما لزم عجز الإنسان عن التمسك بالحرية.
يقول ولسون عن اللامنتمي: «هو الإنسان الذي يدرك ما تنهض عليه الحياة الإنسانية من أساس واهٍ، وهو الذي يشعر بأن الاضطراب والفوضوية أكثر عمقاً وتجذراً من النظام الذي يؤمن بهِ.. إنه ليس مجنوناً ؟، هو فقط أكثر حساسية من الأشخاص المتفائلين صحيحي العقول.. مشكلته في الأساس هي مشكلة الحرية.. هو يريد أن يكون حراً ويرى أن العقل ليس حراً، ولا نقصد بالطبع الحرية السياسية، وإنما الحرية بمعناها الروحي العميق».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"