عادي
مسؤولون يعتبرونها سلاحاً ذا حدين.. ومتخصصون يؤكدون أنها تسبب انحداراً في التحصيل الأكاديمي

الكتابة الإلكترونية.. تحد من قدرات الطالب الإبداعية

04:15 صباحا
قراءة 4 دقائق
تحقيق: جيهان شعيب ومحمد بركات

إيجابيات مقابل سلبيات، هذا هو واقع الأجهزة التقنية الحديثة، فبقدر فوائدها التي تتبلور في انفتاح الفرد على العالم، واكتسابه خبرات، وتزويده بمعلومات في وقت قصير، واختصار سنوات طوال كان يمكن أن يمضيها للتزود بذلك، بقدر ما تأتي على قدرته التحصيلية إن كان طالباً، وتضر بكفاءته في الكتابة الورقية، وتؤدي لتراجع مستواه العام على التعامل مع الطرق التقليدية في المذاكرة، في ضوء الالتهاء بها عن التحصيل والاستيعاب، والتعود عليها في الكتابة وغيرها، ما يؤدي إلى تراجع مستواه بشكل كامل.
ربما في القول السابق ما يؤيده، حيث توصلت دراسة حديثة إلى أن استخدام الطلاب للحواسيب والإنترنت أثناء المحاضرات والحلقات الدراسية يضر بصورة كبيرة بأدائهم الأكاديمي، ونتائجهم في الاختبارات، بحسب ما نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية، كما خلصت دراسة أجراها فريق من «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» إلى أن أداء الطلاب الذين يُمنعون من استخدام الحواسيب المحمولة، أو الأجهزة الرقمية الأخرى في المحاضرات والحلقات الدراسية، أفضل في الاختبارات من أقرانهم الذين يُسمح لهم باستخدام الحواسيب والإنترنت.
ومنذ ما يقرب من 20 عاماً، تتبنى حكومات عدد من الدول المتقدمة، مثل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا، وبعض الدول الاسكندنافية، مثل الدنمارك والنرويج والسويد، حملات لمواجهة ظاهرة عدم إقبال التلاميذ، أو الشباب على الكتابة الورقية، وتفضيل الكتابة على أجهزة التقنية الحديثة.
وتبحث الحملات في جوهرها عن سبيل لربط التلميذ، أو الشباب بمنظومة الكتابة على الورق، وما تتضمنه تلك المنظومة من تحسين للخطوط والكتابة اللغوية السليمة، باعتبار أن الكتابة على الورق تعطي مساحة أكبر للعقل البشري لاستيعاب الكتابة باليد، والنطق السليم، وتذوق اللغة وجمالياتها، وما أكثر تلك الجماليات في اللغة العربية.. وفي السابق كانت معاهد الخطوط العربية محل صراع التلاميذ على دخولها لتحسين لغتهم وخطهم بدعم من الأهل، في حين تتنافس معاهد الخطوط حالياً بوسائل شتى على جذب التلاميذ لهذا النوع من الدراسات الراقية، غير أن الكمبيوتر والأجهزة التقنية أكثر جذباً بالطبع.

دراسات دولية

كما أظهرت دراسة حديثة قام بها باحثون من جامعة كامبريدج الأمريكية، أن استخدام الطلاب للأجهزة الإلكترونية ساعة إضافية يومياً من شأنه أن يسبب تراجعاً في التحصيل الأكاديمي لهم، فالأجهزة اللوحية تعتبر سيفاً ذا حدين، فتواجدها بمتناول يدهم لفترة طويلة، وعدم استخدامها بالطريقة الصحيحة يؤدي إلى نتائج سلبية كثيرة منها استخدامهم وسائل التواصل الاجتماعي هرباً من الملل داخل الصفوف، وبالتالي فقدان القدرة على التركيز، فضلاً عن قضائهم ساعات طويلة وهم متسمرون أمامه.
ويرى محمد راشد الحمودي نائب رئيس مجلس أولياء أمور دبا الحصن، انه بقدر أهمية التقنيات الحديثة، ومنها اللوحات الرقمية والهواتف النقالة المهمة في وقتنا الحالي، بقدر سلبياتها في إضعاف تعلم الأطفال مهارات الكتابة على الورق، وسوء الخط، بسبب الإسراف في التعامل بالكتابة على الأجهزة الإلكترونية، بما يترتب على الأسر أخذ الحيطة والحذر في هذا الجانب، لأنها تؤثر في تراجع مستويات الطلبة في مراحلهم الدراسية، واتباع مجموعة إجراءات منها توعية الأبناء بالتقليل من استخدام الكتابة الإلكترونية، وتعليم الطالب المهارات اللازمة لكتابة جيدة على الورق، ومتابعتهم أثناء التدريب على ذلك، وتعويدهم على كيفية مسك القلم منذ نعومة أظفارهم، إلى جانب أهمية طرح مواضيع إنشائية داخل محيط الأسرة حول إيجابيات الكتابة الورقية، وتحفيزهم على ذلك من خلال تقديم جوائز أو هدايا لأفضل خط، مهيباً بإدارات المدارس دمج الطلاب الضعاف في الكتابة في مجموعات تقوية لتحسين مستواهم في هذا الجانب.

الكتابة الورقية

في حين نوه علي الحوسني، أمين عام مجلس الشارقة للتعليم، بأن إدخال الأجهزة اللوحية في المدارس ضروري لمواكبة لغة العصر والتكنولوجيا التي دخلت في تخصصات العلوم، والفضاء، والهندسة وساهمت بفعالية في تنمية مهارات وقدرات الطلبة التعليمية والثقافية، وشجعتهم على الدراسة بالطرق التي يفضلونها نتيجة ارتباطهم الكبير بالآيباد داخل البيت، بما استلزم توفيره لهم داخل المدرسة، شريطة عدم الاستغناء عن الكتابة وتعلم مهارات الخط العربي، وترغيبهم في الكتابة الورقية ضرورة وطنية وقومية.

ملايين الساعات

وأشار الدكتور محمد فريج، مختص العلاج النفسي إلى أن المشكلة تكمن في المبالغة في استخدام الآيباد والاعتماد عليه بمستويات بعيدة عن العقلانية، حيث يقضي أطفال العالم ملايين الساعات عليه بمتوسط ساعات يتراوح من 5- 7 ساعات يومياً، إلى الدرجة التي كاد يحل فيها محل عقولهم، بما أصابهم بالكسل الذهني، و«التآزر البصري الحركي»، وهو عدم قدرة الأطفال على التحكم في الجسد والعقل معاً، وأضر بمهاراتهم الحركية، حيث
يعاني ذلك 3 من بين كل 10 أطفال، وتتم معالجتهم بطريقة العلاج السلوكي المعرفي وتعديله من خلال لعبة يتحكم فيها الأطفال بعقولهم فقط، إلى جانب معاناتهم العزلة الاجتماعية، وفقدان اللياقة البدنية، والقدرة على الحديث وانتقاء الكلمات.
وقال: التعليم قبل وجود أي أدوات إلكترونية كان يعتمد فيه الطفل على جهده وعقله في أداء الواجبات المدرسية، والتدوين، والنسخ، ويعملون بتمرين عقولهم على الحفظ والتذكر.
وأشار إلى ضرورة المحافظة على الأساليب التقليدية في التدريس، ووضع خطة متكاملة عند الأهل تقوم على تعليم أبنائهم مهارات الخط العربي، وخط الرقعة والنسخ والمزج بين الألوان، وتعوديهم على قراءة الكتب، والحصول على المعلومات منها، والجلوس في المكتبة بشكل دوري.

الاستخدام الصحيح

وأكد المعلم هاشم ريان، أن الآيباد من الوسائل التعليمية الحديثة ولها مميزات عدة، إذ تساعد الطلبة في تلقي المعلومات بسرعة ويسر، وتعزز لديهم المبادرة في التعلم الذاتي، وكسب المزيد من المعارف وإثراء ثقافتهم اليومية سواء في المدرسة، أو البيت، كما يقلل من الكتب في الحقيبة المدرسية التي تشكل عبئاً عليهم، مشيراً في ذات الوقت إلى صعوبة الاستغناء عن الطرق التقليدية في التدريس كالكتاب الورقي، والكتابة بالقلم، خاصة في مادة اللغة العربية التي تصقل مواهبهم في فن التعبير والمقالات، والتمتع بجمالية الخط العربي الذي يعتبر فناً قائماً بذاته.
وأشار إلى ضرورة التوجيه الصحيح للطلبة في المدرسة والبيت بتقنين وتوظيف استخدام الآيباد لأغراض تعليمية تؤدي إلى توسيع مداركهم وخبراتهم، والابتعاد قدر الإمكان عن التسلية والترفيه، حيث من المهم أن يبحثوا عن المعلومة في الآيباد والاستعانة بالكتب لتعميقها داخل عقولهم، مع ضرورة المواءمة بين استخدام الكتب الورقية والآيباد كوسيلة مساعدة، في العملية الدراسية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"