عادي
رؤى سعيد حجاج:

الإعلام لا يهتم إلا بمسرح الستينات

03:43 صباحا
قراءة 5 دقائق
القاهرة: الخليج

لماذا يستدعي الذهن صفة «مشاكس»، إذا ما حضر اسم الكاتب المسرحي سعيد حجاج؟ سؤال طرحه أحد النقاد، وهو يعرض لتجربة حجاج في الكتابة للمسرح، وهو لديه ينضم إلى قائمة من العصاميين، الذين يكفيهم قرار بأن يكونوا كتاباً في بناء مشروع، قوامه التحصيل الذاتي والدأب، بهمة لا تعرف رفاهية الخجل، فما إن يعجب سعيد حجاج بنص حتى يعيد كتابته، فعلها مع رواية بهاء طاهر «خالتي صفية والدير»، واختار هذه الرواية لاتفاقه معها في وجهة النظر، وقد مسرحها بشكل أمين، واستعان بالعناصر المسرحية، بما لا يضر بالمعنى الأصلي، وفعلها أيضاً مع صمويل بيكيت في مسرحيته «في انتظار جودو» و«ليلة عرس»، للروائي الراحل يوسف أبو رية.
كتب سعيد حجاج ما يزيد على 40 نصاً مسرحياً، منها ما نشرته الهيئة العربية للمسرح بالشارقة، تحت عنوان: «ثلاث مسرحيات من زمننا»، ويضم: «ألم الوقت - القفص - نبض التماثيل»، ويقدم لهذا العمل الناقد المغربي د. حسن اليوسفي قائلاً: «إن تجربة سعيد حجاج في الكتابة الدرامية تعد إضافة نوعية للريبرتوار المسرحي العربي، لأنها تختار أسلوباً مميزاً، تبرز من خلاله مهارات الكاتب في إبداع نصوص قصيرة، تعالج حالات ومواقف وأفكاراً محددة بعناية، بمنظور إنساني».. هنا حوار مع الكاتب المسرحي سعيد حجاج.

كيف بدأت رحلة صعودك إلى خشبة المسرح كاتباً ومؤلفاً؟

- أحببت المسرح من خلال الفرجة، وبدأت حياتي التمثيلية في مراكز الشباب مع الفنانين أحمد ماهر وفكري سليم، وهذا ما زرع محبة المسرح بداخلي، وقد كتبت أربع مسرحيات للأطفال، هي «كلني يا مولاي، وحنان في بحر المرجان، وشر الطريق، وأراجوز وأرجوزته»، هذه المسرحيات عرضت في أماكن متعددة، إضافة إلى مشاركتي في لجان التحكيم، سواء في مصر أم الخارج، كما كنت عضواً في لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة من 2009 إلى 2011 وتوليت إدارة نوادي المسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة.
كنت أكتب الشعر في تلك الفترة، ووجدت أن المسرح قريب من الشعر، وكنت دارسا له، فانتقلت إليه، واستفدت كثيراً من علاقتي بالشعر، لأن جزءاً كبيراً من البنية المسرحية قائم على التكثيف، إلا أن المسرح يحتاج إلى حرفية أكثر، كما أنه يقوم على الإطار الدرامي، وقد وسع الشعر من رؤيتي للدراما ذاتها، فتعاملت مع مدارس متعددة.

هل تنحاز إلى اتجاه مسرحي بعينه؟

- كل فكرة تفرض شكلها في الكتابة، وإن كان الشكل الأكثر تميزاً وأرغب في كتابته دائماً هو «مسرح العبث واللامعقول»، ولدي نصوص مثل: «اثنان آخران في انتظار جودو»، وهي معزوفة على «انتظار جودو» لبيكت، وكذلك مسرحيات «احتفال خاص على شرف العائلة، والعشاء الأخير، وفانتازيا العالم الرابع».

أين الجمهور في هذه المعادلة؟

مسألة الجمهور متعلقة بذهنية المخرج والإنتاج وأسماء الممثلين، المؤلف ليس هو المتحكم الوحيد في علاقة الجمهور بالنص، ومع ذلك أحب الكتابة في مجال مسرح العبث، فهو مثل كل الأنواع المسرحية يخاطب العقل والوجدان، وليس هناك مسرح يرضي جميع الأذواق، مسرح العبث محمل- طوال الوقت- بالفلسفة الوجودية، وهو مسرح يناقش الجوهر الإنساني وعلاقاته المعقدة في الحياة.

فرص

هل حظيت أعمالك المسرحية بنصيب جيد من العرض على الخشبة؟

- أتيحت لي فرص لعرض أعمالي في مراكز الشباب ومركز الهناجر ومسرح السلام ومسرح الطليعة، ربما هذه الفرص لم تمنح لكثير من كتاب المسرح المهتمين بالكتابة المسرحية، حاولت أن أوجد توازناً بين علاقتي بالشعر والمسرح.

هل ظلم الإعلام جيل الثمانينات الذي تنتمي إليه؟

- الآلة الإعلامية لا تأبه إلا بمسرح الستينات أعتقد أن جيلنا لم يأخذ حقه، بالرغم من أنه أكثر الأجيال التي اهتمت بفكرة الفرجة المسرحية، ولا يوجد جيل حصل على مثل هذه الجوائز على المستوى العربي، مثل جيلي، ربما المؤسف أن هناك عدداً كبيراً مميزاً من المسرحيين في الأقاليم لم يأخذوا حقهم نظراً لمركزية القاهرة الثقافية.

غياب الرؤية

ما الذي ينقص المسرح حتى يعود إلى ازدهاره؟

- ينقص المسرح في مصر أن تكون له استراتيجية، أن يتكئ على أعمدة، المشكلة في المسرح المصري، أنه لا يقوم على رؤية محددة، فمسرح الستينات كان قائماً على استراتيجية، تساندها الدولة المصرية، ولولا ذلك ما كان يمكن أن يصلنا منه شيء، في هذا الوقت كانت البعثات المسرحية لأوروبا؛ حيث يعود المخرج محملاً بالكثير من الآليات المسرحية أمثال سعد أردش وكرم مطاوع وسمير العصفوري ونبيل الألفي وحمدي غيث وغيرهم.

هل تعتبر أن مهرجانات المسرح مهمة؟

- لا أحد يستطيع أن يتغافل عن جدوى وتأثير انطلاق المهرجان الدولي للمسرح في القاهرة على أجيال عدة في مصر ما زالت متأثرة بما كان يقدم خلاله من تجارب عالمية، ومثلما كان له العديد من الأيادي البيضاء على المسرحيين، كان له أيضاً تأثير شديد السلبية على شباب المسرح.

كيف ترى جائزة الشارقة التي فزت بها من قبل؟

- طبعاً كنت سعيداً بالجائزة الممنوحة لي من الشارقة عن عملي (بيت العزلة بيت الريح)، لأن الجوائز تعطي دفعة كبيرة لكاتب المسرح في بداياته؛ بحيث تجعله أكثر إيماناً وأكثر بحثاً عن جوهر المسرح، هذا إضافة إلى ما أتاحته الشارقة لي من الاطلاع وقراءة المسرحيات الفائزة من بلدان عربية كثيرة، وكذلك ما حدث من تقارب وتعارف بين الكتاب العرب الفائزين بالجائزة.

وماذا عن تجربتك في مسرحة الرواية التي بدأت لديك ب«خالتي صفية والدير»؟

- كانت «خالتي صفية والدير»، لبهاء طاهر فاتحة علاقتي بمسرحة الرواية؛ حيث مسرحت بعدها روايات عدة وقصصاً قصيرة منها على سبيل المثال لا الحصر «السراية الخضراء» للكاتب البرازيلي «ماشادو دى أسيس»، وكذلك «ليلة عرس» ليوسف أبو رية، وكانت «خالتي صفية»، هي التجربة الأكثر تميزاً بالنسبة لي؛ حيث أخرجها المخرج الكبير ناصر عبد المنعم، وكان من أبطالها النجم خالد صالح، رحمه الله، والنجم محمود عبد المغنى والفنانة داليا إبراهيم، وتناولتها الدكتورة أسماء يحيى الطاهر عبدالله في رسالتها للماجستير.
أما عن عملي المسمى «آخران في الانتظار»، والذي قدمه المخرج حمادة شوشة على مسرح الطليعة منذ شهور قليلة، فلم يكن إعداداً أو اقتباساً أوما إلى ذلك من مسميات، لكنه كان مسرحية قائمة بذاتها، ولم أستعر من صمويل بيكيت سوى المكان الذي قدم فيه مسرحيته الأهم «في انتظار جودو»، وجعلت شخصياتي تنتظر هي أيضاً «جودو»، الخاص بها وتتناول قضايا العربية الخالصة، لكن بفلسفة مغايرة لتلك الفلسفة العدمية التي تبناها بيكيت.
بقدر ما كانت هذه التجربة شديدة الاختلاف، إلا أنها جعلتني الكاتب العبثي الأهم في المسرح المصري؛ حيث طغت الصبغة العبثية على العديد من أعمالي الأخرى.

أزمة المسرح الشعري

علاقة صلاح عبد الصبور بالمسرح عميقة، خاصة بعد ترجماته لإليوت، صلاح أفضل من كتب المسرح الشعري، وألقى ظلالاً للقضايا الواقعية في مسرحه، وقد صنع تاريخاً للمسرح الشعري في مصر من خلال مسرحياته الخمس التي كتبها، المسرح الشعري أصبح مكلفاً إنتاجياً بشكل غريب جداً، والممثلون ليست لهم علاقة باللغة الفصحى الآن، ولن يستطيع أحد استيعاب المسرح الشعري في الوقت الحالي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"