عادي
وجوه من الإمارات

شيخة الناخي.. رائدة القصة القصيرة

03:34 صباحا
قراءة 4 دقائق
الشارقة: عثمان حسن

القاصة شيخة مبارك الناخي.. ذاكرة أدبية خصبة، هادئة ومتواضعة.. وهي صاحبة أول مجموعة قصصية في الإمارات بعنوان «الرحيل» التي صدرت في عام 1970.
كانت البيئة التي نشأت فيها الناخي من الأسباب التي أدت إلى إصابتها - إن جاز التعبير - بداء الإبداع، فوالدها، واحد من الرواد الأوائل، وأحد المتنورين في أربعينات وخمسينات القرن الماضي، عمل مدرساً، وكان شاعراً فصيحاً، ومتنوراً في مجال الدين، وذا حس وطني، انعكس في قصائده التي كتبها.
تعتبر شيخة الناخي، بحسب كثير من الكتاب الإماراتيين، من المثقفات الأوليات في الدولة اللواتي أسهمن في إثراء الحركة الثقافية، ولهذا كرمها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بوصفها من أوائل من كتب القصة القصيرة في الإمارات، حيث تسلمت من سموه قلادة أوائل الإمارات.
من الواضح أن الفترة الزمنية التي عاشت فيها شيخة الناخي، كانت من أخصب الفترات في التاريخ الثقافي العربي، كان المثقفون العرب على موعد مع خصوبة إبداعية تطال كافة مجالات الأدب من شعر ورواية وقصة، إننا نتحدث عن سبعينات القرن الفائت تلك الحقبة التي وصفت بزمن التحولات السياسية والاجتماعية في كامل الخليج والوطن العربي، وكان المناخ العام المشحون بالتطلع إلى الحرية، من العوامل التي رسخت للجودة والتميز، كانت الصالونات الأدبية العربية منتشرة في كافة العواصم العربية، وكانت دور النشر العربية نشطة في تزويد الكتاب والمثقفين بأبرز النتاجات الأدبية والفكرية في العالم من خلال الترجمة.. في ظل هذه الأجواء المنفتحة على الثقافة، كانت الإمارات بدورها واحدة من الدول التي نشأت فيها مناخات مشابهة على صعيد المجلات الثقافية، والصحف والمكتبات، وكانت الهموم السياسية والاجتماعية تلعب دوراً في تحفيز الهمم الثقافية لكتابة كل ما هو جديد، ومن حسن حظ شيخة الناخي أن عايشت هذه الأجواء يضاف إليها تلك التجربة الخاصة لشيخة الناخي التي نشأت في ظل أسرة كان رب العائلة فيها رجلاً مثقفاً، حفز في ابنته نزعة القراءة المبكرة، وهو الذي حولها إلى قارئة نهمة تتميز بنزعة وفضول معرفي وشغف مطرد لاستكشاف كنوز الأدب العربي وسبر أغواره.
كان الهم الاجتماعي المحلي واحداً من الموضوعات الرئيسة التي استرعت اهتمام شيخة الناخي، وكان وضع المرأة هو الأبرز، من هنا، كانت البداية، كانت شيخة الناخي تريد أن ترتفع بالمرأة الإماراتية من حيث التعليم والصحة والتطور، وقد توقفت كثيراً عند معاناة كثير من الأمهات، فكانت مجموعتها القصصية «الرحيل» فاتحة لمجموعات قصصية أخرى مثل «رياح الشمال» و «العزف على أوتار الفرح».. التي طرحت فيها جانباً من هموم المرأة الإماراتية ومعاناتها داخل الأسرة والمجتمع، انتقدت شيخة الناخي بعض الأعراف الاجتماعية السلبية التي تنال من شخصية المرأة كقضايا الطلاق، وغلاء المهور، وظاهرة الزواج من الأجنبيات، فضلاً عن تركيزها على العديد من الظواهر الاجتماعية، في ظل التحولات الحضارية والاقتصادية والسياسية التي أثرت في الفرد والمجتمع، وفي هذا الخصوص، تقول: «أنا ابنة بيئتي ومجتمعي، أتعايش مع محيطي وأتفاعل مع تفاصيله، وما أحمله من مشاعر جيّاشة وإحساس مرهّف يدفعني عادة إلى التأثر بمن حولي والتعاطف مع صورهم الإنسانية، فأستشعر أجزاءً من همومهم وأتبنى بعضاً من قضاياهم، لأنتقي نساء حكاياتي بتأمل وتحليل، وأعرض تجاربهن بعمق وحميمية، موظفة روافد من فضولي، إنصاتي، ومشاهداتي، مع شيء من رؤاي وخيالي، بحيث أنسج منها جميعاً خيوطاً وخامات لشخوصي وبطلات قصصي وبنات أفكاري».

وللوطن قصة

كانت شيخة الناخي تعيش مرحلة انتقال الإمارات في عصر جديد، ولكونها عملت في التدريس نحو 25 عاماً، فقد رأت أن توظف موهبتها الإبداعية مستفيدة من نماء وتطور قطاع التعليم، لتكتب عن طموحاتها في غد أفضل يكون للمرأة الإماراتية فيه نصيب، ومشاركة، هنا، نتحدث عن نزعة وطنية مطرزة بحب بلدها الإمارات، وهنا، بوابة وخطوة، ارتأت شيخة الناخي أن تكون الكتابة الإبداعية وسيلة وهدفاً لترجمة رغباتها العارمة في التجديد والتطور.
تصف شيخة الناخي هذه المرحلة، لتترجم إحساسها وتكتب هواجسها لتطوير قطاع التعليم وتخريج فتيات طامحات، وواعيات وتخريج متعلمات مثقفات اللواتي أثبتن جدارتهن في السنوات اللاحقة.
لم تكن رحلة شيخة الناخي مفروشة بالورود، فقد واجهتها الكثير من التحديات على المستويين الشخصي والمهني، لكنها إصرارها على ترجمة أفكارها إلى طموحات ووقائع حفزها لبذل المزيد، هكذا، كانت الكتابة عندها كاشفة لكثير من الممارسات الاجتماعية الخاطئة، التي رأت أن وطنها وهو يرتقي في سلم التطور والتعليم، أجدى بأن يحتضن المواهب، ويرتقي بالمرأة، ويحسن من ظروفها الاجتماعية بدعم من القيادة الرشيدة التي تمد يدها للنساء، وتشجعهن على المبادرة والمشاركة في صنع مستقبل الإمارات إلى جانب الرجل.

إضاءة

تعبر شيخة الناخي عن اعتزازها بباكورة أعمالها «الرحيل» التي حصلت على الجائزة الأولى في مجال كتابة القصة التي نظمتها وزارة الشباب في حينه.
وفي رصيد شيخة الناخي الكثير من الجوائز والتكريمات، منها جائزة الشيخ خليفة بن زايد للمعلم 1997، وجائزة الشارقة للتميّز التربوي، إضافة إلى تكريم اتحاد كتاب الإمارات لها.
وشيخة الناخي حاصلة على ليسانس آداب جامعة الإمارات عام 1985، ونالت دبلوماً عاماً في التربية جامعة الإمارات، وهي عضوة اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، وقد ترأست رابطة أديبات الإمارات في أندية الفتيات في الشارقة، كما أسهمت خلال انضمامها إلى نادي المتنزه للفتيات عند تأسيسه في عام 1982، حيث أصبحت عضوة مجلس إدارته ورئيسة لجنته الثقافية، في تأسيس رابطة أديبات الإمارات أواخر الثمانينات، حتى أُسست فعلياً عام 1990، وتسلمت رئاسة مجلس إدارتها في ذلك الوقت.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"