عادي
أسسها محمد بن راشد فأصبحت مؤسسة رائدة في سباقات الخيل

«جودلفين» تاريخ من الإنجازات العالمية والأسماء الأسطورية

03:39 صباحا
قراءة 7 دقائق

إعداد: أحمد عزت
يشتهر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله» بحبه العميق للخيول، وسموه شديد التعلق بالخيول التي ظلت تشكل جانباً أساسياً من حياته منذ الصغر. عندما كان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم صغيراً تعلم كيف يقرأ رمال الصحراء، وكيف يقتفي أثر بعير من بين قطيع يضم مئات الإبل، وكيف يفهم إيقاع الطبيعة حتى يكون في حالة انسجام ووحدة مع مخلوقات الصحراء.
استأثرت الخيول بالنصيب الأوفر من عهود الصبا في حياة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وقد شارك سموه في السباقات لأول مرة وهو في الثانية عشرة من عمره، وكان سموه ينجذب نحو الخيول الجامحة، حيث اكتسب شهرة واسعة في السيطرة على الخيول البرية العصية والتي كانت تعتبر غير قابلة للتأديب وللتدريب في نظر الآخرين.
وفي عام 1966 سافر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للدراسة في كامبريدج بالمملكة المتحدة، وسكن مع أسرة إنجليزية، وكانت سباقات الخيل والقضايا التاريخية محوراً للنقاش مع أفراد تلك الأسرة، حيث كان يحلو لسموه أن يقول لمضيفيه إن أكبر الفحول تأثيراً في سباقات الخيل البريطانية كان خيلاً عربياً اسمه «جودلفين آرابيان».
وبعد أكثر من 40 عاماً خلت، فإن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هو القوة الدافعة والروح الملهمة لفريق جودلفين الذي تطور حتى أصبح مؤسسة رائدة في سباقات الخيل العالمية.
وبمعزل عن المسؤوليات الجسام التي يتولاها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في الشأن العام للدولة، إلا أن عاطفة سموه تجاه الخيول تطورت إلى استثمارات واسعة في تربية الخيول حتى أصبحت هناك كوكبة كبيرة من الأبطال التي فازت بعدد لا يحصى من سباقات الفئة الأولى في جميع أنحاء العالم، ومن الخيول الرائعة التي ازدانت سيرتها بشعار سموه نجد كلاً من: دومنيندو، إنديان سيكمر، بيلميز، أولد فيك، أوبرا هاوس، كارنيجي، بنيكامب وسينغسبيل وغيرها.
في عام 1992، تحدى سموه الأعراف التي كانت سائدة عالمياً، وذلك بحكم فراسته وبصيرته الثاقبة وفهمه العميق لإيقاع الطبيعة، حيث اتخذ خطوة ثورية جريئة تركت أصداء واسعة في عالم سباقات الخيل عندما قام سموه بنقل خيوله من شتاء بريطانيا القارس إلى طقس دبي الدافئ، وهي الفكرة العبقرية التي استلهمها سموه من هجرة الطيور إلى المناطق الدافئة خلال فصول الشتاء. النتائج المباشرة لتلك الخطة كانت مذهلة، وكانت بمثابة البذور التي أنبتت فريق جودلفين.
لقد ازدهرت الخيول تحت شمس دبي الدافئة خلال فصل الشتاء، وحقق المشروع الوليد باكورة إنجازاته العالمية في سباقات الفئة الأولى عندما أهدت الفرس «بلانشين» فريق جودلفين فوزه الأول في السباقات الكلاسيكية عندما انتزعت لقب سباق الأوكس الإنجليزي بمضمار إبسوم في إنجلترا عام 1994.
ومع قيام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم باتخاذ جميع القرارات الرئيسية، فإن فريق جودلفين أهدى سباقات الخيل العالمية نخبة من أجود وأروع خيول السباقات التي عرفتها المضامير من أمثال لم ترى، ديلامي، فانتاستيك لايت، ستريت كراي، سولماني، دبوي، رامونتي، وغيرها من الخيول الأبطال.
ويعد المهر الأسطورة «دبي ملينيوم» هو الحصان الأعظم في مسيرة جودلفين، والبطل المفضل لدى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وقد سجل تسعة انتصارات من 10 مشاركات، وحقق فوزاً تاريخياً مثيراً بلقب أغنى سباق للخيول بالعالم، كأس دبي العالمي عام 2000.
منذ البداية، كان سموه عازماً على أن تكون هوية فريق جودلفين عالمية التوجه، وبالفعل كانت كذلك، حيث نجح الفريق في الفوز بسباقات الفئة الأولى في 12 بلداً، وإضافة إلى ذلك فإن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يعتبر من أكبر المشترين للخيول في أشهر المزادات العالمية، كما أنه يمتلك ويدير عمليات واسعة في تربية الخيول من خلال مزارع دارلي التي تتقدمها إسطبلات دلهام هول التي أسسها سموه في نيوماركت بإنجلترا، إضافة إلى مزارع لتربية الخيول تقف بها أفضل الفحول في كل إيرلندا، وأمريكا، وأستراليا، واليابان.

جودلفين آرابيان


«جودلفين آرابيان» يعرف أيضاً باسم (جودلفين بارب) حصان مولود في اليمن في العام 1724م من نسل (جفلان)، وهو مهر بني اللون، مع حجل في قدمه الخلفية اليمنى، ويبلغ ارتفاعه 14.3 شبر.
تم تصديره إلى تونس عن طريق سوريا كأحد أربعة خيول مهداة من بيه حاكم تونس إلى ملك فرنسا، وتم أخذ ثلاثة من هذه الخيول إلى غابات منطقة بريتني في شمالي فرنسا لتجهيزها لتحسين السلالة المحلية، والرابع وهو «جودلفين آرابيان» يعتقد أنه استخدم في سحب عربة في شوارع باريس حيث قيل إن البريطاني إدوارد كوك اشتراه حينما كان عمره 6 سنوات مقابل 3 جنيهات استرلينية، غير أن مصدراً آخر يشير إلى أن كوك حصل على الحصان عن طريق محكمة فرنسية من خلال دوق لورين، وأي الروايتين كانت صحيحة، فقد أرسل كوك الحصان الذي اشتراه إلى ضيعته في لونفورد هول في داربي شاير.
عند وفاة كوك في العام 1733 حيث كان عمره 32 عاما فقط، أوصى بميراثه من الخيول إلى روجر وليامس، صاحب مقهى سانت جيمس في لندن، والذي عمل أيضاً كعميل في تجارة الخيول، ومن ثم باع وليامس ذلك الجواد العربي، يعتقد أن اسمه آنذاك كان (شامي)، إلى فرانسيس، وهو الدوق الثاني لجودلفين، ومن ثم عرف الخيل بعد ذلك باسم «جودلفين آرابيان».
وطبقا لروايات منقولة عن شهود عيان، يقال إن فايكومتيه دو مانتيه، الذي رأى الجواد في فرنسا، وصفه بأنه يتمتع بقوام جميل، ومتناسق بشكل رائع مع العرقوب الضخم، ويتصاغر بشكل جيد مروراً إلى أسفل، وأرجل من حديد.
وأشار إلى أن عيبه الوحيد أنه جامح، وأن أرجله الخلفية عريضة على الرغم من أنها تتضاءل إلى النصف، وأن ذيله مرفوع في انسجام صادق مع طبع الحصان العربي الأصيل، علماً أن حالته البائسة عند رؤيته في ذلك الوقت ربما كانت بسبب رحلته من تونس.
وفي وقت لاحق هيمن ثلاثة من أبناء «جودلفين آرابيان» على قوائم الفحول لنحو 20 عاماً، وكان «كيد» متصدراً لقوائم الفحول خمس مرات، ونجح «ريغولاس» في تصدر القائمة ثماني مرات، وتصدرها «بلانك» ثلاث مرات، غير ان ابنه «ماتشيم» فائز في 8 سباقات وتصدر القائمة ثلاث سنوات متتالية.
نفق «جودلفين آرابيان» في غوغ ماغوغ بالقرب من كامبريدج في ديسمبر 1753 عن عمر يبلغ 29 عاماً، ودفن بوقار تحت مدخل في الإسطبل، وتم وضع حجر للدلالة على موقع قبره والذي ما زال موجوداً حتى اليوم في منطقة واندلبري رينغ، وقيل إن قطة الإسطبل (غريمالكن) التي تظهر دائماً في اللوحات الخاصة بالحصان وارتبطت معه بصداقة دامت طويلاً، نفقت من فرط الحزن بعد فترة قصيرة من نفوق الحصان.

جودلفين في سطور

فريق جودلفين يمثل دبي حقاً. في نقطة تحوّل حقيقية منذ البداية، ظل فريق جودلفين الخاص بعائلة آل مكتوم، ينشر القيم الجوهرية الحقيقية لمدينة دبي في كافة الأنحاء، وذلك من خلال فوزه بأغلبية السباقات الكبرى على امتداد مسيرته الظافرة.
ويجسد فريق جودلفين فكرة ريادة دبي بكافة أبعادها ويلعب دوراً رائداً في تمثيل الإمارة الناهضة وتقديمها في أفضل صورة ممكنة إلى العالم أجمع.
والفريق الذي تأسس عام 1992 بحفنة صغيرة من الخيول، برز بسرعة كبيرة وتبلور كأحد مراكز القوى في رياضة السباقات وشرع فوراً في تبديد التحيز المتواصل الذي كان سائداً لفترات طويلة حول كيفية وإمكانية تدريب أروع خيول السباقات.
بإشراف المدرب العالمي سعيد بن سرور وزميله المدرب شارلي آبلبي، فإن خيول جودلفين تستمتع وتنعم بمزايا طقس دبي الدافئ خلال شهور الشتاء.
المقر الرئيس للمدرب سعيد بن سرور في موطنه يقع في إسطبلات القوز في ضواحي مدينة دبي، فيما تقيم الخيول التي يشرف عليها المدرب شارلي آبلبي في إسطبلات جودلفين بالمرموم الواقعة بوسط الصحراء. تلك الخيول تتاح لها فرصة المنافسة وخوض السباقات بمضمار ميدان في دبي خلال كرنفال كأس دبي العالمي الذي يستقطب نخبة متميزة من أروع خيول السباقات من مختلف أرجاء العالم.
خيول جودلفين تنتقل إلى مقرها الصيفي في إنجلترا خلال شهر أبريل/نيسان في إسطبلات جودلفين بنيوماركت حيث مقر المدرب سعيد بن سرور، وإسطبلات مولتون بادوكس القريبة بإشراف شارلي آبلبي.
إن إنجازات خيول جودلفين العالمية، واكبت على نحو صريح الطموحات المبكرة للفريق وحملت الشعار الأزرق الملكي إلى الفوز بأكثر من 200 سباق من الفئة الأولى تتوزع على 12 دولة مختلفة تقع في أربع قارات هي (آسيا، أستراليا، أوروبا وأمريكا الشمالية).
الخيول التي ساهمت في صنع تلك الإنجازات الرائعة، حظيت أغلبيتها بقيادة متقنة من فارس جودلفين فرانكي ديتوري، وتشمل بعض الأسماء اللامعة من أمثال، بلانشين، لم ترى، ديلامي، سوين، هالينج، كيف ترى، فانتاستيك لايت، مارينبارد، سخي، ستريت كراي، شمردل، كاسيا، دبوي، بلو بنتنغ، فضلاً عن الأسطورة دبي ملينيوم.
خيول جودلفين كسبت أكثر من 60 سباقاً كلاسيكياً في أوروبا ودولة الإمارات، كما سطر الفريق انتصارات باهرة في أعظم السباقات بأمريكا الشمالية تشمل أربعة انتصارات في حفل سباقات بريدرز كب لعل أبرزها فوز كل من «ديلامي (1999)، و«فانتاستيك لايت» (2001) بسباق بريدرز كب تيرف.

انتصارات في كل مكان

تماشياً مع التوجهات العالمية الرائدة، فإن فريق جودلفين أثبت وجوده بالساحة العالمية وسطر أربعة انتصارات باهرة في سباقات كاثي باسيفيك العالمية بهونج كونج، فيما حقق النجم «هارت ليك» انتصاراً مبكراً في الفئة الأولى باليابان عندما أحرز عام 1995 جائزة سباق ياسودا كينان.
وخلال السنوات الأخيرة أضاف «غرانديرا» عام 2002 لقب سباق الفئة الأولى كأس طيران سنغافورة الدولي، بينما تألق «أول ذا واي» عام 2008 واقتنص جائزة سباق الفئة الأولى بي إم دبليو كولفيد كب ذو المستوى الرفيع، فيما سيتواصل استهداف الفريق للسباق الأشهر في ذلك البلد وهو سباق طيران الإمارات
ملبورن كب.
فريق جودلفين أسسه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ولا يزال سموه يمثل القوة الدافعة والمحركة للفريق الذي يستمد اسمه من الجواد الأصيل «جودلفين آرابيان»، أحد ثلاثة فحول مؤسسة جرى توريدها إلى إنجلترا قبل 300 سنة تقريباً وهي الفحول التي تنحدر منها جميع خيول الثروبريدس الحديثة.

8 نجوم بكأس العام

نال فريق جودلفين شرف الفوز بلقب أغنى سباق للخيول في العالم، وهو سباق الفئة الأولى كأس دبي العالمي الذي تبلغ قيمة جوائزه المالية 10 ملايين دولار أمريكي، ثماني مرات بواسطة كل من سنجسبيل (1997)، دبي ملينيوم (2000)، ستريت كراي (2002)، موون بلد (2003)، إلكتروكيوشنست (2006) ثم «مونتروسو» عام (2012) و«أفريكان ستوري» (2014) وأخيراً «برينس بيشوب» في العام الماضي بشعار سمو الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"