وإذا كان زحل يجعل المولود جدياً وحريصاً، والمشتري يجعله عطوفاً وسمحاً وكريماً، والمريخ يجعله جريئاً لا يهاب المخاطر، ويفترض أن الكواكب، كما يقول الفلكيون، تمارس تأثيرها في كل سكان الكرة الأرضية من دون استثناء، فلماذا نلاحظ أن المجموعات البشرية المختلفة لها صفات تتميز بها ككل، بغض النظر عن الكوكب الموجود في طالع هذا الفرد أو ذاك منها. فالعرب مثلاً يتميزون بالكرم والجري وراء المتع الحسية، والإسبان بالميل إلى المبالغة، والأمريكيون بالغرور، والاسكتلنديون بالبخل، ولا يحد من هذا الميل لديهم وجود المشتري في الطالع، وعطارد بكل قدرته على شحذ الفكر لا يتمكن من تنشيط ذهن رجل لا يرغب في إرهاق نفسه بالتفكير.وأخطر ما يفعله الفلكيون هو أنهم يسحبون منا كل الفضائل ويقولون لنا إنها صفات منحتنا إياها النجوم، ومن ذلك: الاعتدال والصدق والشجاعة والنخوة وحفظ الجوار والحكمة، فأنت كريم ليس لأنك تعتبر الكرم خصلة حميدة وتحب أن تعمل بها، وإنما لأن المشتري بارز في هيئتك الفلكية، والمجرم ما كان ليقدم على جرائمه لولا بروز المريخ في هيئته، وإني أتساءل: ما فائدة التربية والتعليم وصقل الشخصية إذاً، ولماذا نتعب أنفسنا في شيء لا يد لنا فيه، وحكمه في يد هذا الكوكب أو ذاك؟
أتمنى أن يعرف الفلكيون أن أشعة الكواكب التي يقولون إنها تؤثر فينا ليست هي الأشعة التي تصدر عنها حالياً، وإنما تلك التي صدرت قبل مئات وآلاف السنين، وقد وصلت إلينا الآن. كما أتمنى أن أسمع رأيهم في البرج الثالث عشر الذي اكتشفه علماء الفلك قبل سنوات.