روسيا تسدل الستار على التكنولوجيا الأمريكية

03:20 صباحا
قراءة 4 دقائق
من المرجح أن يقوم البرلمان الروسي بالحد من مشتريات الشركات العامة والوكالات الحكومية لأجهزة الكمبيوتر والبرامج ذات المنشأ الغربي، وذلك رداً على العقوبات الغربية، ما سيكلّف شركات من قبيل "مايكروسوفت"، و"هيوليت باكارد" و"آي بي إم" مليارات الدولارات . ويمكن لروسيا بالتأكيد الاستغناء عن منتجات العلامات التجارية الكبيرة، ولكن السؤال هو لماذا يتم شراء الكثير من التكنولوجيا الغربية في المقام الأول .
وتقوم اللجنة البرلمانية لأنظمة المعلومات الاستراتيجية، التي تشكلت العام الماضي قبل مغامرة الرئيس "فلاديمير بوتين" في القرم، وظلت على ما يبدو في سبات عميق لعدة أشهر بعد ذلك، الآن بالالتفات للأمر . وفي وثيقة حصل عليها زميلي "إيليا خرينيكوف" في وكالة أنباء "بلومبيرغ"، فقد دعت اللجنة لإصلاح قوانين المشتريات الحكومية للحد من اعتماد روسيا على حلول التكنولوجيا الغربية ومعداتها .
ووفقاً للبيانات التي جمعتها اللجنة، فإن أغلبية الصناعات الروسية مدمنة على تكنولوجيا المعلومات الغربية، فتجار التجزئة، على سبيل المثال، يقدّر أنهم معتمدون بنسبة 90% على التكنولوجيا الغربية، مقارنة مع 60% بالنسبة للوكالات الحكومية . ولكنها، على أية حال، الكيانات المملوكة للدولة، والوكالات الحكومية وليست سلاسل محال السوبر ماركت، ما يمثل معظم عائدات شركات التكنولوجيا الأمريكية من روسيا .
ومن بين تلك الشركات التي حددتها اللجنة، يبدو أن "هيوليت باكارد" تنجز أكبر أعمالها في روسيا، بمقدار 2 .2 مليار دولار من 4 .3 مليار دولار من عائدات أعمالها التي حققتها في العام ،2013 مع كيانات عامة أو تسيطر عليها الدولة .
وفي إبريل/نيسان أقر الفرع الروسي من الشركة بكونه مذنباً في اتهامات أمريكية بدفع رشاوى للمسؤولين الروس لتأمين ترسية عقد بقيمة 100 مليون دولار، في صفقة مع مكتب المدعي العام .
وباعت "إتش بي" في تلك الصفقة أجهزة الكمبيوتر وغيرها من المنتجات إلى وسيط روسي، وقامت بإعادة شرائها بسعر أعلى بعد دفعها رسوماً إضافية للوسيط مقابل "خدمات"، ثم قامت الشركة بإعادة بيع الأجهزة لمكتب المدعي العام . لقد عملوا بجد للحصول على أموالهم .
وقال "بروس شوارتزا"، مساعد المدّعي العام الأمريكي، في بيان: "قامت الشركات التابعة ل "هيوليت باكارد"، وشركائها في التآمر أو وسطائها، بإنشاء صندوق لدفع الرشاوى، وقاموا بإنشاء شبكة معقّدة من شركات وهمية وحسابات مصرفية لغسل الأموال، ووظفوا مجموعتين من الدفاتر لتتبع المستفيدين من الرشوة، وقاموا باستخدام حسابات بريد إلكتروني مجهولة، وبطاقات هواتف مدفوعة مسبقاً لترتيب اجتماعات سرية لتسليم أكياس من النقود السائلة" .
وحدثت تلك الشبكة من الصفقات في العام ،1999 وقد أخذ التحقيق حولها وقتاً طويلاً من المدّعين الأمريكيين نظراً لأن روسيا بلد غارق إلى حدّ بعيد في الفساد، ولأن "إتش بي" فعلت ما بوسعها لتغطية مساراتها .
ويعرف أعضاء اللجنة الروسية جيداً كيف إنه من الصعب الحصول على عقد حكومي روسي من دون دفع رشوة . ووفقاً لوثيقة اللجنة، فإن اعتماد القطاع العام الروسي على العلامات التجارية الغربية الكبيرة من شركات التكنولوجيا الغربية قاد إلى "نمو في مخططات غير قانونية تستند إلى ممارسة الرشاوى التي بدأتها شركات التكنولوجيا الغربية"، وليس من قبل البيروقراطيين الروس، وتقدّر اللجنة بلوغ الرشاوى نسبة تتراوح بين 30% إلى 40% من حجم كل صفقة .
وتقترح اللجنة علاجاً "وطنياً" هو الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات المحلية . وقد طوّرت شركات التكنولوجيا الروسية لزمن طويل البرمجيات الحساسة للمصارف، والاتصالات، وقطاع تجارة التجزئة، وبين تلك الشركات ما سيكون قادراً على استبدال معظم البرمجيات ذات العلامات التجارية الغربية، على الرغم من أنها سوف تحتاج إلى وقت لتكرار الوظيفية القائمة على منصات مفتوحة المصدر مثل "لينكس" .
سوف لن ينتهي الفساد بطبيعة الحال، وحتى إنه ستكون هناك فرصة أقل لأن يوضع تحت الضوء نظراً لأن المحققين الأمريكيين سوف لن يكونوا مهتمين .
والعصر الذهبي بالنسبة للمشغلين الروس الذين هم على استعداد للعمل ضمن هذا النظام قادم، فاليوم، وقع "بوتين" القانون الذي يحظر تخزين البيانات الشخصية للروس، من أرقام بطاقات الائتمان لرسائل البريد الإلكتروني، على خوادم خارج روسيا بدءاً من مطلع سبتمبر/أيلول من العام 2016 .
وبالنسبة للعديد من الشركات الغربية، فهذا سوف يترتب عليه تغييرات تكتونية في طريقة أدائها للأعمال، وقد تفضّل بعضها مغادرة روسيا، وسيقوم المهندسون ورجال الأعمال الروس في مجال التكنولوجيا بملء الفراغ . وهذه هي فوائد العزلة .
أما بالنسبة للشركات الغربية التي استفادت من التعامل مع الحكومة الروسية، فمن الأرجح أن تقود الحرب الباردة الجديدة إلى خسارة صغيرة في دخلها، وقد بلغ إجمالي عائدات "إتش بي" في السنة الماضية على سبيل المثال 3 .112 مليار دولار، ولكنه يمثل فرصة أمامها لإعادة النظر في أخلاقيات الشركات، وكيف إنها ظلت تعمل لسنوات وفق نظام كان يتم فيه فقط تغطية الفساد عن طريق ستار حديدي .

ليونيد بيرشيدسكي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"