روسيا في اطلالة جديدة

02:55 صباحا
قراءة دقيقتين

شكل تسلم الرئيس ديمتري ميدفيديف موقع الرئاسة الروسية خلفا للرئيس بوتين، إشارة استمرارية للنهج البوتيني الهادف لدور روسي فاعل على الساحة الدولية، مع التأكيد على أن بوتين رتب المسرح لخليفته ورئيس وزرائه السابق، دون أن يخرق الدستور، سواء بالتمديد أو التجديد لنفسه، معطياً الانطباع وبحرفية عالية عن تمسكه بالثوابت الوطنية التي يمثل الدستور قمتها القانونية، ما أسكت كل الأبواق المعادية لروسيا التي وصفته بالقيصر أو الدكتاتور الجديد، وخلق جواً من الارتياح في المجتمع الروسي الذي سأم المتغيرات العنيفة والسريعة منذ تفكك امبراطوريته عام 1991والرئيس بوتين ومنذ استلامه سدة الحكم عام ،2000 وهو في صراع قاتل مع كل القوى الطفيلية التي سيطرت أو سرقت أو تمكنت من الاستحواذ على موارد الدولة الرئيسية، مثل النفط والغاز والصناعات الثقيلة، جراء المتغيرات العنيفة بعد عام 1991. وقد تكللت جهوده بالنجاح بعد أن أعاد ملكية هذه الثروات للشعب، ووضع سراقها تحت طائلة القانون، وبما أعاد الكثير من هيبة الدولة التي تدحرجت أيام الرئيس يلتسين الى الحضيض، جراء المافيات والعصابات التي أحاطت به واستفادت من سلطته. وإذا كان يحسب للرئيس بوتين من فضيلة لحماية أمن روسيا، فإنه استطاع رغم أوضاع روسيا القلقة من إفشال المسعى الأطلسي للتوسع شرقاً، مؤكداً قدرة روسيا المتعاظمة بوجه هذه المخططات وعدم تراجعها في تصعيد الموقف في حالة كونه يشكل تهديداً لأمن روسيا وسلامتها، رغم عدم تراجع الولايات المتحدة عن نيتها بنصب قواعد للدرع الصاروخية في بولندا ومحطات رادار متطورة في تشيكيا.

إن روسيا تمكنت في مرحلة بوتين الرئاسية، من إعادة تجديد نفسها بشكل هادىء، بنسخة أكثر اعتدالاً من التجربة السوفييتية، ما أهّلها لأن تضع بصمتها على الكثير من القضايا العالمية التي غابت عنها أيام الفوضى، ما أعطى الانطباع عن مخاطر عودة الحرب الباردة. وتقديرنا أن العالم ومنذ هيمنة الولايات المتحدة على المسرح الدولي بعد عام ،1991 باتت أوضاعه أكثر قلقاً ودموية عما سبقها. والواقع يؤكد أن شعارات الديمقراطية وحقوق الانسان ومزايا العولمة التي رفعها الغرب، لم تجن منها الشعوب سوى المزيد من الحروب والهيمنة وانتهاكات حقوق الانسان والقانون الدولي، وربما في ضوء هذا الواقع قد يأتي اليوم الذي تصبح عودة الحرب الباردة مطلباً عالمياً ملحاً. إن التركة القوية والمتماسكة التي استلمها ميدفيديف تستوجب الدفع بتطوير وتائرها وتعظيم قدراتها بما يمكن روسيا من أخذ استحقاقاتها بالكامل وبإطلالة جديدة، تمكن الجميع من الحد من الانفراد الأمريكي المنفلت والعدواني.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"